د. خالد محمد عبدالغني - فرج أحمد فرج مؤسس التحليل النفسي اللاكاني للأدب

لم يعرف الدارسون لعلم النفس و التحليل النفسي في مصر جاك لاكان المحلل النفسي الفرنسي ولم يعرفوا شرحا تفصيليا لاتجاهه التحليلي اللغوي ولا قدم احدا مقررا دراسيا يعني بذلك قبل العلامة خالد الذكر اد.فرج احمد فرج المفكر التحليلي النفسي سعدت وشرفت بالدراسة علي يديه عامين كاملين بالسنة التمهيدية للماجستير والدبلوم الاكلينيكي وكتبت مخطوط كتاب عنه واعماله ولكن فقدت النسخة التي كانت عندي اثناء عملي خارج مصر ولكن نسخة منه كنت قد اعطيتها لسعادته لعلها موجودة كنت في ةلكتاب عرضت لملخص كامل لكل مقالاته وكتبه المنشورة والمجهولة ايضا وكان اخرها منشورا بمجلة النادي الادبي بجدة وهو مقال تنبأ فيه بازمة المياه والحروب القادمة عليها وهو ما تحقق بعد ٣٠ عاما فقد نشر المقال عام ١٩٩٥ كما حضرت كل مناقشاته للاطر وحات الجامعية طوال عقد التسعينيات .... كان عالما كبيرا ومفكرا نادرا واستاذا متواضعا يقترب من تلاميذه مانحا اياهم علمه وخبرته وانسانيته ويشجعهم باكثر مما يتخيل بشر ..اسس واصبح رائدا لتيار التحليل النفسي اللاكاني للادب ليس فقط بما كتبه ولكن لاشرافه علي اطروحاته جامعية اسست لهذا التيار في مصر ..كما شارك العلامة حسين عبد القادر في تاسيس الجمعية المصرية للتحليل النفسي ٢٠٠٤ وكنت معاصرا وشاهدا ومشاركا ولولا اني كنت خارج الجامعة لكنت المؤسس رقم ١٤ ولكن وقع الاختيار علي رقم فردي للمؤسسين فوقفوا عند الرقم ١٣ . واكتفيت بان اكون العضو الاول في الجمعية خارج المؤسسين وهم مجلس الادارة الذي دخلته عام ٢٠١٥ حتى صرت امين عام الجمعية تحت قيادة ورياسة اد. امال كمال استاذ التحليل النفسي باداب المنوفية ورءيس تحرير مجلة التحليل النفسي ورءيس تحرير مجلة علم النفس. صاحبة الايدي الاكثر. بياضا في تاريخي العلمي وتاريخ اعمالي المنشورة فسعادتها لا تعرف اني اعرف حجم دعمها ومقداره التي قامت به سرا ولكن القدر وحده هو ما كشف لي هذا الدور الاكبر والاهم .. ان حديثي عن اساتذتي خلال قرن من العطاء كله فرح بهم وشجون علي عدم استكمال مسيرتهم العطرة
صحيح أن العلامة اد.فرج أحمد فرج فاته بحكم الزمن أن يكون رائدا للتحليل النفسي بعد أستاذه زيور ومصطفى صفوان وسامي علي وأحمد فائق وبالرغم من حصوله المبكر على الماجستير حول الجناح والعدوان ، والدكتوراه حول الجنون - الفصام - إلا ان بحوثه اتجهت للظاهرة الاجتماعية والاشتباك مع الواقع والكتابة في الشأن العام أيضا ، درست على يديه عامين كاملين بمرحلة الماجستير والدبلوم الاكلينيكي بقسم علم النفس بآداب عين شمس وكان صاحب موضوعات جديدة لم نألفها من قبل خاصة للقادمين من الجامعات الاقليمية - كما في حالتي - حيث مفاهيم التحليل النفسي والتحليل اللاكاني وبحوث زيور "المعرفة والشفاء وجدل الانسان بين الوجود والاغتراب"وغيرها من المحاضرات الصعبة ولذا ولكي اواجه كل القصور الذي أستشعره في هذا المجال اتجهت للبحث عن كل ما كتب العلامة فرج أحمد فرج وطوال السنتين جمعت ولخصت كل ما وقعت عليه من ترجماته ومؤلفاته ، ولأكتشف بأنه مؤسس ورائد الاتجاه التحليلي النفسي اللاكاني للأدب ذلك الذي ضم دراساته حول القصة القصيرة ونجيب محفوظ والرواية الاسرائيلية واعمال غادة السمان والكتاب الشهير ألف ليلة وليلة ، واشرافه على العديد من اطروحات الماجستير والدكتوراه حول الأدب مثل "الانتحار لدى الأدباء ، والشخصية في روايات نجيب محفوظ وليالي ألف ليلة وليلة من منظور لاكاني وصورةالأب في الثلاثية وغيرها من المؤلفات التي قدمها للاستاذ الدكتور عبدالله عسكر مثل كتابي "الصدم الايديولوجي وهوية الذات ي رواية قلب الليل ، والأب الرمزي في وراية الطريق لنجيب محفوظ " ويكفيه ريادته في هذه الاتجاه ولهذا يصبح صنوا للعلامة مصطفى سويف الرائد الآخر للاتجاه الموضوعي للدراسة النفسي للأدب ، ولهذا فهما كانا جناحين طار بهما الادب في مجال الدراسة النفسية
واليكم كتابه التحليل النفسي وقضايا العالم الثالث
متبتل وهب عمره للتحليل النفسي وتطبيق مفاهيمه على قضايا الفرد والمجتمع والإنسان ، ولقد ظل حتى لحظة خلوده يبذر الكلم المثمر في شجر الصحبة والزملاء والابناء ، بقدر ما كان مهموما بوطنه وأمته يشخص الأدواء ويقرر الدواء في ضوء منهج التحليل النفسي في ظل أحدث مدارسه وبخاصة المدرسة الفرنسية اللاكانية من خلال رؤية تكاملية جدلية لا تغفل البعد الاقتصادي – الاجتماعي ، وما أكثر ما قدم تاليفا وترجمة وتنظيرا وانشغالا بقضايا الواقع هذا هو فرج أحمد فرج علما بلا ألقاب تحده كما رآه صديقه حسين عبدالقادر – العلم الآخر أيضا - في مقدمة بلغت تسع عشرة صفحة تناولت حياة المؤلف منذ البواكير إلى آخر ما قدم ، وأهم انجازاته في علم النفس – التحليل النفسي- وقيامه بتدريسه داخل مصر وخارجها. وكاتب هذه السطور ممن تتلمذوا على يديه في مرحلة السنة التمهيدية للماجستير ودبلوم علم النفس الاكلينيكي وقراءة اعماله بدقة ومتابعة اطروحاته التي أشرف عليها، وقام بكتابة دراسة عن كل أعماله لم تجد طريقها للنور بعد .
والكتاب الحالي الذي يقع في 303 صفحة قسمت إلى اربعة أبواب تحدثت عن تأملاته في تاريخ علم النفس وخواطره ورؤاه حول مستقبله . يتناول الباب الأول فصولا حول مقال في العدوان وسلسلة مقالات أخرى حول العدوانية والحياة النفسية ومفهوم الصحة النفسية الذي يتمثل في القدرة على العمل والحب ويتجلى في هذا الباب رؤيته للعدوان التي لم تقف عند الفهم اللاكاني بل ربطه بالموضوعات المستدمجة والمسقطة فهو لا يغفل أثر ميلاني كلاين وأكثر من ذلك كله وأبسطه معا فيرى العدوان يدور في كل نفس إنسانية وعلى الاطلاق ودون استثناء ذلك الصراع بين غرائز الموت وغرائز الحياة. وفي الباب الثاني فصولا حول وقصايا الانسان ما بين علم النفس والسياسة وقضية الديمقراطية وخواطر وعقبات حول الديمقراطية ، وكما تناول الحرية الانسانية وعلاقتها بالوجود ، ولقد رأى في الديمقراطية إنسانية الإنسان كما انها وجود حى متدفق يلم شمل الوجود الانساني كله ، بل وأهم من ذلك فإنها تتميز بنضج داخلي حقيقي يتجسد في وعيه- الإنسان – بنفسه ، والتماسه لكمال هذا الوعي من خلال حوار مع آخر. أما الباب الثالث فقد تناول الفرد والجماعة وجدل السلطة والجماهير والافراد والشعوب والحكومات والكفاية والعدل وخواطره حول أحوال الإنسان ما بين الرأسمالية والاشتراكية ، وصور وأشكال من العنصرية . وقضايا المرأة والعلم والزواج العرفي والجمع بين الأزواج في علاقات طارئة على المجتمع، والحياة والتاريخ والجنس ، فهو يرفض اختزال المرأة ف مجرد الامومة والانجاب ورعاية الاطفال بقدر ما يرفض اختزالها باعتبارها سلعة وهي افة واردة إلينا ناتجة عن عمليات التبعية التي تعاني منها مجتمعاتنا، فالمرأة عنده أنس ومؤانسة . وفي الباب الرابع تناول خواطر حول عالم اليوم والعدالة الغائبة والتبعية والتشويه ، وعالم في محنة وتأملاته في محنة الجنوب ، واحزان التخلف . وفي الختام تناول مواجهة مع النفس في ذكرى حرب أكتوبر . والانس والمؤانسة باعتبارهما الجماعة والوجود، وبهذا يصبح الجنس لدى المشتغلين بعلم النفس ظاهرة إنسانية تؤثر في حركة الحياة. وبهذه الرؤى يكون المؤلف قدم قراءات متعمقة تشخيصا وعلاجا للفرد والجماعة والمجتمع ، كما قدم اسرابا من العلم تعانق الجديد في كافة جنبات الحياة ، فهو نهر متدفق العطاء. وتجدر الإشارة إلى ضرورة الشكر لدور المحررتين في جمع هذه الدراسات والرؤى من الدوريات والصحف، ولولا هذا الجهد لما كان بين أيدينا هذا السفر الجامع لبلورات رائعة من ابداع المؤلف الذي رحل عن عالمنا قبل صدور هذا الكتاب ولعل روحه – الان - راضية بجهد تلميذتيه ومقدمة صديقه.

_____________________________
الصورة المرفقة من مقتنيات اد.خالد النجار Khaled Elnajar ويتوسطها العلامة فرج أحمد فرج في بيته وحوله مجموعة من تلاميذه الذين أصبحوا اساتذة كبارا لاحقا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى