إبراهيم حالي - تداعيات ذاكرة مثقوبة

انفصلت عني دمائي
فانسكب وجهي دون ماء

تبخرت من بين اصابعي انفاسي
بعد ان تقطعت اوصال
وطني وسالت دماؤه
في الصحراء وفي الفيافي
تيتمت شوارعه وسكنتها الاشباح
وسممت اركانه الافاعي
وتهتكت شراينه في المنافي

انفصلت عني دمائي
انسكب وجهي دون ماء

وقحلت روحي وتشتت كذرات الرمال
وتيبست خطواتي علي الطرقات اليباب
و تخاطفت روحي دروب السراب
كلما حاولت التقدم
هربت مني خطواتي
و اختارت التلاشي و الغياب
وتبعثرت بلا وجهة او عنوان
ورمتني في احضان المآسي

انفصلت عني دمائي
وانسكب وجهي دون ماء

بعد ان فجروا خدود *اسمرا البنفسجية
و ارضعوها كل صنوف العذاب
لم تعد تؤلمني الجراح
لم يعد الموت يخيفني
بقدر ما ترعبني الحياة
حتي بلاد الغرب
لم تعد تغريني انوثتها المبتذلة
ولا تطربني اوتارها المدوزنة
فأنا قطع مبعثرة متناثرة من الماضي
لم تجد لها لحناً بدوزنها
في اوتار هذا الزمان
ولم تتسع لها ارضاً
ولا حلماً
ولا مكان
فكلما اعلنت توبتي عن الشوارع التي لا تعرفني
شدتني اليها بأياديها القاسية
وهي تلوح اليّ ببعض من الخبز
ووفير من الذل وشئ من الامان
و تنظر اليّ بكل ازدراء وتعالي

انفصلت عني دمائي
و انسكب وجهي دون ماء

تلاشت عن الذاكرة مدني وتاريخها
و خانتني ذاكرتي وذكرياتي
وغادرت وجهي ملامحي و سحناتي
و انسلخت عني جيناتي
وسكنني الخواء والعدم وتوغلت فيّ آهاتي
فأنا مجرد شبح او هلامي تتخاطفه شوراع الاقدار
وامواج الغربة العاتية
فلم اعد اشبهني
ولم يعد ليّ وطن
ولا لحن
ولا اغنيات
ولم تعد ليّ حتي ذكريات



هامش
*اسمرا هي عاصمة ارتريا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى