علجية عيش - في ذكرى استشهاد زيغوت يوسف مهندس هجومات 20 أوت 1955

باحث في التاريخ يدعو إلى القفز على التاريخ


من عجائب هذا العصر أن يدعو باحث في التاريخ إلى القفز على التاريخ و كأن التاريخ لعبة تفاضل بين ممثلي أدوار ، فالتاريخ يعني المراجعة و التحقيق، و يعتبر علبة أسرار الأمم و الشعوب، يعودون إليه لإحياء ذاكرتهم الجماعية و منه يرفعون كل التهم و المظالم التي ألصقت بقادة تاريخيين ،تم إعدامهم و اغتيالهم بطرق وحشية كما هو السبيل لتصحيح ما يمكن تصحيحه من الأخطاء التي ترتكب أيام الثورات، فمن واجب الباحث في التاريخ أن يكون حياديا و يذكر الحقائق التاريخية و الأحداث كما وقعت ، لأن الكتابة التاريخية مسؤولية جسيمة تقع على عاتق المختصين في التاريخ من أجل تنوير الأجيال وعدم تغليطها

الشهيد زيغود يوسف "من الحدادة إلى القيادة" .. كان عنوان ندوة تاريخية نظمتها مديرية المجاهدين بالتنسيق مع متحف المجاهد لولاية قسنطينة نشطها مجاهدون و باحثون في ذكري استشهاد البطل زيغوت يوسف ، حيث كشفوا جوانب خفية من مسيرة الشهيد زيغود يوسف و بطولاته، لاسيما و هذه الشخصية التاريخية كما قالت مديرة متحف المجاهد لولاية قسنطينة في كلمتها الافتتاحية تعتبر واحدة من الرموز التي كان لها دور قيادي في الحركة الوطنية ، فالشهيد زيغود يوسف يعتبر مهندس هجومات 20 أوت 1955 ، و التي كانت منطلقا لعقد مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956 ، في مداخلته ذكر المجاهد محفوظ شراك ما جاءت به الوثائق الرسمية التي تحدثت عن طفولة الشهيد زيغود يوسف منذ التحاقه بالمدرسة الفرنسية لتعلم اللغة الفرنسية و كيف كان غضبه من معلمه الفرنسي حين كان يقول لهم أن لغتهم الأصلية هي الفرنسية فأظهر نقمته على التواجد الفرنسي في الجزائر ، ما دفعه إلى التوقف عن الدراسة ليلتحق بالشغل ، حيث اختار مهنة الحدادة عند معمر فرنسي اسمه بول بورنان، ثم انخراطه في حزب الشعب ، اين تم اعتقاله بعد مشاركته في مظاهرات 08 ماي 1945 رفقة مجموعة من أعضاء اللجنة الثورية و الوحدة و العمل، يضيف المجاهد محفوظ شراك أن مهنته كحَدَّاد مكنته من صنع مفتاح للهروب من سجن عنابة سنة 1951، و يذكر الشاهد لقاء زيغود يوسف بمصطفي بن بوالعيد بمنطقة الأوراس و انضمامه لمجموعة الـ: 22 ، أين تم تعيينه نائبا للقائد ديدوش مراد ثم قائدا للمنطقة الثانية بعد استشهاد ديدوش مراد، و قد عرف زيغود يوسف بمهندس هجومات 20 أوت 1955.
457352645_881027187290932_6712200415027039191_n.png


أما البروفيسور مومن العمري و هو مختص في التاريخ الذي تحدث عن هذه الهجومات التي شكلت منعرجا حاسما في مسار الثورة و مشاركة زيغود يوسف في مؤتمر الصومام ، مبرزا استراتيجية الشهيد في رسم الخطة لقهر العدو، مذكرا بمشاركته في معركة الجرف التي شارك فيها قادة و من بينهم الشهيد عباس لغرور و كيف استعملت فرنسا سلاح الغاز و الذي تسبب في مقتل مئات الجزائريين ، أجبر عباس لغرور على الانسحاب ليلا (على حد قوله هو) مقارنا في ذلك الدلالة الزمانية التي تربط بين هذه المعركة التي وقعت في تبسة و هجومات 20 أوت 1955 التي كان لها أثرها ، إلا أنه في محاضرته ينتقد البروفيسور مومن العمري الوضع الذي كان في تلك الفترة حيث يقول أنه لم يكن هناك تنسيقا بين قادة الثورة خاصة في مسألة اتخاذ القرارات، حيث كان كل قائد يعتمد عل إمكانياته المادية و يتدبر امره بنفسه ، و قد انتبه الشهيد زيغود يوسف لما يحدث بمنطقة الأوراس و لذلك جاءت هجومات 20 أوت 1955 لفك الحصار على هذه المنطقة و توسيع رقعة الثورة، يقول مومن العمري ان من خصوصيات هذه الهجومات أنها تختلف عن كل الهجومات و المعارك التي وقعت، من حيث انتقالها من السرية إلى العلنية، فهذه الهجومات كما أضاف كسرت طابو الخوف عند الجزائريين، كذلك هو الشأن من حيث التنظيم و الإعداد، و هنا يبدو المحاضر متناقضا ، عندما أشار في بداية محاضرته إلى غياب التنسيق بين قادة الثورة.

بين مومن و عباس لغرور

و قد عاد المحاضر للحديث عن الشهيد عباس لغرور عندما قال أن عباس لغرور باع كل ما يملكه من أجل الثورة و ترك ابناءه الصغار ليلتحق برفاقه في الثورة من أجل استقلال الجزائر و محاربة العدو، إلا أنه انتفض في رده على سؤالنا حول معرفة سبب إعدام عباس لغرور في تونس و على يد رفاق دربه ، و كان رده أنه حان الوقت للقفز على بعض القضايا التي لا ينبغي الخوض فيها، حتي لو كانت هناك أخطاء وجب اليوم أن نتجاوزها ، هي رسالة واضحة منه للقفز على التاريخ و التنكر لأحداث وقعت أيام الثورة راح ضحيتها مجاهدين و قادة بسبب الصراع على السلطة الذي تميز بتصفية الحسابات، هو الصراع بين السياسي و العسكري الذي فصل فيه مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956 بقيادة الشهيد عبان رمضان و الذي أقرّ بالقيادة الجماعية.

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى