سلوى ادريسي والي - الأحلام

لقد تساءل الفلاسفة منذ قرون عن معنى الأحلام أثناء النوم. وقد تباينت آراؤهم حول هذا الموضوع، ولكن يمكن تقسيمها إلى ثلاث مجموعات رئيسية:

التفسير النفسي

يرى الفلاسفة الذين يتبعون التفسير النفسي أن الأحلام هي وسيلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر المكبوتة في العقل الباطن. ويعتقدون أن الأحلام يمكن أن تقدم لنا رؤى عميقة حول أنفسنا ورغباتنا ومشاكلنا.

من أشهر الفلاسفة الذين تبنوا هذه النظرية فرويد، الذي اعتبر الأحلام "طريق الملك" إلى اللاوعي. ورأى أن الأحلام هي طريقة لمعالجة مخاوفنا ورغباتنا المكبوتة، والتي غالبًا ما تظهر في الأحلام بشكل مشوه أو رمزي

التفسير الديني

يرى الفلاسفة الذين يتبعون التفسير الديني أن الأحلام هي وسيلة للتواصل مع الله أو قوى أخرى فوق الطبيعة. ويعتقدون أن الأحلام يمكن أن تكون مصدرًا للإلهام والتوجيه.

من أشهر الفلاسفة الذين تبنوا هذه النظرية أفلاطون، الذي اعتبر الأحلام وسيلة للوصول إلى العالم الحقيقي، والذي يتجاوز عالم الحواس الذي نعيش فيه. ورأى أن الأحلام يمكن أن تكشف لنا الحقيقة حول الكون والروح البشرية.

التفسير العلمي

يرى الفلاسفة الذين يتبعون التفسير العلمي أن الأحلام هي مجرد نشاط دماغي طبيعي لا معنى له. ويعتقدون أن الأحلام هي نتيجة لنشاط الخلايا العصبية في الدماغ أثناء النوم
من أشهر الفلاسفة الذين تبنوا هذه النظرية سبينوزا، الذي اعتبر الأحلام مجرد "أوهام" لا معنى لها. ورأى أن الأحلام هي نتيجة لنشاط غير منظم للعقل أثناء النوم
في العصر الحديث، ظهرت نظريات جديدة حول الأحلام، مثل نظرية المعلوماتية، والتي ترى أن الأحلام هي وسيلة للدماغ لتنظيم المعلومات ومعالجة الذكريات
ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من الغموض حول معنى الأحلام، ولا توجد إجابة واحدة ترضي الجميع..

لكن كل هذه التفسيرات لا تشرح لنا آلية عمل الأحلام، فعندما تكون داخل الحلم تشعر تماما كما تشعر وانت في الواقع ،لا يوجد أي إختلاف لا من حيث جودة المشاعر أو الأحاسيس المادية ،ففي الحلم إذا حملت شيئا بين يديك فأنت تشعر بملمسه إن كان خشنا أو رطبا أو إسفنجيا ،وتشعر أيضا بالألم إن ضربك شخص ما داخل الحلم ..
بين الواقع والحلم هناك خيط رفيع، لن أكون مجنونة إذا قلت أنني في بعض الأحيان أشك في هذا الواقع أن يكون مجرد حلم أطول من غيره، فكل ما نعيشه على أساس واقع ،يمكن أن نعيشه بالضبط على شكل حلم ..
الشجارات ،الأكل ،الجنس،المناظر الطبيعة ،الأمكنة ،الأزمنة،الروائح
لكن لأكون منصفة ،هناك نوع من الأحلام لا يمت لأحداث الواقع بصلة ، هناك مبالغة كبيرة ..
فالبعض يحلم أنه يطير في السماء بدون أجنحة،كيف يمكن أن أفسر هذا الحلم الذي تمرد على الواقع، هل يمكن أن نعتبرها أمنيات طفولية ،كما يحدث معنا في الواقع عندما نتخيل أننا امتلكنا شيئا ثمينا أو سافرنا الى جزيرة معينة ..
هل للحالم أمنيات داخل حلمه ؟ كما للمستقظ أمنيات خارجة واقعه؟
كيف يمكننا الجزم بأننا عندما نضع رأسنا على الوسادة إستعدادا للنوم،أننا في الواقع نيام ،نستعد للإستقاظ داخل ما نسميه حلم ،أي أن الأمر معكوس ..
ماذا لو كانت حياتنا الحقيقية هي ذلك الحلم الذي لا يتعدى لحظات ،بينما الحلم أو الكابوس هو الواقع الذي نعيشه..
أعلم أن الأمر جنوني،لكن هاهو العقل يتبث أن لكل واقع هناك واقع آخر مقابل له ..
لا يمكننا أن نصف الحلم بالوهم كما قال "اسبينوزا" فالألم في الحلم ألم حقيقي،لأن الألم مرتبط باللحظة مهما كانت مسمياتها،والألم في الواقع أيضا مرتبط باللحظة..
فالبكاء في الحلم لا يمكن اعتباره وهما لأنه مرتبط باللحظة،إذا انتهى الشخص من البكاء في الحلم أو في الواقع ينتهي ألمه أو شعوره بالحزن..
لكنه يتذكر ما شعر به في تلك اللحظة..
الفرق بين الواقع والحلم ،هو فقط لحظة الإنهيار، والزمن هنا لا فائدة منه، فالبناء عندما يسقط يصبح مجرد ركام، لن تستطيع الذكريات إعادة بنائه، ونضل ندور في تلك الحلقة التي تعج بالإنهيارات ...
هنا أستحظر دور الموت بين ماهو واقع ماهو حلم..
لايمكننا أن أنكر أن الموت ينحاز لجعل الواقع واقعا وليس حلما ،بل يكاد يكون الدليل الوحيد على أن هذا الوجود المادي واقعا وليس وهما..
هل تعريفنا للموت كان خاطئا ؟
نعم فالتعاريف هي التي تحدد ماهية الشيء، ونحن مجرد تابعين لتلك الأطروحات ..
ماذا لو تركنا كل شيء يحدث دون تعريف أو إسم..؟!
ماذا لو جعلنا الموت هو الحلم الأكبر ،"كبيرهم الذي علمهم كل شيء" ..
ماذا لو كنا الآن جميعا موتى داخل حلم كبير لا متناهي، يحمل داخله مانسيميه واقعا و حلما ..

في النهاية هذا مجرد سفر داخل ذلك الثقب الأسود الذي يسمى العقل .

سلوى ادريسي والي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى