شهادات خاصة كريم الشياحني - محمد جعفر...

أواخر تسعينيات القرن الماضي ،كانت "بوذنيب" محفلا ،أداتها اليتيمة فيه ،دار شباب متواضعة،وهمم شابة عالية ..
كان الفراغ هائلا،لكن سرعان ما امتلأ بوجهات نظر عاشت اختلافها لكنها لم تختلف.
كانت "جمعية الشعلة"تعيش مجدها التأسيسي،على وقع الفن والثقافة ،وعنفوان طاقاتها؛
ثم كان الشعر.
..
لا أعلم من فكر ساعتها -داخل ذلك القحط الكبير-في مسابقة للشعر ؟!
هو الآن يستحق التحية.
..
تناوب على منصة دار الشباب خلال المسابقة أشخاص كثر،ليدخل بعدهم من باب الدار الداخلي شاب يحمل سجلا في يده ،وكان بحوزته لامحالة شيء يميزه..(هكذا رأيته).
..
"محمد جعفر"،الطالب بكلية الآداب بمكناس،المنتظم بجد في محترف الشعر بالكلية ،يأخذ الجائزة دون جهد كبير .
..
أتذكر أن أحد أعضاء لجنة التحكيم،أطلق عليه بالمناسبة،لقب "نورس بوذنيب"،إمعانا في تقدير توظيفه لهذا الرمز الشعري في القصيدة التي شارك بها .
..
هو اللقب المجحف ،غير الواقعي ،الذي سيعدل فيما بعد ليحل محله "شاعر كير"..
..
هكذا تجلى "محمد جعفر" في "بوذنيب" التي استقبلت نزوح العائلة من ضواحي "بوعنان" -النزوح الإضافة بالنسبة لمكان الاستقبال -، طارئا جماليا وفنيا غير مسبوق/شاعرا جديرا بالإنصات /تجربة إنسانية تعيد صناعة وجودها الخاص من خلال معبر البلاغة العظيم.
..
بعد إجازته العلمية،يعود الشاعر إلى بوذنيب ،
يستثمر حصاره في "دكان" ليُنعش ذاكرته ،ويكتب ما سيكون بعد سنوات قليلة قصائد تزين ديوانه الأول "في هفوة الليل أول أسفاري"
افتتحه بترنيمة حالمة قائلا :
"قلتِ جئني بقلب يفوح بعطر الهوى
يستحيل نبيذا يُبيدُ النوى"
..
كنورس حر،أو كنهر جار،سيقتفي الشاعر كينونته موليّا وجهه جهة "الرباط" ؛التي يبدو أنها كانت فاتحة ذراعيها له بمودة وحنو وسخاء.
فاستجاب كما ينبغي له؛كيف لا،والشعراء أبناء السواحل والجبال!
..
"محمد جعفر"،سبّاق هناك (بالبلاد)-بحماس وإصرار-إلى جعل اللغة لعبة مشتهاة،ومحرض كبير لمن أتى بعده .
..
قد نختلف في عقيدتنا الشعرية ،لكن الراسخ عندي ،حين أتحدث عنه في غيابه-خاصة- ،قول "حسان بن ثابت":
إن كان في الناس سباقون بعدهم
فكل سبق لأدنى سبقهم تبع
..
من "في هفوة الليل أول أسفاري"أسرق هذا الجمال ،لأقول لأخي سي محمد،دم شاعرا في بساطتك وعفويتك ورقيك،فأشجارك في القلب وارفة؛
..
يطاردنا الحلم يا صاحبي"
فنفر سكارى
نمشط سهو الدروب الحزينة
نبكي انهيار الأماني التي رحلت من دفاترنا
قبل أن نتحرر من تخمة الحزن"

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى