منقول - قصة اختراع الإندومي... متى رأى النور لأول مرة؟

الإندومي ليس منتج حديث العهد، بل اُبتكرت الشعيرية سريعة التحضير -لأول مرة في العالم- قبل حوالي 64 عامًا، على يد أندو موموفوكو، مؤسس شركة نيشين للمنتجات الغذائية.

بحسب إحصائيات الرابطة العالمية للشعيرية سريعة التحضير، يبلغ الاستهلاك السنوي للإندومي، اعتبارًا من عام 2011، 98 مليار حزمة، تستحود كوريا الجنوبية على نصيب الأسد منها، بمعدل 74.1 حزمة للفرد الواحد سنويًا.

أول إندومي اخترعه أندو كان بنكهة الدجاج واعتمد على دقيق القمح في تصنيعه، كل ما عليه فعله لتحضيره آنذاك، هو قلي الشعيرية في الزيت لمدة دقيقتين على درجة حرارة تبلغ 160 درجة مئوية، ثم سكب الماء المغلي عليها.

وتصنيع الإندومي بهذه الطريقة جعلته قابل للتخزين لمدة قد تصل إلى 6 أشهر، دون الحاجة لحفظه في الثلاجة، ويرجع السبب إلى تجفيف الشعيرية، ما يمنع الجراثيم من الانتشار بها.

وبعد رحلة خاضها أندو في الولايات المتحدة الأمريكية، لدراسة سوق الإندومي، وجد أن الأمريكيين يكسرون الشعيرية المجففة إلى قطع صغيرة، ثم يضعونها في كوب ويتناولونها بالشوكة، الأمر الذي دفعه إلى طرح النودلز في أكواب، وهو ما كان يتناسب مع الثقافة اليابانية.

ومع ذلك، كان تسويق هذه الفكرة يتطلب منه تطوير تقنية جديدة، خاصةً أن الشعيرية التي ستوضع في الكوب يجب أن تكون على شكل كتلة يبلغ سمكها حوالي 6 سم.

كما أن قلي كتلة بهذا السمك سيؤدي إلى عدم وصول الحرارة إلى الشعيرية بالكامل، وإذا تم وضعها على نار عالية، قد يتسبب ذلك في احتراق الإندومي.

ولكن سرعان ما تمكن أندو من التغلب على هذه العقبة، عن طريق وضع الشعيرية في قالب من حديد على شكل مخروط مقلوب، تم إزالة رأسه المدبب.

ومنذ ذلك الحين، أصبح الإندومي من المنتجات التي تتمتع بشعبية جارفة على الصعيد العالمي، حيث تباع الآن في أكثر من 80 دولة حول العالم، كما شهدت العديد من التطورات بما يتناسب مع الخلفيات الثقافية، فعلى سبيل المثال، يتم إنتاج الشعيرية أقصر في الولايات المتحدة، بحيث تكون سهلة عند تناولها بالشوكة.

وفي عام 2005، طورت نيشين فودز شعيرية خاصة برواد الفضاء، على شكل حزم صغيرة الحجم، مغلفة ببياض البيض، حتى لا تتفتت بسبب الجاذبية المنخفضة.

كما أن حساءها يتميز بكونه أكثر سماكة، لتفادي تناثره في الفضاء، بالإضافة إلى أن الإندومي يتمتع بنكهة قوية، لأن حاسة التذوق تتأثر كثيرًا عند الخروج من الغلاف الجوي.

علاوة على ذلك، تم تعديل محتوى النشا في الطحين المستخدم في تصنيع هذه شعيرية، بحيث يمكن طهيها على حرارة تبلغ 70 درجة مئوية، لأن الماء يصعب غليه في مكوك الفضاء، نظرًا لانخفاض الضغط الجوي.

محمد زين - الطعام والكلام، حفريات بلاغية ثقافية في التراث العربي» : أكاديميون ناقشوا كيف تتحول تقاليد المائدة الى فعل ثقافي

نظم منتدى “رع” للثقافة والإبداع بآسفي، بتنسيق مع كلية اللغة العربية بمراكش والمديرية الإقليمية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل بآسفي واليوسفية، تظاهرة ثقافية كبرى الأسبوع المنصرم بمدينة الفنون والثقافة.
خصّص المنظمون جلسة الافتتاح لتقديم كلمة مقتضبة عن هذا اللقاء ألقاها كل من سعيد شمسي؛ ممثل المديرية الإقليمية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل بآسفي واليوسفية ومحمد زين رئيس منتدى “رع” للثقافة والإبداع بآسفي.
شهدت الجلسة الثانية مشاركة أكاديميين يمثلون جامعات مغربية وهم عميد كلية اللغة العربية بمراكش الدكتور أحمد قادم ود. عبد الإله أبو مارية من المركز التربوي الجهوي بآسفي ود. عبد الفتاح شهيد رئيس شعبة اللغة والأدب والتواصل بالكلية المتعددة التخصصات خريبكة ود. عبد الكبير الميناوي من الكلية المتعددة التخصصات آسفي ود “ة”. خديجة العباسي ود. يوسف عابدات والباحثة عائشة جنان رئيسة لهذه الجلسة.
لقد انطوت المداخلة الأولى للدكتور أحمد قادم والموسومة بـ: “لذة الطعام وبلاغة الكلام”، على التداخل بين الطعام والكلام، لذة بارتية وبلاغة عربية، تكشف عمّا يكتنزه التراث العربي “مدونات النقاد والبلاغيين والمقامات وغيرها”، من بلاغة حياة، لِيُحدثا معا الأثر المطلوب، استنادا إلى معطى أساس يجد صداه عند خطاب الحياة اليومية “كالبخلاء والطفيليين..”. وفي ذات السياق استحضر الباحث أدوات ثقافية وأنثروبولوجية معاصرة ليرسخ النسق الحضاري في تناول هذه الثنائية.
أمّا د. عبد الإله أبو مارية، فقد أشار من خلال مداخلته الموسومة بـ: “منافذ اللغة في كتاب الطعام والكلام”، إلى أنّ هذا الكتاب يتضمن التفاتات جميلة إلى جوانب متعددة من تراثنا العربي، وذلك بالنظر إلى هيئاتهم وأحوال معيشتهم وطرائق التعبير عن ذلك ضمن آثارهم ومروي كلامهم. والكتاب كذلك يراجع أقوال العرب وما شهدته من مزاوجة بين جمال المباني وجلال المعاني، وهو ما سمح للباحث بالتركيز على شذرات من ذلك بغرض تأملها وتحليلها، وهكذا أمكن الوقوف مثلا عند كلمة الموهوب، لمراجعة أمارات الانفصال بين ما يُعطَى وما يُوهَبُ، وليتّضح أنّ الموهوب هو أعلى ما يُفوَّتُ من الواهب للموهوب له، علما أنّ كل آي الذكر الحكيم ضُمّن هذه اللفظة، على ما أحالت عليه من عظمة الواهب وقيمة الموهوب وأحقية الموهوب له.
وأوضح د. عبد الفتاح شهيد في مداخلة تحت عنوان: “الطعام والنار، الجماليات الثقافية لنار القِرى في الشعر العربي من خلال “الطعام والكلام”منطلقا من إشكالات الشعر والشعرية، عبر آليات تحليلية استند إليها المؤلف منذ العنوان فيما يعبر عنه بالحفريات الثقافية. والحال أنّ مقالة الباحث ركّزت على موضوعة خاصة هي “نار القرى”؛ تلك النار التي تُنْضج الطعام، كما تُسلس عنان الكلام، وفيها مآرب أخرى للضيف والمضيف؛ لتحفر في أبعادها يفاجئنا بالكثير من الأبعاد الرمزية والثقافية التي تفتح أمام الباحثين آفاقا ثرية للبحث في الثقافة والأدب، وفي الشعر والحياة.
تساءل الباحث كيف يصبح الطعام غرضا شعريا؟ وكيف ينفلت من جبروت المؤسسة النقدية وخلفها المؤسسة السياسية؛ التي تجعل من “الطعام” و”الأكل” و”الشرب” معانيَ جزئية لا ترقى إلى أن تصبح غرضا؟
وحسب الباحث فالكتاب يثير إشكالات مهمة حول “الطعام” باعتباره موضوعا شعريا وبناء ثقافيا، بالتركيز على “نار القرى”؛ فكيف تكون “نار القرى” موضوعا شعريا دون أن تفقد أبعادها الثقافية؟ ! وكيف تكون موضوعا ثقافيا دون أن تفقد خصوصياتها الشعرية والجمالية؟ ! فعلى ضفاف هذه الأسئلة تتشكل الجماليات الثقافية للنار والقرى في الشعر كما في الثقافة؛ بين الأسطرة والشعرنة، وبين الماء والنار، وبين المشاركة والصراع، وبين الفناء والخلود… وغيرها من الثنائيات المثيرة التي تنضج في الكتاب على نار هادئة.
يخلص الباحث إلى أنّ “نار القرى” يتعيّن بوصفه موضوعا شعريا وثقافيا أثيريا، ذلك لأن الطعام بكل مكوناته بناء ثقافي متجذر في الثقافة، و”نار القرى” مكون أساس في ليل الشاعر البهيم كما في قصيدته المنيرة، ورمزياتها التي لا تنقضي.
اقتفى د. عبد الكبير الميناوي “أثر الطعام في الكلام / تقاليد المائدة باعتبارها فعلا ثقافيا”، متوقّفا عند الطريقة التي “أخرج” بها الدكتور سعيد العوادي كتابه، مقترحا على قارئه قائمة تشمل بيضة البُقيلة، التي تم التمهيد بها للكتاب، ومُفتحة، وأربعة أطباق (حقل الطعام: بين ضيافة الدنيا وضيافة الآخرة – جسور الطعام: من الطعام البلاغي إلى الطعام البليغ – شعرية الطعام: القِرى والمأكول والمشروب – نثرية الطعام: الموهوب والمنهوب والمرهوب)، ثم تحلية؛ وذلك بشكل يمكن القارئ من الجمع بين جودة التناول ومتعة والقراءة. كما استحضر كتابات حول أدب المائدة، في علاقة بتقاليد المائدة، قديما وحديثا، وهي تقاليد تتمايز من ثقافة إلى أخرى، بل تتحول هي نفسها إلى “فعل ثقافي”.
وبقدر ما احتفت هذه الورقة بالكتاب، سواء من حيث اختيار الموضوع أو طريقة مقاربة مضامينه ومحاوره، تأمل في أنْ يوسع الدكتور سعيد العوادي من مجال حفرياته البلاغية والثقافية، بحيث سيتناول في أبحاث لاحقة، ثنائية الطعام والكلام في المنجز الأدبي العربي الحديث. ولا شك أن النية حاضرة لديه، بدليل أنه كتب في “تحلية” كتابه الجديد: “ونأمل أن يفتح الكتاب شهية الباحثين لنتعاون جميعا في المضي في هذا الطريق اللاحب، بالكشف عن تشكّلات الطعام في خطابات أدبية قديمة وجديدة مثل: خطاب الرحلة وخطاب التصوف وخطاب الرواية، لنخرج – والأصح لنعود – إلى بلاغة أكثر رحابة وأغنى فائدة، هي بلاغة الحياة”.
واعتبرت د “ة”. خديجة العباسي في معرض قراءتها لكتاب د. سعيد العوادي، والتهام أطباقه الأربعة وتخير لذيذها، وهي تستحضر سجالا نقديا قديما بخصوص تلقي النقاد واللغويين والنحاة لمجموعة من الأبيات الشعرية على فرادتها والذين استندوا للخوض فيه على الموازنة بين الشعراء في بعض منها، من منظور الطعام، وأثر التحولات الحضارية والاجتماعية والفنية في هذه المفاضلة، من خلال الاستحضار الاستعاري للطعام، وتوظيف كل ما يتعلق بمعجم الطعام وضروبه وأصنافه حقيقة أو مجازا، موضحة أيضا ذلك التطور التدريجي في مفهوم الشعر ووظيفته عبر العصور الأدبية والذي لازمه تطور توظيف الطعام في الثقافة العربية، من التعبير عنه كمعنى في ذاته إلى تجسيده كمحسن ومزخرف بياني وبديعي في القصيدة العربية مراوحا بذلك تشكيل المجالس والمأدبات إلى تنميق وزخرفة القصيدة وتشكيل معناها الجمالي.
وبدوره أكّد د. يوسف عابدات في ورقته القيمة تناسب الطعام مع الكلام في سياقات اجتماعية وثقافية مختلفة، نتج عن هذا التناسب مآدب كلامية تجسد شبكة تقاطعات مادية ورمزية دالة على خصوبة التخييل والتجريد والابتداع عند الإنسان. وفي مضموم كتاب “الطعام والكلام” للبلاغي الألمعي سعيد العوادي صور بالغة الدلالة عن هذا التناسب في المعمار الثقافي واللغوي والبلاغي العربي، وفي الخطابين الشعري والنثري لهذا التراث.
ومن هذا المنطلق، انعقد عزم الباحث على تحديد بعض تجليات تداخل المكونين الثقافي واللغوي في التناسب القائم بين الطعام والكلام، من خلال تسليطه الضوء على بعض الصلات التي أقامها البلاغيون واللغويون والأدباء بين هذين العنصرين في جملة من النصوص والشواهد البلاغية والشعرية، عبر مبحثين رئيسين، أولها مركزية الطعام الثقافية في التراث العربي، وعالج من خلالها: الطعام في منظومة الآداب، وتصنيف الأطعمة والأشربة، ثم عدوى الطعام. وانصرف المبحث الثاني إلى حضور الطعام في الممارسة اللغوية؛ حيث عالج من خلاله المرجعية الطعامية في بعض الدلالات اللغوية، ورمزية بعض الأطعمة، ثم ثنائيات تقابلية بين أصناف من الطعام وألوان من الكلام.
وفي الجلسة الأخيرة تمّ توقيع الكتاب، وقُدّمت للمشاركين شهادات تقديرية وهدايا وتذكار ودرع للمحتفى به فضيلة الدكتور سعيد العوادي. وبهذا يواصل منتدى “رع” للثقافة والإبداع بآسفي تنظيم أنشطة ثقافية جادة تثري المشهد الثقافي المحلي والوطني.

محمد زين


ب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى