القدس تناديكم يا أمة الإسراء والمعراج

القدس تناديكم يا أمة الإسراء والمعراج

المحامي علي ابوحبله

تحتفل الأمّة العربية والإسلامية في ذكرى معجزة الإسراء والمعراج، هذه الذكرى التي تحمِل دلالات كثيرة وعديدة ومختلفة، من أبرزها الربط المهمّ بين مكانة المسجد الحرام في مكة «الكعبة» وبين المسجد الأقصى في فلسطين وفي ذلك إشارة وتأكيد على المكانة العظيمة والرفيعة لفلسطين عامة، والقدس خاصة، وللمسجد الأقصى وقبة الصخرة وكنيسة القيامة بشكلٍ أخصّ وأدق.



ورغم هذه المكانة التي خلّدها القرآن، وعزّزتها السيرة النبوية، وتثبتتها الأحداث والمعارك والمواقع التاريخية... إلا أنّ أجندة البعض في العالم العربي والإسلامي تخلو من هموم القدس، ومعاناتها، وحتى الآن متروكة ومهمشة وفريسة للنهم الاستعماري والاستيطاني ولاستئصالي الصهيوني، حيث تتعرّض منذ احتلالها عام 67م إلى المؤامرات المتباينة في الشكل والأسلوب و هدفها هو تهويد المدينة ألمقدسه ، وتزوير الوثائق والثبوت، وعكس حقيقية تاريخها وجغرافيتها.



فالحفريات لها سنوات طويلة امتدّت إلى عمق الأساسات والقواعد تحت المسجد الأقصى وتوسيع نفوذ البلدية الصهيونية يوماً بعد يوم، وحظر العمل العام والسياسي للسكان المقدسيين، وسحب هوياتهم وجنسياتهم بموجب قانون اقره الكنيست وهدفه تفريغ المدينة ألمقدسه ، إن مصادرة البيوت والممتلكات وزرع قنابل بشرية استيطانية بحكم القضاء والمحاكم القادرة والظالمة والهابطة في نزاهتها وقيمتها وأخلاقها.. في وسط البيوت الفلسطينية، وأخيراً إخراج السكان الفلسطينيين من بيوتهم ومساكنهم وتدميرها بفعل حمله ممنهجه من قبل ما يسمى وزير الامن القومي المتطرف ايتمار بن غفير تحت حجة البناء بدون ترخيص وأمام وسائل الإعلام، غير مكترثين بالأخلاق والأصول والقوانين والأعراف..



في ذكرى إسراء النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، إلى المسجد الأقصى في القدس ومعراجه إلى السموات، وإمامة الرسول، صلى الله عليه وسلم، بالأنبياء والرسل.. تقف القدس اليوم حزينة والأقصى أسير وجريح ينزف الدم على مدار عقود من الاحتلال ، الجرح يتعمق، والدم يزداد، والأسى والظلام يخيم على معالم المدينة ومقدساتها وأهلها وروادها.



نتحدث اليوم عن القدس وما يتهددها من مشاريع استيطان وتهويد زادت وطيرتها في ظل حكومة اليمين المتطرفة التي تعتبر القدس عاصمة للكيان الصهيوني ، قلوبنا تعتصر ألماً على ما تتعرض له القدس ، فالعيون شاخصة نحوها والقلوب تهفو إليها، ولكنّ الأقدام والأجساد الاسلامية والعربية لم تلامسْ أرضها، والجباه لم تسجدْ لله على مساجدها منذ قرون بسبب الاحتلال الغاشم ، فالاحتلال يمعن في سياسة تطهير القدس العرقيّ، وتهويدها، وتفريغها من سكانها، وتشويه صورة حضارتها وتاريخها.



إنّ القدس وما يُحاك ضدّها لشطبها من الواقع يجب أنْ تكون حاضرة في الأقلام الصحافية، ونشرات الأخبار، والتقارير التلفزيونية والإذاعية، حاضرة في الفن والفكر والثقافة، حاضرة في فعاليات المجتمع المدني، حاضرة في أجندة كل شرائح المجتمع الفلسطيني والعربي... فمهما بلغت ذروة المؤامرة ستبقى القدس في أعناق العرب والمسلمين ، وإنْ طمسوها في العيان لن يطمسوها من خلود الذاكرة.



لقد وقعت حادثة الإسراء والمعراج والنبي صلى الله عليه وسلم في أشد حالات ضعفه وحزنه أمام قريش، فكانت تسلية لقلبه ودعما نفسيا هائلا ليرى أي قدرة باهرة يستند إليها في دعوته. وهذا لمن يرى عبثية حادثة الإسراء والمعراج فتوقيتها ينفي هذا الاستهتار في الظن، فالنبي كان في أشد مراحل دعوته حزنا وضعفا فكانت رحمة الله ولطفه ومساندته قوية جلية.



إن اختيار الله أرض المسرى لتكون منطلق المعراج لم يكن سوى إشارة إلى بقاء اتصال الأرض بالسماء، ومن أرض الرباط والصمود والصبر الطويل سيأتي النصر والحرية لكل أهل الأرض.



إنّ قضية القدس يجب أنْ توحّد الجهود، والإمكانيات، وهي عامل للتوحّد وإنهاء الفرقة.. فلن تغفرَ الأجيال ولن ينسى التاريخ من ترك القدس وحيدة في مواجهة الحملة الصهيونية التي تستهدف قدس العرب والمسلمين جميعا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى