(١)
المدينة الجامعية هى أسوأ مكان ممكن أن تقضي فيه أربع سنوات -أو أكثر - من عمرك ، وأسوأ تجربة ممكن أن تمر على ولد أو بنت في هذه المرحلة الباكرة. وتفسير هذا الحكم معروف وواضح ، وهو أن المدينة الجامعية تقوم على استيعاب أعداد هائلة من الطلاب أو الطالبات ، ثم توزع وتجمع بين البعض في حجرة واحدة بشكل عشوائي لا يخضع لأى معايير-وهم معذورون في ذلك - هذه الأعداد وهذه التجميعة كل فرد فيها ينتمي إلى محافظة مختلفة ، وبيئة مختلفة، وثقافة مختلفة ، وطباع مختلفة وأخلاق وعادات مختلفة ، لكن تجمعهم كلية واحدة . فتصبح الحجرة مكانًا أقل ما يوصف به أنه الجحيم ، وبخاصة إذا ما كان التنافر هو الصفة الوحيدة التي تجمعهم . ويزداد الإحساس بهذا الجحيم مع أمثالي ممن لا يستطيعون العيش بشكل كامل وبكل تفاصيل العيشة وخصوصيتها في هذه الأجواء غير الصحية ؛ من عدم التوافق والسلوكات العدوانية والنفوس المريضة . فقضيت أول عهدي فيها مع اثنتين ؛ واحدة من المنيا وكانت إلى حد ما هادئة ، لكن سلبية ومكتئبة طوال الوقت ؛ لأنها لم تكن راغبة في الكلية ، وفعلًا ذهبت في العام التالي إلى بلدها ولم تعد مطلقًا . وأخرى من البحيرة كانت غاية في البشاعة . مرت الأيام في نكد وكدر لا يمكن تحمله ، لكنها مضت بمبدأ التعايش مع الأمر الواقع .
بعد أسابيع جاءتني طالبة لا أعرفها تسكن في الغرفة المقابلة ، تسألني بلهفة المستغيث بالقشة من الغرق : أنتِ صحيح من السويس؟ فأجبتها نعم . بعدها تغير كل شيء ... وللحديث بقية .
***
(2)
لم يكن يفصل بين حجرتينا سوى متر واحد ، ومع ذلك أحسست بها كأنها جاءتني تسعى من سفر بعيد ، وعرفت من سؤالها اللهفان مدى ما تعانيه في حجرتها من شعور بالوحدة وعدم الانسجام : أنت صحيح من السويس ؟ سؤال لم أفهمه إلا بمحمل واحد واضح ، هو مدى شعورها بالغربة وفقدان البوصلة في بحر متلاطم الأمواج ، حتى أنها تبحث عن أى نقطة رسو من شيء قريب تعرفه ، محافظتها فحسب ؛ فهى لم تكن تعلم من أمري شيئًا تطمئن معه أو تجزع ، مجرد إحساسها أنني من محافظتها وحده كان إحساسًا مطمئنًا لها . وكانت هذه هى البداية . دخلت حجرتي تسأل ولم تعد إلى حجرتها خالية الوفاض من رفيق وأليف وصديق .فازداد مع الوقت تقاربنا ولم نفترق إلى الآن . لقد ظنت أنها وحدها من وجدت ضالتها ، أو أن سفينتها قد رست عندي ، ولم تعلم أنني أيضًا كنت أنتظرها ، فكانت مكافأة الله وعطيته لصبري وجلدي فيما أعانيه من شركاء الحجرة . وكنت قد بدأت أتعايش مع النكد الممض ، وهذا حالي دائمًا مع الابتلاءات ؛ التوكل على الله والرضا بما قسم . انتقلت صديقتي إلى العيش معي شيئًا فشيئًا ، وكانت ضيفًا خفيفًا علىّ وعلى شركائي في الحجرة ، فلم تكلفهما شيئًا ، ولم تحدث ضجيجًا أو مشكلة . شاركتني سريري ، ورافقتني في طريقي إلى الجامعة ذهابًا وإيابًا . وكانت تستيقظ معي كل صباح على الخناقة المعتادة من الطالبة البحيرانية . التي كانت تتفنن كل صباح في ابتداع مشكلة جديدة . كانت صديقتي تجلس على سريري صامتة تتابع سير الخناقة بحزن وضيق وهى تحتسي الشاى قبل النزول إلى الجامعة ، وكانت لا تتدخل مطلقًا ، كانت وقتها من بنها لا السويس
وهذا هو الأفضل . كانت هذه الطالبة البحيرانية لا تبتسم أبدًا ، وكانت ملامح وجهها ينفر بعضها من بعض ، ولم نر أنا وصديقتي ابتسامتها وودها المصطنع إلا في الفرقة الثالثة ، حين كانت تنزل إلى غرفتي لاستعارة المكواة الخاصة بي . وكنت أتبادل أنا وصديقتي نظرات تحمل فهم وتفسير هذه الابتسامات وهذا الود الطارئ طبعًا . ولم يمر العام الدراسي إلا بحدوث حدث جميل أسعدني جدًا ....وللحديث بقية .
***
(3)
لم أكن أعرف من أمر صديقتي الكثير ، ولم أكن قد اختبرت - بعد - شيئًا من طباعها أو سلوكها أو دخائلها مما سينضح حتمًا وتكشفه الأيام . كان يكفيني منها - وقتها -طلبها للأمان النفسي والطمأنينة بجوار بنت بلدها ؛ لأن هذه المفردات التي طلبتها - في رأيي- ليست من تطلعات الخبثاء . وكان يكفيني - أيضًا - ما تبديه ملامح وجهها من الطيبة والارتياح . وجه صبوح ، استقرت ملامحه الدقيقة المنمنمة على بشرة بيضاء مشربة بالحمرة ، اعتلى جسمًا قصيرًا يميل إلى البدانة . كان كل هذا يصرخ فتنةً ويتفجر أنوثةً طاغية في ملابسها وهى ذاهبة إلى الجامعة . وكانت ملابسي على النقيض تمامًا من بلوزتها الشفافة ، والجيب القصير ؛ فقد آثرتُ منذ سنوات ارتداء الإسدال ، وهو غطاء ينسدل في قطعة واحدة من الرأس إلى القدم . لم أكن أحنق عليها أو أشعر تجاهها بأى غضاضة أو أرى فيها نقيصة . ولم أحدثها يومًا عن ارتداء الحجاب وما شابه . فأنا لم أر منها ما يستوجب عدم مصاحبتها إلى الجامعة ، على الرغم من أن مثل هذه الملابس الكاشفة عن عورات المرأة وفتنتها كانت - ولا تزال - تثير استيائي وضجري . ليس بدافع الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي فحسب ، لكن بدافع الحشمة والتعفف ووجوب حجب هذه المفاتن عن أعين الرجال من غير المحارم ، حتى ولو كانت هذه المرأة ليست على دين الإسلام ، فالمرأة - عندي - هى المرأة ، ومفاتنها وخصوصية تفاصيل جسمها هى هى ، وغيرة الرجل مسلم أو غير مسلم يجب أن تكون هى هى .
فكيف تقبلتُ منها هذا؟ّ!
وازنت فيها - دون أن أشعر أو أقصد - بين عدة أمور ، فجاءت النتيجة لصالحها . هى طيبة وعلى خلق ، وسلوكها منضبط تمام الانضباط ، وكانت الملابس المحتشمة (الحجاب) لم يكن قد اتسع نطاقها في منتصف الثمانينات ، وكثير من البنات والأسر لم يكونوا ينتبهون فيما يخص الملابس بأكثر مما تتحقق بها الأناقة والمظهر الجميل . وكل هذا لا يقدح في خلق أو تربية ، هو فقط عدم انتباه أو تفكير في الأمر . وأدركت من وقتها أن الملابس الكاشفة ليست دائمًا دليلًا قاطعًا على سوء الخلق أو التربية.
ومضت الأيام والأسابيع والشهور . وأنا أتمنى من كل قلبي أن تتنبه صديقتي إلى تغيير نمط ملابسها ، دون أن أجرحها أو أتطفل على رغباتها . وكنت بما كانت عليه من انسجام مع هذه الأزياء والملابس أرى أن أمامها عمرًا طويلًا حتى تدرك ما أتمناه لها.
وقبيل انصرام العام الأول سافرت صديقتي - على غير عادتنا - إلى السويس وحدها ، وكنا قد واصلنا بين أسرتينا بالتعارف والتزاور ، وأصبحت كل من أسرتي وأسرتها يعرف أفرادها بعضهم بعضًا . تركتني صديقتي - هذه المرة - بضعة أيام ، ثم عادت . ويا للمفاجأة . لقد عادت بملابس فضفاضة وخمار طويل . وأخبرتني أن هذا الحجاب هو أبسط هدية ممكن أن تقدمها لي . عرفتُ وقتها أن ما كان يجمع بيننا هو نقاء الجوهر وصفاء السريرة . هى ما كانت تحتاج إلى أكثر من بروز المثال والنموذج ، يتحرك أمامها ، وتعيش معه ،حتى تعرف طريقها .
ولم تكن صديقتي في ملابسها الجديدة قد اعتورها النفاق أو التدليس ، فترتدي حجابًا بلا حجاب ، وتتغطى بساتر بلا ساتر . فقد فهمتْ جوهر الحشمة والتعفف ؛ لأنها لم تكن يومًا بعيدة عنها ، ارتدت ما أطاح بفتنتها تمامًا ، والتزمت هذه الملابس الفضفاضة وتمسكت بها إلى الآن ، وبعد أن صارت جدة.
لست أدري كيف اختفت - فجأة - صورة صديقتي التي عرفتها بها ، فحين أطلت على بصورتها الجديدة كأنني لم أرها قط بغيرها.
مضت بنا الأيام ، و كانت لدي أنا وصديقتي مع اقتراب انصرام هذا العام الجامعي مشكلة ، من ستكون شريكتنا الثالثة في الحجرة العام المقبل ؟ فقد عرفنا أن من تحضر مبكرًا تستطيع تسجيل اسم من تريد في حجرتها، شريطة وجود أماكن فارغة في الحجرة . ونحن لم نعرف ممن خالطناهن واحدة يمكننا أن نأخذها معنا.
وكانت هناك مفاجأة من العيار الثقيل في انتظارنا ... وللحديث بقية .
***
المدينة الجامعية هى أسوأ مكان ممكن أن تقضي فيه أربع سنوات -أو أكثر - من عمرك ، وأسوأ تجربة ممكن أن تمر على ولد أو بنت في هذه المرحلة الباكرة. وتفسير هذا الحكم معروف وواضح ، وهو أن المدينة الجامعية تقوم على استيعاب أعداد هائلة من الطلاب أو الطالبات ، ثم توزع وتجمع بين البعض في حجرة واحدة بشكل عشوائي لا يخضع لأى معايير-وهم معذورون في ذلك - هذه الأعداد وهذه التجميعة كل فرد فيها ينتمي إلى محافظة مختلفة ، وبيئة مختلفة، وثقافة مختلفة ، وطباع مختلفة وأخلاق وعادات مختلفة ، لكن تجمعهم كلية واحدة . فتصبح الحجرة مكانًا أقل ما يوصف به أنه الجحيم ، وبخاصة إذا ما كان التنافر هو الصفة الوحيدة التي تجمعهم . ويزداد الإحساس بهذا الجحيم مع أمثالي ممن لا يستطيعون العيش بشكل كامل وبكل تفاصيل العيشة وخصوصيتها في هذه الأجواء غير الصحية ؛ من عدم التوافق والسلوكات العدوانية والنفوس المريضة . فقضيت أول عهدي فيها مع اثنتين ؛ واحدة من المنيا وكانت إلى حد ما هادئة ، لكن سلبية ومكتئبة طوال الوقت ؛ لأنها لم تكن راغبة في الكلية ، وفعلًا ذهبت في العام التالي إلى بلدها ولم تعد مطلقًا . وأخرى من البحيرة كانت غاية في البشاعة . مرت الأيام في نكد وكدر لا يمكن تحمله ، لكنها مضت بمبدأ التعايش مع الأمر الواقع .
بعد أسابيع جاءتني طالبة لا أعرفها تسكن في الغرفة المقابلة ، تسألني بلهفة المستغيث بالقشة من الغرق : أنتِ صحيح من السويس؟ فأجبتها نعم . بعدها تغير كل شيء ... وللحديث بقية .
***
(2)
لم يكن يفصل بين حجرتينا سوى متر واحد ، ومع ذلك أحسست بها كأنها جاءتني تسعى من سفر بعيد ، وعرفت من سؤالها اللهفان مدى ما تعانيه في حجرتها من شعور بالوحدة وعدم الانسجام : أنت صحيح من السويس ؟ سؤال لم أفهمه إلا بمحمل واحد واضح ، هو مدى شعورها بالغربة وفقدان البوصلة في بحر متلاطم الأمواج ، حتى أنها تبحث عن أى نقطة رسو من شيء قريب تعرفه ، محافظتها فحسب ؛ فهى لم تكن تعلم من أمري شيئًا تطمئن معه أو تجزع ، مجرد إحساسها أنني من محافظتها وحده كان إحساسًا مطمئنًا لها . وكانت هذه هى البداية . دخلت حجرتي تسأل ولم تعد إلى حجرتها خالية الوفاض من رفيق وأليف وصديق .فازداد مع الوقت تقاربنا ولم نفترق إلى الآن . لقد ظنت أنها وحدها من وجدت ضالتها ، أو أن سفينتها قد رست عندي ، ولم تعلم أنني أيضًا كنت أنتظرها ، فكانت مكافأة الله وعطيته لصبري وجلدي فيما أعانيه من شركاء الحجرة . وكنت قد بدأت أتعايش مع النكد الممض ، وهذا حالي دائمًا مع الابتلاءات ؛ التوكل على الله والرضا بما قسم . انتقلت صديقتي إلى العيش معي شيئًا فشيئًا ، وكانت ضيفًا خفيفًا علىّ وعلى شركائي في الحجرة ، فلم تكلفهما شيئًا ، ولم تحدث ضجيجًا أو مشكلة . شاركتني سريري ، ورافقتني في طريقي إلى الجامعة ذهابًا وإيابًا . وكانت تستيقظ معي كل صباح على الخناقة المعتادة من الطالبة البحيرانية . التي كانت تتفنن كل صباح في ابتداع مشكلة جديدة . كانت صديقتي تجلس على سريري صامتة تتابع سير الخناقة بحزن وضيق وهى تحتسي الشاى قبل النزول إلى الجامعة ، وكانت لا تتدخل مطلقًا ، كانت وقتها من بنها لا السويس
***
(3)
لم أكن أعرف من أمر صديقتي الكثير ، ولم أكن قد اختبرت - بعد - شيئًا من طباعها أو سلوكها أو دخائلها مما سينضح حتمًا وتكشفه الأيام . كان يكفيني منها - وقتها -طلبها للأمان النفسي والطمأنينة بجوار بنت بلدها ؛ لأن هذه المفردات التي طلبتها - في رأيي- ليست من تطلعات الخبثاء . وكان يكفيني - أيضًا - ما تبديه ملامح وجهها من الطيبة والارتياح . وجه صبوح ، استقرت ملامحه الدقيقة المنمنمة على بشرة بيضاء مشربة بالحمرة ، اعتلى جسمًا قصيرًا يميل إلى البدانة . كان كل هذا يصرخ فتنةً ويتفجر أنوثةً طاغية في ملابسها وهى ذاهبة إلى الجامعة . وكانت ملابسي على النقيض تمامًا من بلوزتها الشفافة ، والجيب القصير ؛ فقد آثرتُ منذ سنوات ارتداء الإسدال ، وهو غطاء ينسدل في قطعة واحدة من الرأس إلى القدم . لم أكن أحنق عليها أو أشعر تجاهها بأى غضاضة أو أرى فيها نقيصة . ولم أحدثها يومًا عن ارتداء الحجاب وما شابه . فأنا لم أر منها ما يستوجب عدم مصاحبتها إلى الجامعة ، على الرغم من أن مثل هذه الملابس الكاشفة عن عورات المرأة وفتنتها كانت - ولا تزال - تثير استيائي وضجري . ليس بدافع الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي فحسب ، لكن بدافع الحشمة والتعفف ووجوب حجب هذه المفاتن عن أعين الرجال من غير المحارم ، حتى ولو كانت هذه المرأة ليست على دين الإسلام ، فالمرأة - عندي - هى المرأة ، ومفاتنها وخصوصية تفاصيل جسمها هى هى ، وغيرة الرجل مسلم أو غير مسلم يجب أن تكون هى هى .
فكيف تقبلتُ منها هذا؟ّ!
وازنت فيها - دون أن أشعر أو أقصد - بين عدة أمور ، فجاءت النتيجة لصالحها . هى طيبة وعلى خلق ، وسلوكها منضبط تمام الانضباط ، وكانت الملابس المحتشمة (الحجاب) لم يكن قد اتسع نطاقها في منتصف الثمانينات ، وكثير من البنات والأسر لم يكونوا ينتبهون فيما يخص الملابس بأكثر مما تتحقق بها الأناقة والمظهر الجميل . وكل هذا لا يقدح في خلق أو تربية ، هو فقط عدم انتباه أو تفكير في الأمر . وأدركت من وقتها أن الملابس الكاشفة ليست دائمًا دليلًا قاطعًا على سوء الخلق أو التربية.
ومضت الأيام والأسابيع والشهور . وأنا أتمنى من كل قلبي أن تتنبه صديقتي إلى تغيير نمط ملابسها ، دون أن أجرحها أو أتطفل على رغباتها . وكنت بما كانت عليه من انسجام مع هذه الأزياء والملابس أرى أن أمامها عمرًا طويلًا حتى تدرك ما أتمناه لها.
وقبيل انصرام العام الأول سافرت صديقتي - على غير عادتنا - إلى السويس وحدها ، وكنا قد واصلنا بين أسرتينا بالتعارف والتزاور ، وأصبحت كل من أسرتي وأسرتها يعرف أفرادها بعضهم بعضًا . تركتني صديقتي - هذه المرة - بضعة أيام ، ثم عادت . ويا للمفاجأة . لقد عادت بملابس فضفاضة وخمار طويل . وأخبرتني أن هذا الحجاب هو أبسط هدية ممكن أن تقدمها لي . عرفتُ وقتها أن ما كان يجمع بيننا هو نقاء الجوهر وصفاء السريرة . هى ما كانت تحتاج إلى أكثر من بروز المثال والنموذج ، يتحرك أمامها ، وتعيش معه ،حتى تعرف طريقها .
ولم تكن صديقتي في ملابسها الجديدة قد اعتورها النفاق أو التدليس ، فترتدي حجابًا بلا حجاب ، وتتغطى بساتر بلا ساتر . فقد فهمتْ جوهر الحشمة والتعفف ؛ لأنها لم تكن يومًا بعيدة عنها ، ارتدت ما أطاح بفتنتها تمامًا ، والتزمت هذه الملابس الفضفاضة وتمسكت بها إلى الآن ، وبعد أن صارت جدة.
لست أدري كيف اختفت - فجأة - صورة صديقتي التي عرفتها بها ، فحين أطلت على بصورتها الجديدة كأنني لم أرها قط بغيرها.
مضت بنا الأيام ، و كانت لدي أنا وصديقتي مع اقتراب انصرام هذا العام الجامعي مشكلة ، من ستكون شريكتنا الثالثة في الحجرة العام المقبل ؟ فقد عرفنا أن من تحضر مبكرًا تستطيع تسجيل اسم من تريد في حجرتها، شريطة وجود أماكن فارغة في الحجرة . ونحن لم نعرف ممن خالطناهن واحدة يمكننا أن نأخذها معنا.
وكانت هناك مفاجأة من العيار الثقيل في انتظارنا ... وللحديث بقية .
***
أ. د. ثناء محمود قاسم - المدينة الجامعة (4) تابع
تابع ( 4 ) مع انصرام العام الأول ، غادرتُ مع صديقتي المبنى (الثامن ) المخصص لدرعميات الفرقة الأولى .غادرنا وكلٌ منا ممسك بيد الآخر في اطمئنان يكفينا الثلاث سنوات المتبقية ، ويقينا عثرات الطريق نحو إتمام الدراسة ، التي تفرض علينا قسوة السكن...
alantologia.com