البهاء حسين - ماذا أفعلُ إن أصابنى السرطان...

ماذا أفعلُ إن أصابنى السرطانُ
لا قدّر الله
إن باتت أيامى معدودة
من يُقبّل "ريماً "
كيف أخبرُ بناتى
ماذا أقول لإخوتى المصابين إلى جوارى
للأطفال
للأسرّة المعدنية التى تردّد صدى الألم
لجرعة الكيماوى
للنهاية حين تأتى بغتة
ماذا أقول لأمى التى وعدتُها ألا أكفّ عن الخفقان
للّيل الذى عاملته كأب
للنجوم التى كانت تُحيّينى فى الطريق إلى قلبى
من يحملُ نعشى، ويدفننى هناك
فى حضن أبى
من يذكرنى يا إلهى بعد موتى
:
آه
كم أكرهُ الأسئلة، حين لا تكون هناك إجابة
كم أكره الإجابة
عندما لا تُعيد الروحَ إلى ما كانت عليه
،،
حين أقول.. الحياة والموت
أعنى أن الحبّ أكبرُ منهما
أن " ريماً "، حبى الذى وُلد للتوّ
سوف تسأل قبرى عمن يرعى قلبها
،،
سأستقبل الخبرَ بفزعٍ طبعاً
ثم أعدّ أيامى
ليس مهماً أن تكون لها أسماء
سأجعل أيامى بعدد القبلات التى تبادلناها
حين تعارفنا بالشفاه يا "ريم "
كم قبلة بالمناسبة ؟
قولى، لأحصى ما بقى لى من أيام
:
حين تحبك امرأة أصغرُ منك بربع قرن
يصغُر عمرك
،،
عندما تزوريننى فى معهد الأورام
سوف أتظاهر بأن الحياة كانت عادلة معى
انتهت دورة الحظ بك
كانت حياتى شقاء فى شقاء
أنت نعمتى
وأنا قبلتُك بقدر امتنانى للنعمة
بقدر ما تسمحُ به ساعةٌ من نهارٍ
غرفةُ المكتب
بابٌ قد يُفتح فى آية لحظة
بقدر ما يسمحُ النَفَسُ للقبلة أن تدوم
:
أمهلنى أيها السرطان قليلاً، كى أوارى حياتى
سوأتى
،،
هل ما زال هناك وقتٌ للاستدراك
لتنقية حياتى
قبل أن ألقى بها فى فتحة القبر
،،
نعيشُ فترة ثم نموتُ
لا بأس
يكفى أن تحبّ
أن تشرق شمسٌ بداخلك
أن يصبح قلبك كوكباً
:
"ريم " أمسكتْ يدى أمس
على كوبرى أكتوبر
كان النيل يجرى من تحتنا، دون رفيقة تمسك يده
الشمس فى مكانها، تشرق وتغرب، كل يوم
دون أن تجفّف الأورام الخبيثة
هذا الشراع يبدو لى، من بعيد
مثل سيف
وحزنى مركب قديم يطقطق، لكن لا أحد غيرى يسمعه
هنا ماسبيرو
وهنا أصابعى تقبلها "ريم "
وأنا أقبّل يدها البيضاء على مهلٍ
كمن يتذوق آخرَ شىءٍ فى حياته
كمن يستبقى الحياة أطولَ وقتٍ ممكنٍ
قبل دفنها
،،
سأصبح نحيلاً طبعاً
سأضمرُ كل يوم
حتى أصبح عود ثقاب محترقاً
سأنظرُ إلى ملابسى بحسرةٍ
إلى صورى
سأنظرُ من النافذة إلى الحياة
كأننى أولِ شخصٍ يموتُ
بينما تمنيتُ أن أكون الأخير
وقد تحدثُ معجزة
ما الذى يمنعنى من انتظار المعجزات
طالما أن "ريماً " أحبتنى
قالت لى
قالت لحضنى
لشعرى الأبيض
أحبك
وأنا وعدتُها ألا أموت
تحت أىّ ظرف
ما الذى يضطرنى للموت يا "ريم "
ما دمتُ أحبك .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى