المحامي علي ابوحبله - الفيتو الأمريكي يؤسس لنظام شريعة الغاب والإخلال بميزان العدالة

للمرة الثالثة منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، استخدمت الولايات المتحدة أمس الثلاثاء حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يُطالب بوقف "فوري" لإطلاق النار في غزة. ويدعو مشروع القرار المقدّم من الجزائر باسم المجموعة العربية، إلى "وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية"، ويرفض "التهجير ألقسري للسكان المدنيين الفلسطينيين"، ويدعو إلى وضع حد لهذا "الانتهاك للقانون الدولي". وحظي مشروع القرار بتأييد 13 عضوًا في مجلس الأمن، في حين امتنعت بريطانيا عن التصويت، واستخدمت الولايات المتحدة "الفيتو" لإحباط القرار.

وقال سفير الجزائر لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، للمجلس قبل التصويت، إن " التصويت لصالح مشروع القرار هذا، هو دعم لحق الفلسطينيين في الحياة. وعلى العكس من ذلك، فإن التصويت ضدّه يعني تأييداً للعنف الوحشي والعقاب الجماعي اللذيْن يتعرّضون لهما" . وفي المقابل، ادّعت سفيرة الولايات المتحدة أن " أيّ إجراء يتخذه هذا المجلس الآن يجب أن يدعم، لا أن يعوّق، هذه المفاوضات الحسّاسة الجارية. ونعتقد أن القرار المطروح الآن سيؤثّر في الواقع سلباً على تلك المفاوضات" . وتابعت: " المطالبة بوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار من دون التوصل إلى اتفاق يلزم حماس بالإفراج عن الرهائن لن تؤدّي إلى سلام دائم، وربما تؤدي بدلاً من ذلك إلى إطالة أمد القتال بين حماس وإسرائيل" . وبدورها، كرّرت الخارجية الأميركية، في بيان، أن " وقف إطلاق نار غير مشروط يفيد حماس، ونسعى لوقف إطلاق نار مؤقّت لضمان إطلاق سراح الرهائن ". وأضافت: " نجري حالياً محادثات للسعي نحو تحقيق هدنة إنسانية في غزة، ونودّ تحقيقها قبل شهر رمضان"

هذا التلاعب الأمريكي والمناورات التي تمارسها بحديثها عن هدن إنسانيه في سبيل سعيها الى وقف الحرب إن هو إلا تلاعب لفظي بهدف إطالة الحرب
بدعوى الحرص على مفاوضات حسّاسة منع رئيس حكومة الحرب ، بنيامين نتنياهو، الوفد الإسرائيلي من العودة إلى استكمالها، وانقلب على ما كان اتّفق عليه بشأنها مع الولايات المتحدة وقطر ومصر في باريس، وفشل موفدو الرئيس الأميركي، جو بايدن، واتصالاته المتكرّرة، حتى الآن، في نفخ الروح فيها.

أمريكا لا تستجيب لدعوات المنظمات الدولية لوقف الحرب وإنقاذ غزه من مجاعة محققه ومن خطر الموت المحدق بفعل الحصار الإسرائيلي ومنع الماء والدواء والغذاء عن المحاصرين في غزه ، ومع ذلك، ابتدأ فصل جديد من مسلسل التفاوض حيث وصل إلى القاهرة وفد قيادي من حركة " حماس" ، برئاسة رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، لمناقشة تطورات الحرب والمفاوضات. وبالتزامن، تحدّثت معلومات عن هبوط طائرة تقلّ وفداً رسمياً أميركياً في تل أبيب، ومن ثمّ مواصلتها طريقها من هناك إلى القاهرة. وفي الوقت ذاته ، كشفت " القناة 12" أن " مسئولا إسرائيلياً زار القاهرة يوم (أمس) لمدّة ساعتين" . وأضافت القناة نفسها، نقلاً عن مصادر إسرائيلية، أن " الوقت بدأ يضغط على كلّ الأطراف للتوجّه نحو صفقة تبادل قبل رمضان" . وتابعت أن " إسرائيلَ تريد صفقة، والقطريين والمصريين يريدون الهدوء، والولايات المتحدة تريد وقفاً لإطلاق النار، وحماس تريد فترة تنفّس وبقاء المختطفين عندها" . ومن جهتها، أشارت " القناة 13" إلى " تفاؤل حذر في إسرائيل: إذا كان هناك تقدّم في مفاوضات صفقة التبادل، فسينضم الوفد الإسرائيلي إلى المفاوضات في الأيام المقبلة" . وكانت واشنطن قد أعلنت، في وقت سابق، أن بريت ماكغورك، كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، سيزور مصر وإسرائيل اليوم، بينما أفاد موقع " واللا" العبري بأن " الزيارة تهدف إلى بحث عملية عسكرية إسرائيلية محتملة في رفح وصفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق النار في غزة"

وفي المحصلة أن الفيتو الأمريكي ضد مشروع قرار وقف إطلاق النار الذي تقدمت به الجزائر انعكاس إلى “سكوت الضمير الإنساني عن المطالبة بمحاكمة قادة جيش الاحتلال كمجرمي حرب للجرائم المرتكبة في غزة والضفة الغربية ، فجرائم القتل والإبادة والترحيل التي مورست ضد الفلسطينيين تندرج ضمن مفهوم الجرائم ضد الإنسانية وبعض الأفعال التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي تندرج كذلك تحت مفهوم جرائم الحرب، وأيا كان الوصف القانوني للجرائم المرتكبة فإنها تقابل بصمت أممي خلافا لما اعتاد عليه المجتمع الدولي من مواقف في قضايا مماثلة،

إسرائيل تهدد باجتياح رفح وأمريكا تدعم إسرائيل وتغطي على جرائم القتل وإبادة وتهجير قسري” بالمفاوضات وتراهن على تحقيق النتائج عبر التهدئة والهدن الإنسانية وبات المجتمع الدولي ومؤسساته أمام حاله من العجز بسبب الهيمنة الأمريكية على قرارات الأمم المتحدة واستعمال حق النقض يعني أن تبقى إسرائيل خارج المسائلة القانونية وهذا يؤسس لنظام التوحش والقوه وانتشار شريعة الغاب وهذا هو الخطر الحقيقي الذي يتهدد الأمن والسلم الدولي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى