الحسين الهواري - "بودرار" أو "الباكلا"... طعام أهل الجبل عصر بني مرين

ما انقرض من الطبخ المغربي ، طعام الزهاد و الحصادين (ثردة الفول بالسمن) للولي أبي جبل يعلى أبو درار .كما أوردها أبي يعقوب التادلي في التشوف. ومعنى كلمة ادرار في اللغة الأمازيغية هو الجبل، وقبائل بني درار هم أهل جبل بني درار في الشرق بين وجدة وأحفير وبركان والسعيدية وقد جمع الشيخ المتصوف (ابو الجبل ابو درار) المعنى الأمازيغي والعربي في إسمه. وتسمى كذلك الباجلا و البكلا و باقلا .
نقرا في التشوف: (أن - شيخنا الجليل الزاهد أبي جبل- انصرف إلى مدينة فاس. فلما قرب منها وقد أصابه جوع شديد أبصر الحصادين قد سيقت لهم ثردة الفول بالسمن. فاستولت عليه شهوة الطعام ومالت به رائحته. فقال في نفسه: أنا أسمر وهؤلاء الحصادين من جنسي، فلعلهم يدعوني للمؤاكلة معهم - فمال إلى جهتهم فصاحوا عليه وانتهروه. فرجع على نفسه باللوم والتوبيخ... فمر برابطة بعض المنقطعين فخرج إليه - أحدهم - وصافحه واعتنقه، وقال له: إن الله قد حماك من طعام الحصادين فإنه حرام، وقد أمرت زوجتي أن تصنع لك مثل ذلك الطعام. فعمل خيمة قريبة من خيمته وعزم على المقام عنده...).
على كل حال هذا طبق مغربي قديم وأصيل كان يصنع بفتات الرغيف مثل الثريد (الرفيسة) بدون دجاج ولحم فقط بالفول ويروح بكثير من السمن البلدي الحار وهو ما يميزه، وقد كان عماد طعام أهل الجبل والفلاحين والحصادين في عصر الموحدين والمرينيين.
وأرى أن المؤلف يشير إلى المقصود بالطعام الحرام هو اكل عرق الجبين وخاصة أن هؤلاء الحصادين يكدون ويعرقون في سبيل الحصول على قوتهم وهو ما كان يصطلح عليه قديما بالعمل بالخبزة أو بالخمس (خماس) كأجر. مع مقارنتي لنصوص أخرى في العصور الاقطاعية القديمة وجدت أن كثيرا من هؤلاء العمال وأمثالهم كان أجرهم هو الطعام وأحيانا القمح، ولا استبعد ان التادلي قصد به ذلك... ونجد شبيها لهذا الطبق في العراق والشام وبلاد أخرى.. والباكلا / الباقلا طعام يسمونه كذلك التشريب في بعض المناطق.
ويوسف بن يحيى بن عيسى بن عبد الرحمن التادلي، أبو الحجاج، المعروف بابن الزيات (ت. 627 هـ / 1230م) هو أديب وقاضي مالكي من أهل تادلة بالمغرب.
عاش في القرن 12 ومهنتة كاتب سير.

* عن كتاب التشوف إلى رجال التصوف لابن الزيات وعن جدوة الاقتباس وعن الروض العاطر الأنفاس وعن سلوة الأنفاس..

يتبع بقلم الهواري الحسين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى