منى محمد صالح - شهادة الغياب الأولى..

يحدث أن نطوي الحزن في صندوقٍ صغير
والغياب، يمر بيننا كجرحٍ عابر
مثل هروبِ الظلِّ الشاخص من مرآةِ الفجر،
وسؤالٌ يهرول نحو أقدامِنا العارية،
متشرنقاً بملحِ الحنين:
كيف تضيء السماء ظلمة ولادتك الأخيرة؟
كيف تربطَ حلمًا بخيطٍ شفيفٍ
لتقتلَ ظلالَكِ الأولى؟

وأنا التي أراقبكَ من بعيدٍ،
أراكَ الآن، وأصابعُ الريحِ تخطفُ
الوميضَ من جسدِ ذكراكَ
يتناسلُ الصمتُ،
وجوهًا ضيقة من العمر الذي مرَّ مسرعًا
قبل أن يلامسَ جناح الطائرِ المهاجر شفتي الغروب،
لينتزع حجرًا متصدِّعًا من قلبِ الأرض
لم يشهدْ ولادته بعد!

هو ذلك الغبارُ الرمادي، يا ابن اللغة الأولى
مرٌّ ومرٌّ، مثل طعمِ أحلامنا المُعلَّقةِ على حبال الحزن
ونترك صورنا هناك.. تملأ الليلَ
فاصلاً مؤقتًا،
ننتظر أن ينتهي،
حتى يعود الصباح
والريحُ القديمةُ تقلبُ أيامَها
أمامَ سفكِ القلب

وجعٌ ثلاثي،
يتدحرج وحيدًا
مثل حجرٍ،
بقايا وهمٍ بعيد،
طالَت نهاراته المصقولة ..
على حافةِ النسيان...
وتسقطَ سماءٌ أخرى،
يعري الحزن ستارها الأخير
ومدائنُ الوجعِ المعتّق
تفسحُ للحلمِ
حينًا آخر…
تفسحُ
للحلمِ
حينًا
آخر

20 إكتوبر 2024
منى محمد صالح

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى