سامي كامل الرفاعي - قراءة أدبية لرواية سيسامنيس للكاتب أحمد عبد الله إسماعيل

الرواية تدور فكرتها حول مجموعة من الأشخاص يُقنعهم محتالون بوجود آثار في بيوتهم، ويصرفون أموالهم وأوقاتهم على وهمٍ كبير..... "ومحاور تحليل الرواية بشكل مختصر كالآتي":
1. تحليل الفكرة
الرواية تتناول موضوعًا إنسانيًا واجتماعيًا عميقًا يتمحور حول الطمع، الوهم، واستغلال الجهل.
الإيجابيات:- الفكرة تعكس واقعًا يمكن أن يكون مألوفًا، خاصة في المجتمعات التي تنتشر فيها الخرافات وأحلام الثراء السريع.
تسلط الضوء على الجانب المظلم في النفس البشرية وكيف يمكن للوهم أن يسيطر على العقول.
تعالج قضايا اجتماعية مثل تأثير الجهل والثقة العمياء على مصائر الأفراد.
النقد غير المباشر :- هل استطاعت الرواية التعمق في أبعاد الشخصيات بشكل كافٍ لتوضيح دوافعهم النفسية؟ - هل قدمت معالجة متوازنة دون الوقوع في فخ الكتابة المباشرة أو التكرار؟
2. الشخصيات وتطورها
الشخصيات: إلى حد ما كانت معالجة الكاتب للشخصيات متوازنة. وسوف نجتزئ من شخصيات الرواية شخصيتين لنحلل العلاقة بينهما، هما: المستشار ماجد بيك زاهر أبو المجد، ونادرة هانم.
العلاقة بين الشخصيتين تُعد إحدى الركائز الأساسية في رواية "سيسامنيس"، حيث تكشف الكثير عن تفاعل السلطة مع النفوذ الاجتماعي، والفساد الذي يتجاوز الأفراد ليصبح شبكة معقدة. ويمكن تحليل العلاقة بينهما من عدة جوانب:
1. البعد النفسي:
ماجد بيك زاهر أبو المجد: يرى في "نادرة هانم" شريكة لا مناص منها في محيطه الاجتماعي والسياسي. فهي امتداد لنفوذه وليست كيانًا مستقلًا. - قد تكون العلاقة مبنية على مزيج من الإعجاب والاستغلال. فهو يدرك: - قيمتها الاجتماعية ويستغل وجودها لتعزيز صورته العامة. شخصيته الذكورية: - قد تُظهر نزعة للسيطرة عليها، لكن في الوقت ذاته يعتمد على دهائها وقدرتها على المناورة. "نادرة هانم" : تنظر إلى ماجد بيك كوسيلة لتحقيق أهدافها الخاصة.- تنظر إلى ماجد بيك كوسيلة لتحقيق أهدافها الخاصة، سواء كان ذلك حفاظًا على مكانتها الاجتماعية أو لتحقيق طموحات مادية…الخ
3- والمضمون: في الرواية
الفكرة الرئيسة: الرواية تستمد عنوانها من القاضي الفارسي الشهير "سيسامنيس"، الذي جسد رمزًا للعدالة والقصاص في التاريخ القديم. يوظف الكاتب هذه الشخصية التاريخية لإسقاط سمات العمل على الواقع المصري الحديث، متناولًا قضايا الفساد الأخلاقي والإداري، الطمع، واستغلال النفوذ.
تتسم الرواية بالواقعية: الرواية تحمل بعدًا واقعيًا قويًا، حيث ترتكز على تجارب ومشاهدات يومية في المجتمع المصري، مما يشعر القارئ بأنها قريبة من حياته.
القيمة الرمزية: استخدام اسم "سيسامنيس" كعنوان يجذب الانتباه منذ البداية، ويعبر عن مدى عمق فكرة العدالة الغائبة وحتمية العقاب.
الرسائل: الكاتب لا يكتفي بسرد الأحداث بل يقدم نقدًا اجتماعيًا وسياسيًا عميقًا، مما يجعل الرواية ليست مجرد حكاية، بل أداة لتحليل المجتمع وكشف عيوب المجتمع
4- بعض جوانب القوة في السرد الأدبي للرواية كما يلي:
1. الربط بين التاريخ والواقع المعاصر:- استلهم الكاتب فكرة الرواية من لوحة تاريخية للفنان الهولندي جيرار ديفيد، التي تصور القاضي الفارسي "سيسامنيس"، الذي عوقب بسلخ جلده حيًا بسبب تلقيه رشوة. هذا الربط بين حدث تاريخي وقضايا الفساد المعاصرة يضفي عمقًا على السرد ويعزز الرسالة الأخلاقية للرواية.
2. توظيف تقنيات سردية متنوعة:- استخدم الكاتب تقنيات سردية متعددة، مثل الحوار، والمونولوج، والكوابيس، والنبوءة، مما أضاف تنوعًا وثراءً إلى النص. هذا التنوع في الأساليب السردية ساهم في إبقاء القارئ متشوقًا ومندمجًا مع الأحداث.
3. التحليل النفسي العميق للشخصيات:- قدمت الرواية تحليلًا نفسيًا دقيقًا للشخصيات، مما أتاح للقارئ فهم دوافعها وأفكارها العميقة. على سبيل المثال، تم تسليط الضوء على شخصية "ماجد زاهر أبو المجد" من خلال اهتماماته وأفعاله، مما أظهر جوانب الخوف والقلق التي تسيطر عليه.
4. اللغة القوية والمفردات الغنية:- تميز السرد بلغة قوية ومفردات غنية، مما أضفى على النص جمالية وأثرى التجربة القرائية. امتلاك الكاتب لقاموسه الأدبي الخاص ساهم في تقديم نص مميز بعيدًا عن التقليد.
5. معالجة قضايا اجتماعية هامة:- تناولت الرواية قضايا الفساد والعدالة، مسلطة الضوء على أهمية سيادة القانون ومحاسبة المخطئين، مهما كان موقعهم الاجتماعي. هذا التناول يعكس وعي الكاتب بالقضايا المجتمعية الملحة ورغبته في المساهمة في معالجتها من خلال الأدب.
5- بعض جوانب الضعف قليلة ولا تقلل من السرد في الرواية كما يلي:
1. التركيز المفرط على الأيديولوجيا:- الرواية قد تركز بشكل كبير على الأيديولوجيا، مما يؤثر على توازن السرد ويجعل الرسالة المباشرة تطغى على تطور الشخصيات والأحداث.
2. التحليل النفسي المباشر للشخصيات:- تعتمد الرواية على التحليل النفسي المباشر للشخصيات، مما يؤدي أحيانًا إلى تقديمها بطريقة نمطية أو متوقعة، وقد يقلل من عمقها وتعقيدها.
3. التشابه الكبير مع الواقع:- رغم أن الرواية تصف الأحداث بوصفها متخيلة، إلا أن التشابه الكبير مع الواقع قد يجعل القارئ يشعر بأنها تفتقر إلى الابتكار أو الإبداع في بناء العالم الروائي.
4. التأخر في تقديم بعض الشخصيات:- تأخر ظهور بعض الشخصيات المحورية في السرد يؤدي إلى إرباك القارئ أو تقليل التأثير الدرامي للأحداث المرتبطة بهذه الشخصيات.
6- مختصر نقدي ايجابي موضوعي وبناء
- رواية سيسامنيس تتسم بالدقة اللغوية والإملائية، بما يتوافق مع قواعد اللغة العربية .
- وتعد عملا مهما يعكس الواقع المصري من خلال عدسة نقدية للفساد والعدالة.
- الكاتب نجح - من وجهة نظري - في تقديم عملا أدبيًّا للمكتبة العربية يستحق القراءة والتأمل.

وفي نهاية قراءتي لهذا العمل المتميز للكاتب تحياتي وتقديري الكبيرين ونحييه مئة مرة على هذا الجهد الأدبي الذي يقع في 294 صفحة، ويضم ستة فصول، فألف ألف مبارك وتهانينا للزميل أحمد عبد الله إسماعيل، وننتظر منه المزيد.


سامي كامل الرفاعي
رئيس نادي أدب ثقافة المحلة الكبرى
ورئيس نادي الأدب المركزي بالغربية بطنطا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى