محمد أبوالعزايم - ينزِعُ نظارتَهُ ليَرى...

إلى عبيد عباس


في المُعتادِ
-أقولُ في المعتاد-
يكونُ الرجالُ السُّمرُ،
ذوو القاماتِ الطويلةِ، والملامحِ الحادةِ،
والأكُفِّ المفلطحةِ طيبينَ بالفطرة،
ما الذي يَحمِلُني - إذن- على كراهيتِكَ
بخلافِ الطفلِ المُتَفلِّتِ الذي يَسكُنُني؟
الطفلِ الذي يقفزُ -الآن- على الطاوِلةِ
مُقِيمًا من نفسهِ درعًا ليَحولَ بين نظرتِك المدبَّبةِ وبيني.
هكذا راحَ -نيابةً عني- يَكْتَرُّ خيطَ الأسئلةِ
فَرِحًا بتخلُّصِهِ العَرَضِيِّ من تهمة التحريض على الكراهية:
◆ كم قمرًا مكتملَ السطوعِ وضعتَهُ قبالتي،
بينما كنتُ أنزِعُ عن هلالٍ وليدٍ تَقَوُّسَهُ
مخافةَ أن يكتملَ قمرًا شاحبا؟
◆ كم شاطئًا بَسَطتَهُ أمامي
بالبساطةِ ذاتِها التي تفرشُ بها عجوزٌ
حصيرَتَها على المصطبةِ،
منذ كانت تُباهي قريناتِها بليمونتينِ
نبتَتا لتَوِّهِما تحت صدر جلبابها الصغيرِ،
بينما كنتُ منشغلًا بنزع المسامير عن الألواح الخشبيةِ،
اتقاءَ زمانٍ يعتاشُ على لحومِ الأشرعةِ
ويأخُذُ كلَّ سفينةٍ غصبا؟
◆ كم نصًّا التقطتَهُ بعدما انزلقَتْ قدماهُ
عن الحبلِ مثلَ لاعب سيركٍ في طريقهِ
للسقوط الجبريِّ، والارتطام الأوحدِ والأخيرِ،
فيما كنتُ أحدُّ سكيني لأذبح نصًّا لي
يُحاولُ أن يجذبَني لأسيرَ على الحبلِ نفسِهِ،
أو على الأقل لأقفَ في المدى
بين نظرتك الشاعرةِ ولحظة السقوطِ كشاعرٍ قناص؟
◆ كم نظارةً نزعتَ عن عينيك
لترى الأشياءَ في صورتها الأوضحِ
بينما عشتُ أضربُ الأرضَ
باحثًا- بلا جدوى- عن فكرةٍ لتصحيحِ الإبصارِ،
أو لهدمِ الجدار بين الحَدسِ الرجيمِ واللحظةِ الحاضرة؟
◆ هكذا كنتٌ أكرهُكَ وأنت تُفلسفُ الشكَّّ،
لتُسَميَهُ ذُروة اليقين، هناك حيثُ لا حقيقة.
لكنني -في الأخيرِ- أخذتُ عنك الصعودَ إلى هُناك
وهناك.. أخذتُ أتشكَكُ في حقيقة الكراهية
وشكًّا بعد شكٍّ وجدتٌني أحبكَ..
أيٌّها المدى الرَّحبُ، والصديقٌ المختلَس.

محمد أبوالعزايم
#فيما_يخص_الشعر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى