نجوان درويش - لذكرى شاعر.. طه محمد علي

ولد في صفورية القرية الفلسطينية التي دمرها الاحتلال عام 1948
وأحياها طه محمد علي في عالمه الشعري والقصصي المشيد بأسماء وأمكنة واستعادات باهرة لرؤى ذلك الصبي الذي كان يرندح براءته وراء الفراشات الملونة في حواكير صفورية. هذه البراءة سرعان ما كسرتها بشاعة الاحتلال ومرارة اللجوء وضياع خطيبة الفتى التي نزحت مع أسرتها إلى لبنان ولم يرها إلا عند إحتلال لبنان عام 1982 !
وقتها جاءت أميرة إلى بيت خطيبها القديم وقد تزوجت وتزوج هو ,وصار لهما أولاد وأحفاد ورغم أنه من مواليد 1931 إلاأنه طه- بائع التذكارات السياحية في الناصرة -تأخر نسبيا في النشر وإن كانت قصائده
ظهرت في مجلات فلسطينية في السبعينيات فإن مجموعته الأولى "القصيدة الرابعة وعشر قصائد أخرى " صدرت عام 1983 وتلتها أربع مجموعات شعرية:"ضحك على ذقون القتلة"(1989).
و"حريق في مقبة الدير" (1992).
و"إله خلية وصبي فراشات ملونة" (2002).
و"ليس إلا" (2003). ومجموعة قصصية واحدة "سيمفونية الولد الحافي " (2003).
شعر طه في بعض مناطقه هو المرثاة الفلسطينية الاشد قسوة .
وفي مناطق أخرى, تترعه حكايات طفولته وسير أهل صفورية ,شعر يطفح بدعابات معصورة من حياة شقية. وإن كان محمد الماغوط يلقي بظله على جزء من أرض طه محمد علي الشعرية فإن أصالة تجربة طه الشعرية و معجمه الفريد يتجاوزان-برأينا - المؤثرات الماغوطية
ولا سيما مجموتيه الأولى والثانية.
نشر طه جميع كتبه في فلسطين بطبعات محدودة التوزيع.
ولم تحظ بناشر عربي, ما حال دون أن تقرأ مناسبة العالم العربي .لكنه "حظي" بترجمات إلى الإنكليزية على يد مستشرق أمركي إسرئيلي هو بيتر كول ,الذي ترجم طه (مع يحيي حجازي) في كتاب صدر بطبعتين عام 2000 و2006.أثار شعر طه إهتماما ملحوظا لدى قراء الإنكليزية .وفي 2009, أصدرت زوجة كول الأميركية أدينا هوفمان سيرة ذاتية بالإنكليزية لطه محمد علي بعنوان "فرحي لا علاقة له بالفرح " (عرضت في "نيويورك تايمز "5.5.2009 بمبالغة فاقعة باعتبارها "أول سيرة ذاتة لكاتب فلسطيني تصدر بالإنكليزية").وتذهب الأراء إلى أن تقديم شعر طه بالإنكليزية جاء في سياق سياسي مخل. ويبدو أن صاحبنا الشاعر غفل أو تغافل عن هذا السياق ! ولعله يظن أن إنسانية شعره أقوى من أي سياق استعماري تعرض فيه فكول ما انفك يترجم طه وينشره باعتباره شاعرا من "الأقلية العربية التي بقيت في إسرائيل " أو "هنديا أحمر " بالمفهوم الاستعماري. وهو وإن حمل "تعاطفا ", فإنه لا يحمل إقرارا بالحقوق التاريخية للشاعر وشعبه في مواجهة الاستعمار الصهيوني,
فيما شعر طه - لو يقرأه كول بعيوننا - هو في عمقه شعر مقاومة , رغم ما يبدو عليه من يأس وتسليم وعرض للجانب الساذج (الفولكلوري؟) من شخصية الفلاح الفلسطيني.
رغم تماهي الشاعر أحيانا مع شخصية "عبد الهادي الأهبل الذي" التي قدمها طه وتمثل العربي الأهبل الذي "لا يعرف شيئا عن عدوه
ولو رأى المارينز لقدم لهم البيض المقلي ولبن الكيس "
فالشعر -كما يعلمنا طه محمد علي -له دائما قلب أم ومكر بائع سمك

نجوان درويش
أعلى