الحسين الهواري - الدكالي: طعام العنصرة، تاريخ الكسكس بسبع خضاري

الحسين الهواري - الدكالي: طعام العنصرة ، تاريخ الكسكس بسبع خضاري
دكالة أصحاب المغارف وكسكسهم من دشيشة الشعير
قراءة في رحلة ادموند دوتي في بلاد الشاوية ق19
قال : و الرحامنة يفطرون بالكسكس كل صباح .
من برغواطة تامسنة واد أم الربيع خليط الأمازيغ و العرب الأشجع و جشم في الشاوية ورديغة من الدار البيضاء و الجديدة دكالة، عبدة ، الرحامنة ، صنفهم أبو عبيد البكري و المراكشي في مصمودة و خالفهما ابن خلدون الذي اعتبرهم من صنهاجة . و أفاد مؤرخون آخرون أن المنطقة عرفت نزوحا كبيرا في عصر الموحدين أثناء صراعهم المعروف مع البرغواطيين من جهة و مع بنو غانية من جهة لا سيما في حقبة الخليفة يعقوب المنصور الذي وطن قبائل جديدة في تلك المنطقة، كما أن عصر بني مرين عرف كثيرا من التحولات الديموغرافية مما صعب على النسابين تحديد بعض قبائلهم و معرفة نوعية السكان الأصليين من الوافدين ...

طعام دكالة كما جاء في كتاب رحلة في بلاد الشاوية لادمنوند دوثي بداية القرن 19
يتكون طعام دكالة في أغلبه من الشعير والذرة، وأما القمح فلا يطعمه غير الأغنياء. وأشهر أكلاتهم هي المسماة «الدشيشية»، وهي نوع من كسكس الشعير. وأما كسكس القمح، أو «كسكسو» أو «سكسو»، فهو وجبة لا يتيسر الوصول إليها. وهذا الاسم تعرف به خاصة في منطقة الحوز، وأما في الغرب فهي تعرف باسم «الطعام» (وهو عموم الغذاء). وأما اللحم الذي يكثر أكله عندهم فهو لحم الغنم ولحم البقر. ودكالة ليسوا خبراء في فن تجفيف اللحم، فلا يقومون بهذه العملية في غير العيد الكبير. كما وأنهم يأكلون «القديد» الذي هيأوه على هذه الطريقة في مدة قصيرة. وهم كسائر المغاربة يكثرون من شرب الشاي، وقلما تجد بينهم من يدخن الكيف، فعادة التدخين معدودة عند القبيلة من الرذائل.
مغرف دكالة
يجدر بنا أن نشير ههنا بشأن التغذية عند دكالة إلى أنهم يستعملون المحارات مغارف يتناولون بها «الحسوة»، وهي حساء من دقيق الشعير، كما يستعملونها في تناول غيرها من المواد السائلة أو شبه السائلة. وأهل دكالة يشتركون في هذا الاستعمال للمحار مع بعض القبائل من ساكنة المناطق االساحلية من الحوز، وم ن جملتها الشاوية. وعبدة… فكلمة «محارة» تعني لديهم، كشأنها في سائر مناطق شمال إفريقيا، الصدفة كما تعني المغرفة. والمحار الذي يكثر استعماله لهذا الغرض هو نوع من أشبه بالصحن الطيني patelles، وهو المسمى «Patella ferruginea» (لامارك) و»Patella sefiana» (لامارك). وهذا اختيار شاذ، لأن هذه patelles ذات الأشكال شبه المستديرة ليست مما يفترض أن يسهل استعماله في غرف العصيدة، وسيكون أفضل منها استعمال أنواع أخرى من المحار، إذا كانت كبيرة نسبياً، وتلك هي المحارات التي كان أناس ما قبل التاريخ يستعملونها في القديم وهم يستعملون المحار عوضها coquillages – إلا من بعض الاستثناءات – في أكل الكسكس والعصيدة من غير تمييز، وأما قبائل الحوز التي تستعمل المحارة فهي تحرص أكراماً للكسكس ألا تأكله إلا بالأصابع. وقد أصاب مورتاي في ملاحظته التي قال فيها إن البلاد التي تغلب في تغذية أهلها العجائن أو أنواع السميد الغليظ لا تستعمل المغارف. ولذلك فأهل المشرق الذين تكاد تغذيتهم تقتصر على الأرز ليس لهم قِبَلٌ بالمغارف. وكذلك ينطبق هذا الأمر إلى حد كبير على المسلمين الذين أكثر أكلهم الكسكس. ومن غريب أن نرى دكالة قد شرعوا يصنعون المغارف حسب النموذج الأوربي الصحيح؛ فهي مغارف مقرَّنة بمقبض شديد القصر، ثم تراهم لا يزالون مستمرين على تسمية هذه الأدوات الجديدة «محارة»! وأما كلمة «مغرفة»، التي يراد بها في العادة المعلقة في بقية منطقة شمال إفريقيا، فهي غير معروفة عندهم. والمحارات عندهم نوعان؛ «محارة نتاعت البحر»، يريدون بها «مغرفة البحر»، و»المحارة نتاعت الكرن»، وهي المغرفة التي يتخذونها من قرون الحيوان، وهذا النوع الأخير من المغارف يعرض في الأسواق بخمسة قروش مغربية...

يتبع بقلم الهواري الحسين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى