خالد جهاد - لا عزاء للنساء

-إمرأة.. فلسطينية..
-إمرأة وكمان فلسطينية.. روحي يا بنتي الله يكون في عونك..

كانت تلك إجابةً مقتضبة سمعتها في طفولتي وأنا بصحبة إحدى قريباتي على سؤالٍ لن أستطيع ذكره.. سؤالٍ مجنون ضمن الكثير من الأسئلة الحائرة في صدورنا والتي يكاد كوكبنا ينفجر بها، وتتطاير فيه علامات الإستفهام تماماً كالقذائف التي حولت حياة أهل غزة وحياة الكثير من البشر إلى جحيم حقيقي على الأرض، تساءلت ونحن في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة من تاريخنا الحديث والتي تشكل انعطافة كبرى لازالت في بدايتها حسب تقديري المتواضع لماذا علينا أن نستورد لسيداتنا أعياداً من بلادٍ تشارك في ذبحهن وذبح أبنائهن وعائلاتهن وتتجاهل ما يمرون به حتى في أدق تفاصيل الأنثى حساسية وأشد احتياجاتها إلحاحاً على الرغم من بساطتها وبديهيتها وارتباطها ببقائها على قيد الحياة، ولا تريد منها أن تفكر سوى فيما تمليه عليها، ولماذا علينا أن نجعل من أنفسنا مجرد (كومبارس) ونحن جميعاً نعرف ذلك تمام المعرفة في هذا العرض العالمي السخيف الذي لا يهمه سوى اكتمال المشهد والتقاط الصور التذكارية من مختلف الزوايا دون أن يقيم للبسطاء وزناً ولا يشعر بأوجاع من لا ينتمون إلى العرق الأبيض..

حيث تأتي هذه المناسبات من وقتٍ لآخر لتكون بمثابة فرصة لتلميع صورته المتداعية على حسابنا مستخدماً المرأة هنا والطفولة هناك ضمن قائمةٍ طويلة من القضايا والعناوين الكبرى التي تقدم بأسلوبٍ جذاب وبراق وضمن شروط ومساحة محددة سلفًا لا تسمح بتحقيق العدالة وحدوث المساواة الإنسانية مع المواطن الغربي، فالحرية الممنوحة لنا ينبغي أن تحافظ على المسافة التي تجعل الغرب في حالة من التفوق الدائم في مختلف المجالات، ولذا تأتي هذه المناسبة وأعني بها (يوم المرأة العالمي) وغيرها من الأيام في ظل ظروف استثنائية جداً في بلادنا خاصةً في (فلسطين والسودان) مروراً بالقارة الإفريقية ومختلف بلاد العالم لتكون بمثابة فرصة لإعادة النظر فيما نملكه من نعم وفي الأفكار التي وفدت إلينا في ظل ما نعيشه إلى جانب الأفكار التي نشأنا عليها أملاً في الوصول إلى واقع ٍ نستحقه، ففي عالمنا اليوم عالم القوة والمصالح باتت الأرض تضيق بالإنسان شيئاً فشيئاً بعد أن جردته من إنسانيته حيث لا عزاء للبسطاء ولا عزاء للنساء..

خالد جهاد..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى