السيد حمزة - حظائر...

أى بابٍ أدخلُ، دخلتُ من الباب الخلفى.الجدُّ جالسٌ ماسكٌ عينه الوحيدة ..المستديرةالطويلة، التى تبدأ من الأرض ،وتنتهى برأس أفعى فى يده؛الجدة جاثية تحت قدميه،تدب وسطاها اليمنى فى مؤخرة العصاة تقيسها!هل فرطت بيضتها؟!!
هذا وقت الحظيرة، كم تحب كائناتها!لم يحن وقت الصلاة؛ الدفء بجوارالنار، تفنيه الآهة الباردة، الصغيرة بجوار عمَّتها راقدة،تسد ّ فمها"الببرونة" الكاسرذهب يتسلّم بندقيّته الروسية القديمة،ذات الطلقة الواحدة،الجابر فى صفوف الجيش،يقود دبابة أمريكية،قال أبوه:
_يتعلّم شغلانه تنفعه .
هل قيادة الدبابة؟!! كقيادة السيارة!!! المحمدى تبدّل حاله ولسانه؛ماع حرف الضاد منه واستطال ،فباخ كصوت عاهرة بالية،شاخ من التبغ وكئوس الخمر، ألصق بمؤخرته سروالاً..به نتء مستطيل بين إليتيه، فى وسطه نتء صغير..منتصب دائماً،ينحشر فى مستقيمه..يدفعه لحد الخناثة.العصرى عائد من سيناء، حاملاً الحنظل والشيح،وبقايا هزيمة ،ومزارع أعشاب .. ما خَبُثَ منها وماحَمُدَ .الحنظل لسيقان جدّته الكسيحة، والبقايا ترفيه معنوى ،وما حمد لمعدة أمه القريحة،وما خبث للمتيقظين،والشيح يعرف لماذا؟؟!
حظائر..حظائر؛ الداركلها حظائر، أين سريرجدك مزرعة البق؟ وسريرأبيك وأمك مرتع البراغييث؟ وسريرك غذاء السوس؟ودولابك عش أبو بريص؟ أين صومعة الغلال على السطح؟أين الفئران ؟ أين؟!!أين ؟!! أين الآدميون فى داركم ؟!!!
البيت إن خلا من حشراته وجزذانه بيت خرب.انتبهتُ على صياح الإوز، كانت أيام عر، أوصانى الطبيب بالإمتناع عنه، أدركت الآن؟!! قرقرة الدجاجات تدغدغنى،وصوت أمى المبحوح؛ما عادت ديوك تصيح، الأرانب كانت فى الحظيرة المجاورة قوية،ممتلئة اللحم وافرة الشحم كثيرة النسل،كنت أسمع لأرجلها دمدمة، تقلقنى من سباتى العميق،هى الآن هامدة وطرحها شحيح،التفت مع أذنى..صوصوات حزينة،كتاكيت كئيبة ،تنقرفى وعاء بارود ،وأخرى تشرب من المسقاة حامض الكبريتيك؛تفجرّت شعيرات أنفى،سال الدم على شفتى، مسحت وجهى..دمى لطّخ كفّى،جثيت.. كجثى الجنودعلى ركبة ونصف، اقترب كتكوت منى ..كتكوتة صوصوت :
_أبى.
مدهوشًا حدَّقت .. صامتاً..مشدوهاً شهقت.
صوصوت:
_أبى ألا تعرفنى.. أنا اسراء.
أقمت صوان العزاء ،وصافحنى المواسون فى اسراء :
_شكر الله سعيكم .
ذنبكم عند عتيد مقرور.
_أبى ألا تعرفنى.. أنا اسراء؟!
حملتها بين يدىّ، تلوث زغبها الأبيض بدمى،ابنتى..ابنة الدجاجة البيضاء سألتها:
_أين أمك يا بُنَيْتِى ؟!!
صوصوت:
_هناك مع الدجاجات .
_وجدتك.. وجدتى؟!!
_مع الإوزات .
_وجدى..وجدك أبى ؟!!
صوصوت:
_ديك مات..وديك مربوط فى جذع النخلة هناك فى صحن الدار..بجوار دبابة عمى الجابر.
_يتعلم شغلانة تنفعه !!!
فحيح..فحيح..فحيح، تفحّ ابنتى فى وجهى، تفحّ الدجاجات..يفحّ البط ..تفحّ الأوزات ..تفحّ الأرانب. فحيح عال..صفير فى أذنى ،ارتعدت ابنتى، التفتّ..وجهى فى وجهها فحّت:
_ضعها.
ملت بجذعى مالت معى،علت صوصوات ابنتى، تركتها..أقامتنى وشعبتى لسانها فى فتحتى أنفى..لعقت دمى.جرّت جسدها العملاق،لفّتنى من القدمين حتى الرأس ،ذيلها معقوف كذيل "العقربن" نقرت خدّى فحّت:
_السم هنا..ليس فى الفم.
ديكة تبيض..تأتى تلتهم البيض تحصده ؛نصطفّ بأمرها.. الدجاجات..البط.. الإوزات،تحثّنا.. نبيض فى فمها أنثى تلو الأخرى،تمد رأسها تبتلع أرنباً، تنتفخ بطنها..وتزداد تفلطحاً،تنسحب سكرى.ببطء متكاسلة .نعود كل إلى حظيرته.تضع فمها على فم المضخّة، بمهارة تضغط على ذيلها بذيلها،تشرب دماء الأرض..ماء أسود مزدهرة تجارته..نشوانة.. تنسحب ببطء لذيذ، تتكوّم فى تلافيف وحوايات، تضع رأسها على وسادة
طيّة من جسدها.. تحت أشعة الشمس المنسربة،من منور وسط الدار، تطل بعينيها على بنّية الحمامات الشاهقة السالمة،لا تبتلع بيضاتها..تهوى التهام الزغاليل، تستسلم للنوم على صوت "أم كلثوم" يا مصبّرنى..استيقظت على موسيقى الجاز رقصت رقصة أفعوّية،ذهبت إلى النخلة أمام أبى تبرّزت، نقر..هبط الجابر من دبابته، نقر معه.أفقت على ارتعاد جسدى بين أحصانها الطرية فحّت:
_مسكين..قوى لا يدرك قوّته.
_كيف..أنا مكتوف ؟!!
ابتسمت..يال سحر ابتسامها..فحّت:
_أنت..محوى.
_كيف ؟!!!
_حواك جدك قبل أن ترضع من ثدى أمك ،وأعطاك الحواية بالرسالة..بامكانك، وأنت فى أى مكان تسخيرى لك.
كنت أبول فى إناء.. يأخذه أبى يسقى منه الشاة أو العنزة أوالناقة.. المعضوضة من ثعبان..أو الملسوعة من"عقربن"أو ذنب أفعى..تشفى؛ وريقى البلسم الذى يمتص السم،من أجساد الرعاة المعقورين أو الملسوعين،من حشرات البادية المؤذية.صرخت فيها ..أتلوعليها العهد.
قهقهت الملفوفة حولى،وفحّت فحيحاً مدوّياً،رفعتنى حتى السقف،ودارت.. ترقص فى جوانب الدار،فوق رءوس الكائنات الطيّبات، تلوّح بى..لطعتنى على ثقبها مسحته. نفضت باقى جسدها المعلق فى الهواء، ارتطمت بالسقف، وهويت على الأرض مكسور النفس والعظم..مجبّر القلب باللغط.نظرت إلىّ بعينيها اللتين اتسعتا ،تفرّ منهما غطرسة ثقيلة،
لطمتنى بكرباج لسانها قالت:
_لعقت دمك يا ملعون،لا تجدى تمتماتك الآن معى، كل ما يؤلمنى أننى مهما طعنتك بذنبى، أو ملأت جسمك عضّاً.
فحّت ببغض:
_لن تموت.
نفخت جحيماً من فمها.. وفحّت ثائرة:
_ أعشق البيض والبيوض، وأستلذ للقضيب.
جهنم الدار؛زكمتُ أنفى من رائحة الريش المحروق ، ولحم مشوى..أنا والأرانب وخصيتىّ ،والخزوق المرشوق .فارت جهنم من فمها ثانية،وأشاحت بوجهها مستديرة:
_أبحث عن ذكر فائر كسّير.. هىء.. من أين؟!! قد يأتى ضالاً.
بذيلها قلبتنى، وانسحبت فى بطء لذيذ..كسلانة نشوانة بارتشاق المشنوق فيها؛ تكوّمت تحت حزمة أشعة الشمس ، قهقهت وهى تومىء لى برأسها، وأخرجت شعبتى لسانها فى خبث، وفحّت مخمورة:
_حيـــيــــح.. شــــــــــيح.
راقداً على بطنى.. أضحك والكائنات الطيبات،تتدافع خجلى من عريها وعريى.بط وأوز منزوع ريشه، وكتاكيت دناميت محروق زغبها، وأرانب وأنا مشوى جلدى وجلدها. فضاء بين فخذىّ .أبكى.. أم ابنتى التى هجر ... بيتها، بيت أم أولادها.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى