حسن إمامي - في اليوم العالمي للشعر: شعرية الجمال

يكاد يشغلنا اليومي عن أدق تفاصيل الجمال في العيش والحياة. يكاد يكون هذا الجمال منفلتا من قبضة حواسنا وذوقنا ما دمنا في تنافس إلى وعلى ما قد يدمره، وهو ذلك التنافس المنبني على التملك المادي والشهواتي الصرف.
تكاد تكون لغتي صوفية لكنها ترنو إلى الرقي بالصورة إلى ما هو بديع في الكون وفي التفكير وفي ثقافة أسلوب العيش.
يكاد فصل الربيع ينبعث ببراعم وأزهار جديدة، وربما تنفلت منا لحظات إشراق في هذا الوجود. من منا استيقظ ليشاهد شروق الشمس من جديد، ليشارك دورة الكون والملكوت والمجموعة النجمية التي ننتمي إليها؟
هذا الكون، وهذا الجمال، عنصران متناغمان متكاملان. نستحضر هنا قولنا مع الحديث الشريف (إن الله جميل يحب الجمال). نستحضر هنا فلسفة التناغم التي توصّلت إليها من خلال تأملاتها الروحانية فلسفات الشرق في الهند والصين وما انتشر فوق قمم التيبت وغيرها. نستحضر فيزياء الكون التي غمرتنا بسحرها وتغمرنا كل مرة بالمشاهد والمعايَن من المعاني.
وكل هذا حينما أستحضره، أستحضر الكلمة التي تبنتها اليونيسكو في اليوم العالمي للشعر (٢٠١٨). كلمة جميلة تنطلق من مقاربة الخلق مع مقاربة البوح وقول القصيد وتفجير الشعر من ينابيع الروح والوجدان والعقل. وحتى لا تكون الكلمة مقلقة للبعض، انتصرت ها هنا لكون الشعرية وشعرية الكون، في التي تكلم عنها الشاعر الأرجنتيني هوغو موخيكا، تحدثتْ عن شعرية الخلق.. والحدس ينسدل وينهمر لكي يربط بين الشعر وجمالية الخلق الكوني الكلي الكبير والخلق الجزئي الذي يتشكل في ندفة او في بذرة زهر صغير.
ويلتقي الكلام كمعزوفة تتقاسمها آلات موسيقى موزعة بين الأكوان وبين الثقافات واللغات والألسن والأذواق والعقول. سيكون إقرارا بهذه الشعرية التي تحقق السعادة وتعيد الحياة وحق الحياة والرغبة فيها بفرح وتلبية، بحضن وعناق وقلوب بلون الماء ظمآى هي في عطش وعب في سباحة وارتماء في احتضان وطهارة داخل طهارة.
نكاد نغفل عن قيمة الشعر ودوره، فنُشهر السيوف المادية والرمزية في الانتصار لذواتنا وخصوصياتنا مع إقصاء الخصوصيات الآخرى، وننسى أن كل جميل يحمل شعرية جديدة.
لنجعل أفقنا يتسع لكي يتسع كون عقولنا فنستحق الحياة داخل هذه الحياة بما يليق بمقام الحياة.
في اليوم العالمي للشعر، بخصوصية ذاتية تتوق للكونية.

حسن إمامي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى