في ذكري استشهاده المصادفة للثامن عشر جانفي
(الإضراب الوطني في 28 جانفي 1957 يظل صورة ملتصقة بالذاكرة الجماعية)
سؤال : هل يكفي الوقوف أمام معلم تذكاري أو قبر شهيد لنتذكر مأثر الرجال و تضحياتهم؟ دون العمل برسالتهم التي تركوها للأجيال؟، فاستذكار محطات تاريخية تستحق منّا العودة إلى الوراء لنتعلم فقه النضال و معني التضحية و العمل الجاد ، و هذا العمل الجدي لا يؤتي ثماره إلا إذا سُلِّمَ "المشعل" للشباب، هذا المشعل الذي تحدث عنه الشهيد ديدوش مراد يوم قال قولته الشهيرة: " لسنا خالدين، سيأتي بعدنا جيل يحمل مشعل الثورة" و يبقي السؤال : هل يعرف شباب اليوم شهداء بلاده، هناك شهداء من هم في زاوية النسيان، و هم من شكلوا ملحمة الجزائر
(الإضراب الوطني في 28 جانفي 1957 يظل صورة ملتصقة بالذاكرة الجماعية)
سؤال : هل يكفي الوقوف أمام معلم تذكاري أو قبر شهيد لنتذكر مأثر الرجال و تضحياتهم؟ دون العمل برسالتهم التي تركوها للأجيال؟، فاستذكار محطات تاريخية تستحق منّا العودة إلى الوراء لنتعلم فقه النضال و معني التضحية و العمل الجاد ، و هذا العمل الجدي لا يؤتي ثماره إلا إذا سُلِّمَ "المشعل" للشباب، هذا المشعل الذي تحدث عنه الشهيد ديدوش مراد يوم قال قولته الشهيرة: " لسنا خالدين، سيأتي بعدنا جيل يحمل مشعل الثورة" و يبقي السؤال : هل يعرف شباب اليوم شهداء بلاده، هناك شهداء من هم في زاوية النسيان، و هم من شكلوا ملحمة الجزائر

لكن يحدث العكس، جاء جيل و بعده جيل و بعده جيل و ما زال المشعل في قبضة "الديناصورات" الذين جعلوا من البلاد ملكية خاصة، و جعلوا من اسم الشهيد ورقة انتخابية ليس إلا..، ثلاثة أجيال أو نقول أربعة، لا يهم العدد، فانطلاقا من جيل الاستقلال، ثم جيل الحراك الشعبي مرورا بجيل العشرية السوداء، ثارت فيه الجماهير الغاضبة من جديد، إن "المشعل" الذي نراه و إن كان إناءً معدنيا توضع فيه موادّ قابلة للاحتراق، اعتادت الشعوب تسليمه في الألعاب الأولمبية، إنما هو في مفهومه السياسي و التاريخي يُعَبٍّرُ عن الاستمرارية و التواصل بين الأجيال، من أجل إنماء البلاد و الحفاظ على مكتسباتها و قيمها التاريخية، و حتى لا يتبرأ الشباب من ماضيه الثوري ، إلا أن هذا المشعل فقد بريقه، لأن هناك من ظل و لا يزال يكذب على الشباب بخطابات وهمية مزيفة ، ظن هؤلاء أنهم لا زالوا في قواهم الجسدية و العقلية ، وها هو جيل الثورة ينقرض الواحد تلو الأخر، و لو بحثنا و نقبنا في اعماق الأرض المسقية بدماء الشهداء لوجدنا ان جيل نوفمبر لم يبق منه سوى القليل، و قد أصبح عاجزا عن الحركة، و لم نشهد و لا شابا جزائريا تمت ترقيته إلى منصب وزير، أو أن يرأس الجزائر شابٌّ.
نقف اليوم على ذكري واحد من قادة الثورة، وهو البطل ديدوش مراد الملقب بـ: السّي عبد القادر ، وهو من أبرز القادة التاريخيين الستة المؤسسين لجبهة التحرير الوطني، ساهم بمعية محمد بوضياف و العربي بن مهيدي في صياغة بيان أول نوفمبر 1954 ، و قد تم إطلاق اسمه على حي "لارودوت" الذي نشأ في أحضانه، فأصبح يعرف بحي المرادية تخليدا لذكراه، هذا الشاب الذي كان يوما رئيسا لإحدى خلايا شبيبة حزب الشعب الجزائري ( 1943) ثم أصبح في عام 1945 رئيسا لفروع حزب الشعب الجزائري في حي الغولف ( المرادية)، شارك ديدوش مراد في مظاهرات ماي 1945، و عرف عنه بانتمائه للحركة الكشفية، و كان من المشرفين على انتخابات 1946 في قسنطينة، ضمن قائمة حركة انتصار الحريات الديمقراطية، و عندما أصبح عضوا في المنظمة الخاصة ، تم اعتقاله سنة 1950، لكنه تمكن من الفرار، فأوفده الحزب إلى فرنسا و هناك التقى ديدوش مراد بمحمد بوضياف، و حين عودته أنشأ مع مصطفى بن بوالعيد ورشة لصناعة القنابل.

و في 18 جانفي 1955 حاصرته قوات المظليين بقيادة الكولونيل دوكورنو، في منطقة وادي بوكركر، حيث سقط شهيدا و عمره لا يتجاوز 28 عاما، و قد وقف على رأسه هذا الكولونيل و أدّى له التحية العسكرية إجلال له قبل أن يأمر بنقل جثمانه، قبل فراقه قال ديدوش مراد لسويداني بوجمعة و رفاقه و منهم الزبير: " لا تهنوا و لا تحزنوا، لقد وهبتم أنفسكم فداء للحرية، أقول أنتم و أنا أقصد نحن جميعا"، و يبقي السؤال : هل يعرف شباب اليوم شهداء بلاده ، هناك شهداء ظلوا في زاوية النسيان، و لم يأت ذكرهم في الملتقيات و الندوات التاريخية و هم من شكلوا ملحمة الجزائر، فمن يذكر مثلا الشهداء الإخوة مدني ( عبد القادر، عثمان، عمار ، سعيد و عبد الرحمان مدني) و من يذكر الشهيد العيشاوي محمد عمل كمحرر إعلامي بجريدة ( لوموند أراب) وكان مكلفا أيضا بالأرشيف في الفترة بين 1951إلي1952 ، و قد تعرض بعد اعتقاله للتعذيب اثناء الاستنطاق، و كان أول من ندد بسياسة التعذيب عندما بعث برسالة إلى المدعي العام الفرنسي يندد فيها بممارسة التعذيب و هو داخل سجون تيزي وزو، ثم سجن سركاجي ، و بعد الإفراج عنه انخرط في صفوف جيش التحرير الوطني بالولاية الرابعة و سقط في ميدان الشرف عام 1959 ، في هذا الشهر بالذات ( جانفي) نسترجع ذكرى الإضراب الوطني الذي عرف بإضراب الـ: 08 أيام ، يوم تم إخراج الجزائريين من منازلهم و اقتيادهم إلى مراكز الاستنطاق، و وجه عدد منهم إلى معسكرات الاعتقال.
هذه واحدة من المحطات التاريخية و هي كافية لأن نقف وقفة تساؤل مع أنفسنا بل (محاسبة نفس) بيننا و بين أنفسنا، ماذا قدمنا لهذا الوطن؟ ففي كل عهدة يأتي رئيس و يخلفه رئيس أخر ، و يأتي وزير و يترك مكانه لمن يأتي بعده، و في كل عهدة يأتي أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني، الجبهة التي قادت الثورة بجيشها الباسل جيش التحرير الوطني، و في كل مناسبة وطنية لا زلنا نسمع عن نقل رفاة شهيد من الشهداء، حتى في مقابر الشهداء هناك قبور مجهولة ( بلا أسماء) فلا مسؤول سَلَّمَ المشعل و لا الشباب استلمه ، و نسي الجميع الشعار الدي رفعته جبهة التحرير الوطني وهي تخوض حربها مع فرنسا رفعت شعار: " إن الشباب إذا سما بطموحه جعل النجوم مواطئ الأقدام" فمتى يحمل هذا الشباب المشعل ، أحَرَامٌ أن يكون شابٌّ جزائريٌّ رئيس جمهورية؟ أحَرَامٌ أن يكون مُنَاضِلٌ شابٌّ أمينًا عامًّا لحزب جبهة التحرير الوطني؟، شريطة أن يكون من الكفاءات القادرة على مواصلة المشوار، أشعر بالغيرة و أنا أقرأ أن في بلاد الغرب رؤساء جمهورية شباب، تكون له مساهمة في بناء دولة حديثة بأفكار جديدة تتماشي مع ظروف العولمة وطموح الشباب، و أن المستقبل لهذه الفئة أكثر من غيرهم وعلى جميع الأصعدة ، طبعا الرسالة قُرِأتْ بأنه صراع بين الأجيال.
علجية عيش