العربي عبدالوهاب - الديك الشركسى...

كعصفور صغير كانت كفى تهبط وسط يدها السمينة ونصعد السلم الخشبى؛
ترتكن على ساقيها ، ويهبط جرمها الكبير حتى تجلس القرفصاء ، ثم تمد يدها حيث تبيض الدجاجتان ، وعندما نعود ببيضتين ، تبتسم قائلة : الحمد لله
وتحشو لنا أمى رغيفين ساخنين بالبيض المقلى
وعندما أعود من المدرسة ويدى فى يد أخى الأصغر الذى تعلم نطق الكلام منذ عامين تقريبا ، وأصر أن تكون له مثلى شنطة وكراسة وقلم ، ذهبت إلى الحضانة وسجلت اسمه ؛ وكنت آخذه كل يوم فى يدى .. وأنتظر الأبلة المبتسمة بلا داعى ـ فى العودة ـ أن تأتى به من على الأرجوحة .
كنت أقول هذا الديك الأحمر ذو العرنون لى ، وكان أخى يمسك بديك ذا رقبة صلعاء : "وهذا لى" أطلق عليه أخى أبو " رقبان" .. ننتظر بفارغ الصبر أن يكبرا مثلنا ونجرى وراءاهما على السطح ، فتقول: "بشويش يا أولاد .. الفرخ يطير" .
كانت تخاف عين الحسود .. وتلاحقنا بالرقية كل يوم .
آ....ه يا أمى كنتِ ممتلئة كدجاجة مكتنزة
كيف هزل جسدك .. وأصابك داء العظام؟؟ !!
صرت تخافين طلوع السلم الخشبى .
حـوَّم الشرود على سنك الضاحك .
منذ عشر سنين تقريبا تــاه الديك "أبو رقبان" ، نزلتِ تبحثين عنه .. ولم يعد .
يقول الجيران : ديك بهذه الأوصاف .. وهذا الجمال لم يأت عندنا .. ويهون عليك البعض: حتما سيعود .
وتغمز إحداهن : ربما لاف على واحدة ونط من فوق الأسطح ذاهبا لها ..
تبكى أمى نادبة : يا ناس إنه ديك صغير .. برقبة صلعاء .. كان يختال فى مشيته كطاووس ؛
يوم عدتُ بدونه لطمتْ خديها وظلتْ طرحتها السوداء ملتحفة برأسها .. ولما جفت دموع أمى حلَّ الشرود ، كمن كانت تنظر فى اللاشيئ .. أو تقرأ قدرها فى صفحة الغيب .
أذهب للمدرسة وحيدا
وأعود ..
أحيانا تندرج قدمى باتجاه السلم ، فتصرخ كأن عقربا لدغها : لا .. والنبى يا بنى

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى