د. حسام الدين فياض - المنهج التجريبي في البحوث الاجتماعية

تمهيد:
يعد المنهج التجريبي أقرب مناهج البحوث لحل المشاكل بالطريقة العلمية، حيث يتضمن المنهج التجريبي كل خطوات المنهج العلمي منهج الاستقراء، الذي يتمثل في عدة خطوات تبدأ بملاحظة الظواهر وإجراء التجارب، وضع الفروض العلمية، واختبار مدى صحة الفروض، وأخيراً الوصول إلى القوانين العلمية.
يعني ذلك أن هذا المنهج يقوم على إجراء ما يسمى " بالتجربة العلمية "، فعن طريق التجربة، يتم اختبار أثر عامل متغير لمعرفة أثره، وذلك قبل تعميم استخدامه، ويسمى العامل المتغير المطلوب دراسة أثره، بالمتغير التجريبي، وهو يمثل الفرض المطلوب اختبار صحته.
يهتم المنهج التجريبي بجمع البيانات ووسيلته في جمع البيانات هي الملاحظة العلمية والمضبوطة، وذلك لاختبار الفروض المتعلقة بقضية محددة مع عزل أو تثبيت العوامل الأخرى التي يمكن أن تترك أثرها على النتيجة. يحاول هذا المنهج تفسير الظواهر الاجتماعية بجمع بيانات عن طريق المشاهدات يربط بينها ليصل إلى فرض يقوم بتحقيقه بالتحكم في المتغيرات وتثبيتها جمعياً عدا متغير واحد نقوم بتغييره لنعرف تأثيره على غيره.

1- تعريف المنهج التجريبي: هو تغيير متعمد ومضبوط للشروط المحددة لواقعة معينة وملاحظة التغييرات الناتجة في هذه الواقعة ذاتها وتفسيرها، أو هو " تغيير معتمد ومقبول للشروط المحددة لحادثة ما، وملاحظة التغيرات الناتجة في الحادثة ذاتها وتفسيرها ". ويعني ذلك أن دور الباحث في الدراسات التجريبية لا يقتصر عند حد وصف موقف أو تحديد حالة أو التاريخ للحوادث الماضية، وإنما يقوم عامداً بمعالجة عوامل معينة تحت شروط مضبوطة ضبطاً دقيقاً لكي يتحقق من كيفية حدوث ظاهرة معينة ويحدد أسباب حدوثها. والواقع أن الباحث يستخدم أكثر من طريقة منهجية واحدة لتحديد مسار العلاقة بين متغيرين أو أكثر وتحديد طابعها تحديداً دقيقاً ذلك أن التصميم الجيد للبحث يضم معاً في إطاره كثيراً من الطرق المنهجية المختلفة.
يتصف البحث التجريبي
بأنه يتضمن أكثر من مجرد البحث عن حقائق جديدة أو حقائق معترف بها في تجمعات وتراكيب جديدة. إنه التطبيق المحدد لمبادئ البحث في مواقف مضبوطة بقصد اختبار الفروض المتعلقة بالعوامل المعنية. أو تغيير معتمد ومضبوط للشروط المحددة للواقع أو الظاهرة، التي تكون موضوعاً للدراسة، وملاحظة ما ينتج عن هذا التغيير من آثار في هذا الواقع أو الظاهرة.
تعني التجربة بالمعنى العام
ملاحظة الظاهرة بعد إجراء أو إدخال بعض التعديلات عليها من خلال اصطناع ظروف وشروط جديدة لها. ويعتبر التجريب من أهم طرائق البحث العلمي، إذ لم يميز الباحثون بين الاستقراء كمنهج من مناهج التفكير الاجتماعي والبحث العلمي وبين التجريب كطريقة من طرائق هذا المنهج نظراً لما يتمتع به التجريب من أهمية في إطار المنهج الاستقرائي فقد جرت العادة على اعتبار التجريب والاستقراء مفهومين مترادفين.
بذلك يعتبر المنهج التجريبي من أكثر مناهج البحث العلمي الاجتماعي كفاءة ودقة نظراً لإمكانية إعادة التجربة في ظل نفس الظروف كما يستطيع الباحث تثبيت جميع العوامل والتحكم في عامل واحد، ويمثل الزمن الحاضر أهمية عظمى في البحوث التجريبية مما يعطيه صفة الاستمرار والديمومة وإمكانية التأكد من صدق النتائج بناءً على معطيات الزمن الحاضر. ومع كل هذا يظل المنهج التجريبي ليس منهجاً مثالياً خالياً من الصعوبات والأخطاء مثل جميع المناهج الأخرى، لا بد للباحث مراعاتها. ولكن على العموم يظل أفضل المناهج العلمية دقة وأكثرها صدقاً في الوصول إلى نتائج موثوق فيها والوصول إلى تعميمات وقوانين عامة تتجاوز فائدتها الظاهرة التي أجريت عليها التجربة.
- المصطلحات والمفاهيم المستخدمة في المنهج التجريبي: من أهم المفاهيم أو المصطلحات ذات العلاقة بالمنهج التجريبي ما يلي:
1. التجربة: هي تطبيق عامل معين على مجموعة دون الأخرى لمعرفة ما يحدثه من أثر.
2. المتغير المستقل: هو العامل أو السبب الذي يطبق بغرض معرفة أثره على النتيجة.
3. المتغير التابع: هو النتيجة التي يقاس أثر تطبيق المتغير المستقل عليها.
4. المجموعة التجريبية: هي المجموعة التي تطبق عليها التجربة.
5. المجموعة الضابطة: هي المجموعة التي تشبه تماماً المجموعة التجريبية في جميع خصائصها عدا تطبيق التجربة فلا تخضع لها.
6. المتغيرات الخارجية: هي المتغيرات التي يلزم ضبطها لتكون بدرجة متساوية في المجموعتين التجريبية والضابطة.
7. الاختبار القبلي: هو الاختبار الذي تختبره المجموعتان التجريبية والضابطة قبل إجراء التجربة.
8. الاختبار البعدي: هو الاختبار الذي تختبره المجموعتان التجريبية والضابطة بعد إجراء التجربة.
9. ضبط المتغيرات: أي حصر المتغيرات الخارجية ذات الأثر على التجربة عدا المتغير المستقل وذلك بهدف عزلها حتى يمنع أثرها على النتيجة، أو تثبيتها حتى يتأكد من توافرها لدى المجموعتين الضابطة والتجريبية على حد سواء.
10. تكافؤ المجموعات: أي جعل المجموعتان التجريبية والضابطة متكافئتين تماماً، أي متشابهتين في جميع المتغيرات عدا المتغير المراد دراسة ومعرفة أثره.

2- الأسباب التي تدفع الباحث إلى استخدام المنهج التجريبي: تنحصر بالأسباب التالية:
أ- إن التجريب يتيح للباحث أن يغير عن قصد وعلى نحو منظم، متغيراً معيناً (المتغير التجريبي أو المستقل) ليرى تأثيره في متغير آخر في الظاهرة المدروسة (المتغير التابع)، مع ضبط كل المتغيرات الأخرى.
ب- مراجعة ما تم الوصل إليه من نتائج، من خلال تكرار التجارب مرات متعددة، وفي أوضاع وظروف متباينة.
ج- تحقيق الفرضيات التي تفسر بها الظواهر، وذلك في أوضاع تسمح بتناول قطبي الفرضية بصورة مستقلة عن العوامل الأخرى المتصلة بالظاهرة.
د تعيين دليل كمي للتعبير عن العلاقة التي تربط متغيراً ما بظاهرة ما، وفي هذا امتداد لمعرفتنا المتعلقة بتلك الظاهرة والعوامل المؤثرة فيها.

3- أنواع التجارب: يوجد ثلاثة أنواع رئيسية من التجارب وهي:
- التجربة المعملية: هي تجربة تتميز بالضبط يتم إجراؤها في ظل ظروف شديدة التحكم والتطويع من جانب الباحث (وليس بالضرورة معملياً)، حيث يمكن إجراء قياسات دقيقة. فيقرر الباحث مكان إجراء التجربة، وفي أي وقت، ومع أي مشاركين، وفي أي ظروف وباستخدام إجراء معياري.
تعد التجارب المعملية شائعة جداً في علم الاجتماع والنفس لأنها تتيح للمُجرِّبين مزيداً من التحكم في المتغيرات. ويمكن أيضاً أن يكون تكرار، هذه التجارب أسهل للباحثين الآخرين. وتكمن المشكلة بالطبع في أن ما يحدث في المختبر لا يتطابق دائماً مع ما يحدث في العالم الحقيقي. ويتم تخصيص المشاركين بشكل عشوائي لكل مجموعة متغيرة مستقلة.
وما يميز هذه التجربة عن غيرها أنه من الأسهل تكرار (أي نسخ) تجربة معملية. وهذا بسبب استخدام إجراء موحد، وتسمح بالتحكم الدقيق في المتغيرات الخارجية والمستقلة. وهذا يسمح بإنشاء علاقة السبب والنتيجة. ولكن ما يقيد هذه الطريقة أنه قد ينتج عن اصطناع المكان سلوك غير طبيعي لا يعكس الحياة الواقعية، أي انخفاض الصلاحية البيئية. وهذا يعني أنه لن يكون من الممكن تعميم النتائج على بيئة واقعية. وقد تؤدي خصائص الطلب أو تأثيرات المجرب إلى تحيز النتائج وتصبح متغيرات مربكة.
- التجربة الميدانية: يتم إجراء التجارب الميدانية في البيئة اليومية (أي الحياة الواقعية) للمشاركين. ولا يزال المجرب يتعامل مع المتغير المستقل، ولكن في بيئة واقعية (لذلك لا يمكنه التحكم في المتغيرات الخارجية).
قد يختار الباحثون أحياناً إجراء تجاربهم في هذا المجال، فعلى سبيل المثال دعنا نتخيل أن عالم الاجتماع النفسي مهتم بالبحث عن السلوك الاجتماعي الإيجابي. فقد يطلب المجرب من شخص ما أن يتظاهر بالإغماء ويلاحظ الوقت الذي يستغرقه المتفرجون للاستجابة.
ويمكن أن يكون هذا النوع من التجارب طريقة رائعة لرؤية السلوك أثناء العمل في بيئات واقعية. ومع ذلك، فإنه يجعل من الصعب على الباحثين التحكم في المتغيرات ويمكن أن يقدم متغيرات مربكة قد تؤثر على النتائج.
وما يميزها أنه من المرجح أن يعكس السلوك في التجربة الميدانية الحياة الواقعية بسبب بيئتها الطبيعية، أي أعلى صلاحية بيئية من التجارب المعملية. كما أنه هناك احتمال أقل لخصائص الطلب التي تؤثر على النتائج، حيث قد لا يعرف المشاركون أنهم قيد الدراسة، ويحدث هذا عندما تكون الدراسة سرية. ولكن ما يضعف هذه التجربة أنه هناك سيطرة أقل على المتغيرات الخارجية التي قد تؤدي إلى تحيز النتائج. وهذا يجعل من الصعب على باحث آخر تكرار الدراسة بنفس الطريقة تماماً.
- التجربة الطبيعية: يتم إجراء التجارب الطبيعية في البيئة اليومية (أي الحياة الواقعية) للمشاركين، ولكن هنا لا يتحكم المجرب في المتغير المستقل لأنه يحدث بشكل طبيعي في الحياة الواقعية.
فمن المرجح أن يعكس السلوك في التجربة الطبيعية الحياة الواقعية بسبب وضعها الطبيعي، أي صلاحية بيئية عالية جداً. ويكون هناك احتمال أقل لخصائص الطلب التي تؤثر على النتائج، حيث قد لا يعرف المشاركون أنهم قيد الدراسة.
وبالتالي يمكن استخدامها في المواقف التي يكون فيها من غير المقبول أخلاقياً التلاعب بالمتغير المستقل، مثل البحث عن الإجهاد (الإرهاق). ولكن قد تكون أكثر تكلفة وتستغرق وقتاً أطول من التجارب المعملية.
ولا توجد سيطرة على المتغيرات الخارجية التي قد تؤدي إلى تحيز النتائج. فهذا يجعل من الصعب على باحث آخر تكرار الدراسة بنفس الطريقة تماماً.

4- خطوات المنهج التجريبي: تتلخص الخطوات الأساسية في المنهج التجريبي، بما يلي:
- تحديد هدف التجربة:
ينبغي أن يكون هدف التجربة محدداً، لأن من أهم مشاكل التجريب، الأهداف غير المحددة غير الواضحة.
- تحديد المعاملات (المتغيرات) التجريبية: تحدد المعاملات، المطلوب معرفة تأثيرها، التي تفي بالغرض من التجربة، على أن يعرف تماماً الدور الذي تلعبه كل معاملة من هذه المعاملات، في تحقيق الهدف من التجربة، ثم تحدد عدد المكررات.
- اختبار تصميم التجربة والقياسات: بعد تحديد المعاملات، يختار تصميم التجربة الملائم، الذي يحقق دقة النتائج، ثم تحدد القياسات المراد تقديرها.
بمعنى أدق وأوضح لا يختلف المنهج التجريبي في خطواته عن بقية المناهج الأخرى، فهو يبدأ بالملاحظة الظاهرة موضوع البحث، ووضع الفروض ثم القيام بالتجربة ثم محاولة الوصول إلى معرفة العلاقات الموجودة بين الظواهر، واكتشاف القوانين التي تحكمها. وعادةً ما تبدأ خطوات المنهج التجريبي بما يلي:
1. تحديد مشكلة البحث موضوع الدراسة والبحث.
2. صياغة أهداف البحث من خلال تحديد الهدف الرئيسي من التجربة تحديداً دقيقاً.
3. فرض الفروض من خلال تحديد العوامل/ الأسباب (المتغيرات المستقلة) التي سيتم دراسة تأثيرها على الظاهرة موضوع البحث (المتغيرات التابعة).
4. اختيار عينة البحث بشكل دقيق والعمل على تحديد المجموعة التجريبية التي ستطبق عليها التجربة، والمجموعة الضابطة التي تشبه تماماً المجموعة التجريبية في جميع خصائصها عدا تطبيق التجربة فلا تخضع لها.
5. العمل على ضبط متغيرات المحيطة بموضوع البحث من خلال حصر المتغيرات الخارجية ذات الأثر على التجربة عدا المتغير المستقل وذلك بهدف عزلها حتى يمنع أثرها على النتيجة، أو تثبيتها حتى يتأكد من توافرها لدى المجموعتين الضابطة والتجريبية على حد سواء.
6. إجراء التجربة وتنفيذها، اختبار الفروض من خلال القيام الفعلي بالتجربة المطلوبة لاختبار العلاقة القائمة بين متغيرات البحث، أي رصد تأثير المتغير المستقل على المتغير التابع.
7. استخلاص النتائج
التي توصلت إليها التجربة.
- مثال توضحي: لو نفرض أننا نريد أن نبحث في أثر التعليم عن طريق استخدام الحواس الخمسة لدى أطفال المرحلة الابتدائية، فالمتغير المستقل هنا هو استخدام الحواس الخمس والمتغير التابع هنا هو تعلم الطفل واكتساب المعلومة بشكل واضح.
أولاً: نحتاج في البداية إلى ضبط المتغيرات، التي قد تؤثر على المتغير التابع حتى نستطيع التأكد من أن المتغير المستقل هو المسؤول عن النتائج النتيجة التي سوف تتوصل إليها، وفي هذه الحالة نعمل على اختيار عينة متجانسة من الأطفال في الصف الثاني الابتدائي من حيث العمر، والمكانة الاقتصادية مكان السكن المستوى التعليمي للوالدين، نوع المدرسة حكومية، خاصة)... إلخ.
ثانياً: نقوم بعدها بتقسيم العينة المختارة إلى قسمين، فلنفرض أن المجتمع المبحوث لدينا هو (6) ذكور، و (6) إناث في الصف الثاني يتجانسون بدرجة عالية جداً من حيث اشتراكهم بنفس المتغيرات المضبوطة، وتكون كما يلي: المجموعة الأولى: تسمى المجموعة التجريبية وهي المجموعة التي تختبر العامل المستقل، وفي حالتنا هذه، نقوم بإعطاء المعلومات للطلاب (3) ذكور، و(3) إناث عن طريق استخدام الرسومات والأشكال الهندسية، وتعليمهم عن طريق استخدام الحواس.
والمجموعة الثانية: تسمى المجموعة الضابطة وهي المجموعة من الطلاب (3) ذكور و(3) إناث الذين لن يختبروا ولن يتعرضوا للعامل المستقل (مواد وأشكال هندسية)، وإعطاؤهم المعلومات بشكل نظري أو تقليدي.
بعد الانتهاء من ذلك بفترة زمنية محددة مسبقاً، نطلب من الأطفال في المجموعتين تفسير نتائج تجربة محددة مثال: هل الخشب يطفو على سطح الماء؟ من المؤكد أن المجموعة التجريبية ستدرك ذلك، وتفسرها بطريقة تختلف عن المجموعة الضابطة.

5- إيجابيات المنهج التجريبي: تنحصر بالإيجابيات التالية:
إن النتائج التي يحصل عليها الباحث الذي يعتمد في بحثه على المنهج التجريبي تكون دقيقة لدرجة كبيرة، لأنه يعمل على إيجاد العلاقة بين متغيرات البحث العلمي عبر فحصها، ليستخرج بعد ذلك النتائج.
يتميز المنهج التجريبي بمرونته، كما أن له أكثر من نموذج ومن هذه النماذج: (نموذج عن مجموعة دراسية وحيدة- نموذج للمجموعات الدراسية التي تحمل نفس الصفات- نموذج تدوير مجموعات عينة الدراسة)، علماً أن هذه النماذج تساعد في القيام بالتجارب بصورة مرنة، من أجل الوصول إلى المعلومات الدقيقة والحقائق.
يساعد المنهج التجريبي على ضبط متغيرات البحث الذي يتكون من متغير مستقل وربما أكثر، ومن متغير تابع أو أكثر، حيث يساعد هذا المنهج على إيجاد البيئة الخارجية المناسبة، ودراسة مدى تأثيرها على المتغيرات أو المتغير التابع، وذلك حسب نسب رقمية دقيقة.
إن تناول الدراسة أو البحث الذي يقوم الباحث بإعداده بطريقة موضوعية من أهم الميزات التي يتميز بها المنهج التجريبي، فالباحث في هذا المنهج يلتزم الحياد الكامل دون أي تحيز، وذلك لضمان الوصول إلى نتائج دقيقة.

6- سلبيات المنهج التجريبي: من أبرز سلبيات هذا المنهج أن أداة الدراسة المستخدمة تؤثر بدرجة كبيرة جداً على النتائج التي يتوصل إليها البحث العلمي.
ومن الصعوبة في المنهج التجريبي أن يعمم الباحث العلمي نتائج بحثه، فالتجارب تجري غالباً على عينة واحدة، ويصعب التعميم على العينات المشابهة.
هناك بعض التجارب التي يبتعد الكثير من الباحثين العلميين عن القيام بها لأسباب دينية أو أخلاقية على سبيل المثال الجدل القائم حول المشروعية الأخلاقية لأبحاث الاستنساخ.
قد لا يتم تعاون الأفراد الذين يشكلون عينة الدراسة مع الباحث العلمي بشكل صحيح، فتتم إجاباتهم بطريقة مصطنعة أو نجد تغيير في سلوكياتهم، سبب في الوصول إلى نتائج غير دقيقة وفيها الكثير من السلبيات.
وفي النهاية، يعتبر المنهج التجريبي من أنجح وأكفأ المناهج لاختبار صحة الفروض وتحديد العلاقات بين المتغيرات، فهو المنهج الذي تتضح فيه معالم الطريقة العلمية في التفكير بصورة واضحة أنه يتضمن تنظيماً يجمع البراهين بطريقة تسمح باختبار الفروض والتحكم بمختلف العوامل التي يمكن أن تؤثر في الظاهرة المدروسة.
* أمثلة على دراسات تطبيق المنهج التجريبي:
1) أثر كل من نمط الشخصية وأسلوب التعلم على التحصيل الدراسي لطلبة الصف العاشر ثانوي في مدينة ماردين.
2) تأثير العنف الإلكتروني على سلوك الشباب في سن 15- 18 سنة (دراسة تجريبية لعينة من الشباب في مدنية ماردين)
3) أثر استخدام الأجهزة اللوحية (الذكية) في العملية التعليمية على التحصيل الدراسي لدى طلاب جامعة ماردين (دراسة تجريبية لعينة من طلاب السنة الأولى قسم علم الاجتماع)
4) أثر التدخين على الصحة التنفسية للإنسان.
5) أثر السماد على نمو النبات.
6) أثر مادة الإحصاء على تحصيل الطلاب في مادة أساليب البحث الكمي.
7) أثر مشاهدة أفلام العنف على سلوك الأطفال.
8) أثر المسؤولية الاجتماعية على الاندماج الاجتماعي.

كما هو ملاحظ في صياغة العناوين المدرجة أعلاه، أن مواضيع البحث في المنهج التجريبي تبدأ بكلمة " أثر"، وهذا ما يميز البحوث التجريبية عن غيرها من المناهج كونها تحمل خاصيتين، الأولى دقة النتائج، والثانية: نستطيع تكرار التجربة مراراً والحصول على نفس النتائج، حيث إننا نقيس أثر متغير مستقل واحد على متغير تابع.

----------------------------------------------
- المراجع المعتمدة:
- أحمد بدر: أصول البحث العلمي ومناهجه، المكتبة الأكاديمية، القاهرة، ط1، 1996.
- أحمد بدر: علوم الإعلام (البحث العلمي- المناهج – التطبيقات)، دار قباء الحديثة، القاهرة، ط1، 2008.
- بلال عوض سلامة: التفكير المنهجي في تصميم البحوث الاجتماعية، فضاءات للنشر والتوزيع، بيت لحم، ط1، 2013.
- بلقاسم سلاطنية، حسان الجيلاني: المناهج الأساسية في البحوث الاجتماعية، دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة، 2012.
- حسام الدين فياض: تقنيات كتابة البحوث الاجتماعية "منهجية إعداد وتصميم خطة البحث من الألف إلى الياء"، سلسلة نحو علم اجتماع تنويري، الكتاب: الخامس، الجزء: الأول، دار الأكاديمية الحديثة، أنقرة، ط1، 2023.
- علي معمر عبد المؤمن: مناهج البحث في العلوم الاجتماعية – الوجيز في الأساسيات والمناهج والتقنيات، منشورات جامعة أكتوبر، بنغازي، ط1، 2008.
- فاطمة عوض صابر وميرفت علي خفاجة: أسس ومبادئ البحث العلمي، مكتبة ومطبعة الإشعاع الفنية، الإسكندرية، ط1، 2002.
- محمد الصاوي محمد مبارك: البحث العلمي – أسس وطريقة كتابته، المكتبة الأكاديمية، القاهرة، ط1، 1992.
- محمد سرحان علي المحمودي: مناهج البحث العلمي، مكتبة الوسطية للنشر والتوزيع، صنعاء، ط3، 2019.
- مروان عبد المجيد إبراهيم: أسس البحث العلمي لإعداد الرسائل الجامعية، مؤسسة الوراق، عمان، ط1، 2000.
- ميادة القاسم: مناهج البحث الاجتماعي وتطبيقاتها في علم الاجتماع، المجلة العربية للنشر العلمي، الأردن، مجلة علمية محكمة دولية، العدد: 31، 2021.



د. حسام الدين فياض
الأستاذ المساعد في النظرية الاجتماعية المعاصرة
قسم علم الاجتماع كلية الآداب في جامعة ماردين- حلب سابقاً

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى