تأتيها مثل هذه الحالات بشكل شبه يومي ، وهي تتعامل معها بعقلانية ، وبوازع ديني ، تارة بالنصح ، وتارة بالاعتراض ، وتارة أخرى باللوم ، على حسب شخصية الحالة التي تقابلها ، لكنها ابداً لا تخوض فيما يشتهين .
لكن الحالة التي أمامها هذه المرة مختلفة ، أقل ما توصف به أنها غريبة . فتاة في مقتبل العمر( مثل كل الحالات السابقة ) حزينة ، مكسورة ، تطلب ( مثل كل الحالات السابقة ) الإجهاض ، وعندما يأتي الاعتراض ، تبكي ، تتوسل ، تستجدي ، وحين يُطرح السؤال المعتاد : لماذا اقترفتِ هذا الفعل ؟ هنا تأتي الإجابة صادمة ، وغير متوقعة ، ( ومخالفة لكل الحالات المماثلة ) : أنا لم أقترف شيئاً !
_ لم تقترفي ؟! وماذا تسمين هذا الذي في بطنك ؟!
_ لا أدري كيف جاء ؟ !
بدا صوت الطبيبة يحتد : لا تدرين ؟! ومن الذي يدري ؟!
_ صدقيني أيتها الطبيبة أنا لم أزنِ !
_ إذن كيف جاء هذا الذي في بطنك ؟!
_ حقاً لا أدري !
وأجهشت دافنة وجهها بين كفيها ، نفد صبر الطبيبة ، وهي تقول : اسمعي أيتها الفتاة ليس لدي وقت أضيعه معك لدي حالات أهم في انتظاري .
_ صبرك عليّ أيتها الطبيبة ! أقسم لك بالله إنني لم أزنِ ! كل ما حصل بيننا هو تلامس بالأيدي !
_ تلامس بالأيدي ؟! الواضح أن المشكلة ليست في رحمك ، ولكن في عقلك ، وهذا ليس اختصاصي!
_ صدقيني أيتها الطبيبة ، أنا لا أهلوس !
سقطت آخر حصون الصبر لدى الطبيبة التي نهضت تصرخ بعصبية : أخرجي !
***
مرت عشرة أيام على الحادثة الغريبة ، عندما جاءتها حالة أخرى مشابهة ، ثم تكررت تلك الحالات الغريبة ، وفي ظرف شهر كانت قد التقت بعشر حالات غريبة من نفس النوع ، كلهن قصتهن واحدة ، فتيات ملتزمات ، من عائلات محافظة ، أحببن في الجامعة ، وُعِدنَ بالزواج ، أحببن بصدق ، لكنهن لم يمكنّ الحب منهن ، لم يختلِنّ ، لم يخرجن من وراء أهاليهن ، كل ما سمحن به هو لمس أيديهن ، في لحظة ضعف ، ومن باب الثقة بمن أحببن .
وقفت الطبيبة حائرة ، متخبطة أمام هذه الحالات ، خشيت أن يكون هذا وباءً من نوع جديد ، استشارت كبار أطباء الغرب ، عبر الشبكة العنكبوتية ، جميعهم عجزوا عن مساعدتها ، بل إن بعضهم تعامل مع الموضوع باستهتار وسخرية ، فلم يكن أمام الطبيبة سوى التعامل مع المشكلة لوحدها ، استدعت جميع الفتيات ، كلاً على حدة ، وقامت مقام الطبيب النفسي ، استمعت إلى تفاصيل حياتهن ، علها تجد العلة ، لكن دون جدوى.
جميعهن تفاصيل حياتهن واحدة ، يقضين أغلب الوقت في المنزل ، السوق ، الجامعة ، العرسان ، الأهل ، والأصدقاء ، هي متنفساتهن الوحيدة .
استوقفها شيء واحد كان العنصر المشترك بينهن، كلهن عاشوا في نفس الشقة ، لكن في فترات متباينة ، منهن من ولدت فيها ، ومنهن من قضت طفولتها فيها ، وأخرى عاشت مراهقتها في نفس الشقة ، وعندما سألتهن عن سبب رحيلهن عن الشقة ، كانت إجابتهن واحدة ، مسكونة !!
***
توصلت الطبيبة إلى الشقة ، ومن حسن حظها أنها لم تكن شاغرة ، فاستأجرتها ، لم تدرِ لماذا فعلت ذلك ، لكنها كانت تشعر أن السر موجود في هذه الشقة ، همت بفتح الباب عندما أحست بوخز إبرة في راحتها عند ملامستها لمقبض باب الشقة ، سحبت يدها بسرعة ، لتجد راحتها تنزف ، سدت الجرح بمنديل ، فتحت الباب ، تذكرت أن الفتيات ذكرن لها أنهن حصل معهن نفس الشيء عندما لمسن مقبض الباب أول مرة ، لكنه لم يحصل مع أمهاتهن أدركت لحظتها أن هذا الوخز يصيب العذراوات فقط ،توترت ، هي عذراء أيضا ً ، خافت أن يصيبها ما أصاب الفتيات ، في حال لُمِست يدها من رجل محرّم .
مر اليوم الأول عادياً ، لكن الظواهر الغريبة بدأت في اليوم الثاني ، لوحة في الجدار تتغير زاويتها ، ظهور نفس المرأة في الرؤى الليلية ، والمرآة ، تماماً كما حصل مع الفتيات ، كادت الطبيبة تنهار من الرعب ، لكن عزمها وإيمانها بالله ، جعلاها تصمد ، واجهت المرآة لترى صورة المرأة الغريبة ، لم تهرب كعادتها ، بل بقيت تراقب المرأة التي تحدق بها من خلال المرآة ، لم تدرِ الطبيبة كم مر من الوقت وهي واقفة على هذه الحالة ، ببطء مدت المرأة كفها نحو الطبيبة من خلال المرآة ، بتردد مدت الطبيبة هي الأخرى كفها نحو المرأة ، تلامس الكفان ، شعرت الطبيبة وكأن تياراً كهربائياً صعقها ، فتحت عينيها ، لتجد المرآة خالية ، لا أثر للمرأة ، بل الأدهى من ذلك أن صورتها هي لا تنعكس في المرآة ، وكأنها شبح ، تلفتت حولها ، لاحظت شيئاً غريباً في الشقة ، صارت جديدة ، الجدران المكفهرة ، صارت ناصعة النظافة ، حتى التشققات اختفت ، العفش كله تغير ، وكأنها انتقلت إلى زمنٍ آخر ، فجأة سمعت صراخاً يخرج من غرفة النوم ، أسرعت إلى هناك ، فوجئت بالمرأة التي تظهر لها في المرآة ، وهي واقفة مواجهة لرجل غريب ، أدركت الطبيبة من مظهره بأنه زوجها ، الذي بدا ثائراً وهو يقول: أيتها الخائنة لقد خدعتني !
ردت المرأة مستنكرة : أنا خدعتك ؟!
_ أجل خدعتني عندما جعلتني أتزوجك ، ظاناً مني أنك إمرأة طاهرة عفيفة !
_ ماهذا الذي تتفوه به؟! أجننت ؟!
_ أجل جننت لأني تزوجت من فاجرة مثلك !
_ أنا أشرف منك أيها الزاني !
_ حتى إن كنت زنيت ، أنا رجل !
_ وهل لأنك لا تحبل هذا يعفيك من الخطيئة ؟!
_ أتجرئين على محاججتي يا عاهرة !
_ عاهرة لأن أبن عمي لمس يدي عندما كنت مخطوبة له ؟!
_ وما يدريني أنه لم يفعل أكثر من ذلك ؟!
_ أيها السافل الحقير ! لقد تزوجتني عذراء !
_ لا يهمني ! ما يهمني أن رجلاً قبلي لمسك وأنت أخفيتِ هذا عني !
_ أنت مجنون !
_ مجنون لو تركتك حية بعد هذا !
انقض عليها يعصر عنقها بقبضتيه ، حتى لفظت أنفاسها الأخيرة ، كانت الطبيبة تراقب المشهد ، وهي تعي أنها أمام جريمة منذ زمن بعيد في هذه الشقة ، وأن المرأة أرادتها أن تكون شاهدة على ما حصل .
رحلت الطبيبة من الشقة ، وقد أدركت أن الشقة ملعونة ، وأن اللعنة تصيب كل عذراء تسكنها ، وتساءلت في سرها ، هل اللعنة في الشقة فقط أم في المجتمع ؟!
* مازن رفعت
لكن الحالة التي أمامها هذه المرة مختلفة ، أقل ما توصف به أنها غريبة . فتاة في مقتبل العمر( مثل كل الحالات السابقة ) حزينة ، مكسورة ، تطلب ( مثل كل الحالات السابقة ) الإجهاض ، وعندما يأتي الاعتراض ، تبكي ، تتوسل ، تستجدي ، وحين يُطرح السؤال المعتاد : لماذا اقترفتِ هذا الفعل ؟ هنا تأتي الإجابة صادمة ، وغير متوقعة ، ( ومخالفة لكل الحالات المماثلة ) : أنا لم أقترف شيئاً !
_ لم تقترفي ؟! وماذا تسمين هذا الذي في بطنك ؟!
_ لا أدري كيف جاء ؟ !
بدا صوت الطبيبة يحتد : لا تدرين ؟! ومن الذي يدري ؟!
_ صدقيني أيتها الطبيبة أنا لم أزنِ !
_ إذن كيف جاء هذا الذي في بطنك ؟!
_ حقاً لا أدري !
وأجهشت دافنة وجهها بين كفيها ، نفد صبر الطبيبة ، وهي تقول : اسمعي أيتها الفتاة ليس لدي وقت أضيعه معك لدي حالات أهم في انتظاري .
_ صبرك عليّ أيتها الطبيبة ! أقسم لك بالله إنني لم أزنِ ! كل ما حصل بيننا هو تلامس بالأيدي !
_ تلامس بالأيدي ؟! الواضح أن المشكلة ليست في رحمك ، ولكن في عقلك ، وهذا ليس اختصاصي!
_ صدقيني أيتها الطبيبة ، أنا لا أهلوس !
سقطت آخر حصون الصبر لدى الطبيبة التي نهضت تصرخ بعصبية : أخرجي !
***
مرت عشرة أيام على الحادثة الغريبة ، عندما جاءتها حالة أخرى مشابهة ، ثم تكررت تلك الحالات الغريبة ، وفي ظرف شهر كانت قد التقت بعشر حالات غريبة من نفس النوع ، كلهن قصتهن واحدة ، فتيات ملتزمات ، من عائلات محافظة ، أحببن في الجامعة ، وُعِدنَ بالزواج ، أحببن بصدق ، لكنهن لم يمكنّ الحب منهن ، لم يختلِنّ ، لم يخرجن من وراء أهاليهن ، كل ما سمحن به هو لمس أيديهن ، في لحظة ضعف ، ومن باب الثقة بمن أحببن .
وقفت الطبيبة حائرة ، متخبطة أمام هذه الحالات ، خشيت أن يكون هذا وباءً من نوع جديد ، استشارت كبار أطباء الغرب ، عبر الشبكة العنكبوتية ، جميعهم عجزوا عن مساعدتها ، بل إن بعضهم تعامل مع الموضوع باستهتار وسخرية ، فلم يكن أمام الطبيبة سوى التعامل مع المشكلة لوحدها ، استدعت جميع الفتيات ، كلاً على حدة ، وقامت مقام الطبيب النفسي ، استمعت إلى تفاصيل حياتهن ، علها تجد العلة ، لكن دون جدوى.
جميعهن تفاصيل حياتهن واحدة ، يقضين أغلب الوقت في المنزل ، السوق ، الجامعة ، العرسان ، الأهل ، والأصدقاء ، هي متنفساتهن الوحيدة .
استوقفها شيء واحد كان العنصر المشترك بينهن، كلهن عاشوا في نفس الشقة ، لكن في فترات متباينة ، منهن من ولدت فيها ، ومنهن من قضت طفولتها فيها ، وأخرى عاشت مراهقتها في نفس الشقة ، وعندما سألتهن عن سبب رحيلهن عن الشقة ، كانت إجابتهن واحدة ، مسكونة !!
***
توصلت الطبيبة إلى الشقة ، ومن حسن حظها أنها لم تكن شاغرة ، فاستأجرتها ، لم تدرِ لماذا فعلت ذلك ، لكنها كانت تشعر أن السر موجود في هذه الشقة ، همت بفتح الباب عندما أحست بوخز إبرة في راحتها عند ملامستها لمقبض باب الشقة ، سحبت يدها بسرعة ، لتجد راحتها تنزف ، سدت الجرح بمنديل ، فتحت الباب ، تذكرت أن الفتيات ذكرن لها أنهن حصل معهن نفس الشيء عندما لمسن مقبض الباب أول مرة ، لكنه لم يحصل مع أمهاتهن أدركت لحظتها أن هذا الوخز يصيب العذراوات فقط ،توترت ، هي عذراء أيضا ً ، خافت أن يصيبها ما أصاب الفتيات ، في حال لُمِست يدها من رجل محرّم .
مر اليوم الأول عادياً ، لكن الظواهر الغريبة بدأت في اليوم الثاني ، لوحة في الجدار تتغير زاويتها ، ظهور نفس المرأة في الرؤى الليلية ، والمرآة ، تماماً كما حصل مع الفتيات ، كادت الطبيبة تنهار من الرعب ، لكن عزمها وإيمانها بالله ، جعلاها تصمد ، واجهت المرآة لترى صورة المرأة الغريبة ، لم تهرب كعادتها ، بل بقيت تراقب المرأة التي تحدق بها من خلال المرآة ، لم تدرِ الطبيبة كم مر من الوقت وهي واقفة على هذه الحالة ، ببطء مدت المرأة كفها نحو الطبيبة من خلال المرآة ، بتردد مدت الطبيبة هي الأخرى كفها نحو المرأة ، تلامس الكفان ، شعرت الطبيبة وكأن تياراً كهربائياً صعقها ، فتحت عينيها ، لتجد المرآة خالية ، لا أثر للمرأة ، بل الأدهى من ذلك أن صورتها هي لا تنعكس في المرآة ، وكأنها شبح ، تلفتت حولها ، لاحظت شيئاً غريباً في الشقة ، صارت جديدة ، الجدران المكفهرة ، صارت ناصعة النظافة ، حتى التشققات اختفت ، العفش كله تغير ، وكأنها انتقلت إلى زمنٍ آخر ، فجأة سمعت صراخاً يخرج من غرفة النوم ، أسرعت إلى هناك ، فوجئت بالمرأة التي تظهر لها في المرآة ، وهي واقفة مواجهة لرجل غريب ، أدركت الطبيبة من مظهره بأنه زوجها ، الذي بدا ثائراً وهو يقول: أيتها الخائنة لقد خدعتني !
ردت المرأة مستنكرة : أنا خدعتك ؟!
_ أجل خدعتني عندما جعلتني أتزوجك ، ظاناً مني أنك إمرأة طاهرة عفيفة !
_ ماهذا الذي تتفوه به؟! أجننت ؟!
_ أجل جننت لأني تزوجت من فاجرة مثلك !
_ أنا أشرف منك أيها الزاني !
_ حتى إن كنت زنيت ، أنا رجل !
_ وهل لأنك لا تحبل هذا يعفيك من الخطيئة ؟!
_ أتجرئين على محاججتي يا عاهرة !
_ عاهرة لأن أبن عمي لمس يدي عندما كنت مخطوبة له ؟!
_ وما يدريني أنه لم يفعل أكثر من ذلك ؟!
_ أيها السافل الحقير ! لقد تزوجتني عذراء !
_ لا يهمني ! ما يهمني أن رجلاً قبلي لمسك وأنت أخفيتِ هذا عني !
_ أنت مجنون !
_ مجنون لو تركتك حية بعد هذا !
انقض عليها يعصر عنقها بقبضتيه ، حتى لفظت أنفاسها الأخيرة ، كانت الطبيبة تراقب المشهد ، وهي تعي أنها أمام جريمة منذ زمن بعيد في هذه الشقة ، وأن المرأة أرادتها أن تكون شاهدة على ما حصل .
رحلت الطبيبة من الشقة ، وقد أدركت أن الشقة ملعونة ، وأن اللعنة تصيب كل عذراء تسكنها ، وتساءلت في سرها ، هل اللعنة في الشقة فقط أم في المجتمع ؟!
* مازن رفعت