د. محمد عباس محمد عرابي - شيخ المؤرخين العرب الدكتورسعيد عبد الفتاح عاشور

شيخ المؤرخين العرب
الدكتورسعيد عبد الفتاح عاشور
(1922-2009م)




إعداد /محمد عباس محمد عرابي

شيخ المؤرخين العرب وشيخمؤرخى العصور الوسطى رئيس «اتحاد المؤرخين العرب مصر» في الفترة من1991 حتى عام 2005م من أكثر المؤرخين والأكاديميين الذين شعرت بمتعة القراءة، وأنا أقرأ كتبهم أستاذي الدكتور سعيد عبد الفتاح عاشورفقد نلت شرف التتلمذ على يديه حيث درسني (رحمه الله) في تسعينات القرن الماضي مادة التاريخ والحضارة في العصور الوسطى، وتعلمت منه (رحمه الله) الأخلاقالفاضلة، والحكمة في معالجة الأموروالنظرة الشمولية للموضوع قبل العلم.
فالرجل (رحمهالله)يعد من أشهر وأعلام مؤرخي في تاريخ أوروبا العصور الوسطى والتاريخ العربي الإسلامي،فله أكثر من عشرون كتاباً في هذا المجال، والعديد من الأبحاث والمقالات العلمية، التحق بكلية الآداب، وكان عميدها ذلك الوقت المؤرخ والأديب المعروفالأستاذ أحمد أمين.
وفيما يلي إطلالة حول سيرته وجهوده التاريخية من خلال المحاور التالية:

المحور الأول: دراسته وعمله:
الدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور هو علم ابن علم فأبوه أ.د. عبد الفتاح عاشور الأستاذ بكلية دار العلوم (جامعة القاهرة).
تتلمذعلى يد أبرز علماء عصره مثل: محمد شفيق غربال حسن إبراهيم حسن، ومحمد مصطفى زيادة، وعزيز سوريال عطية، وزكي علي،ومن أساتذته من المستشرقين جوجيه ودايتون.
حصل على شهادة الإجازة (الليسانس) بتقدير جيد جداً، -في عام 1949م حصل على درجة الماجستير بعنوان «قبرس والحروب الصليبية» بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرفبإشراف الأستاذ الدكتور محمد مصطفى زيادة، وبعد ذلك تبحر في الدراسة والبحث في العصور الوسطى والحروب الصليبية والتي استأثرت بأهم مؤلفاته وأضخمها في سنواتٍ لاحقة.
وحصل على درجة الدكتوراه عن موضوع «الحياة الاجتماعية في مصر في عصر سلاطين المماليك».
بإشراف الأستاذ الدكتور محمد مصطفى زيادة عام 1955م بتقدير ممتاز
عمل سنة 1955م رحمه الله مدرساً لتاريخ العصور الوسطى بقسم التاريخ بكلية الآداب في جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً).

وشارك مع أستاذه الدكتور محمد مصطفىزيادة وثلاثةٍ من الأساتذة المصريين في وضع أسس جامعة بغداد وزار بغداد من جديد عام 1996 و1998. أسهم عام 1956 ضمن وفدٍ من الأساتذة في تأسيس وافتتاح الدراسة بفرع جامعة القاهرة في الخرطوم، وقام بالتدريس بذلك الفرع مدةيسيرة.


وقد عمل أستاذنا الدكتور عبد الفتاح عاشور في العديدمن الجامعات المصرية والعربيةوالأجنبية أستاذا لكرسي العصور الوسطى (قسم التاريخ والحضارة)، ومن أبرز الجامعات العربية التي عمل بها جامعة القاهرة، وجامعة بيروت العربية، وجامعة الجزائر وجامعة السلطان قابوس وجامعة الكويت وجامعة بغداد وجامعة الموصل وجامعة كمبردج وغيرها. حاضر وأشرف على الأبحاث.


المحور الثاني: *مؤلفاته ومنهجه في التأليف:
أثرى المكتبة التاريخية العربية فمن أبرز كتبٍ ومؤلفاتٍ وبحوثٍ ودراساتٍ وتحقيقاتٍ في مجال البحث التاريخي وتحقيق النصوص في تاريخ العصور الوسطى: تاريخ أوروبا في العصور الوسطى -الجامعات الأوروبية في العصور الوسطى -أوروبا في العصور الوسطى الجزء الثاني -مصر والشام في عصر الأيوبيين والمماليك -الأيوبيون والمماليك في مصر والشام -المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك -العصرالمماليكي في مصر والشام - سلسلة أعلام العرب ( الظاهر بيبرس- السيد أحمد البدوي شيخ وطريقة ) .


‏تاريخ أهل عمان ‏تحقيق وشرح ‏دكتور سعيد عبدالفتاح عاشور ‏1400هـ


كان «...صاحب مدرسة متميزة في تاريخ العصور الوسطى»، حيث اهتم بالبحث والتحليل للروايات التاريخية والكشف عن طبيعة العلاقات بين الشرق والغرب في العصور الوسطى.
«كتاب: الحركة الصليبية_ صفحة مشرقة في تاريخ الجهاد الإسلامي في العصور الوسطى».
«كتاب: أوروبا العصور الوسطى_ التاريخ السياسي والنظم والحضارة».
«كتاب: الناصر صلاح الدين»، والذي يعد من أهم الدراسات الأكاديمية«عن القائد صلاح الدين الأيوبي».سلسلة أعلام العربي.

جهوده في تحقيق التراث :
يقول الباحث الأستاذ أبو الحسن الجمّال في مقاله رائد مؤرخي العصور الوسطى:" عانى المؤرخون قبل الدكتور سعيد عاشور من ندرة المطبوع من كتب التراث طبعات علمية رصينة ، وخصوصا التي تتعلق بتاريخ الأيوبيبن والمماليك ، فعمل الرجل على بعث هذه الكتب ونشرها نشرات علمية والتي كان من أهمها تحقيق ونشر كتاب "السلوك لمعرفة دول الملوك " للمقريزى مؤرخ العصور الوسطى الأشهر، حيث قام بتحقيق ونشر الجزئين الثالث والرابع في 6 مجلدات (2804 صفحات)، إصدار مركز تحقيق التراث بدار الكتب القومية، القاهرة 1970 -1973. والجدير بالذكر أن استاذه المؤرخ الكبير قد قام بنشر القسم الأول من الكتاب ويشمل الجزأين الأول والثانى، وتوفى دون أن يكمل تحقيق الكتاب فقام الدكتور سعيد بتحقيقه حتى انتهى منه سنة 1973 كذلك قام بتحقيق ونشر مجموعة كبيرة من كتب التراث الهامة : "كنز الدرر" لابن أيبك الدواداري، "نهاية الأرب " للنويرى و"الجوهر الثمين" لابن دقماق.

اهتمام الدكتور سعيد بالحضارة الإسلامية وإسهاماتها في الحضارة العالمية:
يقول الباحث الأستاذ أبو الحسن الجمّال في مقاله رائد مؤرخي العصور الوسطى
" واهتم الدكتور سعيد بالحضارة الإسلامية وإسهاماتها في الحضارة العالمية في عدد كبير من المجالات وذلك يرجع حسب قوله إلى أن الإسلام دين عالمي يحض على العلم ويعتبره فريضة وفضل هذه الحضارة على العالم كثير، شهد بها الأعداء قبل الأصدقاء، وهنا أبرز دور علماء العرب المسلمين أمثال الكندي، والفارابي، وابن سينا، وابن زهر، والزهراوى، وابن العوام، وغيرهم، في مد الجذور بين الحضارات القديمة وبين النهضة العلمية الأوربية، وذلك في كتبه "المدينة الإسلامية ودورها في الحضارة الأوربية"، و"بحوث في تاريخ الإسلام وحضارته"، و"الجامعات الأوربية في العصور الوسطى"، وغيرها." ومن كتبه كتاب بحوث في تاريخ الإسلام وحضارته.
كشف مزايا التاريخ الأيوبي والمملوكي في مصر والشام
يقول الباحث الأستاذ أبو الحسن الجمّال في مقاله رائد مؤرخي العصور الوسطى:"يرجع الفضل للدكتور سعيد عاشور فى كشف النقاب عن مزايا التاريخ الأيوبي والمملوكي فى مصر والشام مستعرضا الحالة السياسية والاجتماعية والعلمية، حيث أضاف فى مؤلفاته الجديد الذى أفاد من جاء بعده وصار على نهجه ... ومن كتبه: "المجتمع المصري فى عصر سلاطين المماليك"" و"العصر المملوكي في مصروا لشام"، و"الأيوبيون والمماليك في مصر والشام"
له أكثر من أربعين بحثاً منشورة في الدوريات والمجلات العلمية أو المؤتمرات المحلية والدولية أثرت الدراسات الخاصة بتاريخ العصور الوسطى،وبلغت عدد الرسائل الجامعية – ماجستير ودكتوراه-التي أشرف عليها الدكتور عاشور خلال تاريخه العلمي الطويل، قرابة خمسين رسالة.
صدر تكريماً له كتاب من جامعة القاهرة بمناسبة بلوغه السبعين، بـ (سعيد عاشور في عيد ميلاده السبعين-بحوث ودراسات بأقلام نخبة من تلاميذه – مركز النشر جامعة القاهرة 1992م
قالالأستاذ الدكتور حسنين محمد ربيع أستاذ تاريخ العصور الوسطى والعميد السابق لكلية الآداب، جامعة القاهرة، في مقدمته «...لقد كان علمه موقفاً، وكانت ثقافته رؤية، وكان منهجه تأصيلاً، وكانت كتابته تأسيساً، وكانت استاذيته التزاماً، ولسوف يعيش في وجداننا قيمة باقية تفجر في نفوسنا ينابيع الخير والعطاء». وقد أثنى على مؤلفاته وإنجازاته فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ أحمد الطيب، شيخ الأزهر (حفظه الله) .

المحور الثالث: من الدراسات التي تناولت جهوده وتراثه:
الدراسة المعنونةبـ"د. سعید عبد الفتاح عاشور(1922-2009م)
مؤرخا للحروب الصلیبیة" للأستاذ الدكتور / محمد مؤنس عوض،وهي دراسة تناولت :التعریـف بـالمؤرخ الرائـد أ.د. سـعید عاشـور واسـهامه فـي مجــال تــاریخ الحـروب الـصلیبیة؛ مــن أجـل توضــیح مكانــه ومكانتــهبــینمــؤرخي تلــك المرحلــة الفارقــة فــي تــاریخ العلاقــات بــین الــشرق والغــرب فــي العــصورالوسطى.
وقد توصلت إلى أن الدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور هو المـؤرخ الـذي مهـد الطریـق لكافـة المـشتغلینبتـاریخ الحـروب الـصلیبیة فـي كافـة أنحـاء
العــالم العربــي، مــن خــلال مؤلفاتــه الرائــدة فــي المجــال المــذكور وفــي صــدارتها كتابــه
الحركة الصلیبیة صفحة مشرقة في تاریخ الجهاد العربي في العصور الوسطى.

المحور الرابع: جوائزوتكريمات:
حصل على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية عام 1965، على جائزة الدولة التقديرية للعلوم الاجتماعية عام 1996. تم منحه «الدكتوراه الفخرية» من إدارة جامعة كامبريدج نظرا لجهوده المميزة في تاريخ الحروب الصليبية وذلك أثناء عمله أستاذا زائرا.

المحور الخامس: مقترح:
نقترح في الختام إطلاق اسم أستاذنا الدكتور عبد الفتاح عاشور على قاعات ومدرجات كلية الآداب جامعة القاهرة قسم التاريخ، وعقد مؤتمر دولي حول جهوده وإنجازاته ومؤلفاته، وعلى الباحث مواصلة إجراء الدراسات والبحوث التاريخية حول تراثه في علم التاريخ.
المراجع:
أبو الحسن الجمّال: رائد مؤرخي العصور الوسطى،رابطة أدباء الشام ، رابطة أدباء الشام - الرئيسية
د. سعید عبد الفتاح عاشور(1922-2009م)
مؤرخا للحروب الصلیبیة للأستاذ الدكتور / محمد مؤنس عوض،مجلة بحوث الشرق الأوسط
الناشر: جامعة عين شمس - مركز بحوث الشرق الأوسط،العدد46،يوليو 2018
سعيد عبد الفتاح عاشور

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى