(1)
فتحتُ يدي للسنونو
وعينيَّ للأزرقِ اللانهائيِّ
(لا أقصدُ الأفقَ)
قلتُ: سيمضي النهارُ
وتذبلُ زنبقةٌ في الجدارِ
فلا بُدَّ لي أن أغنِّي
لأعبرَ هذا الربيعَ الخصوصيَّ
لا بُدَّ لي أن أشبَّ عن الطوقِ..
طوقِ الحمامةِ
كي لا أرى غيرَها في النساءِ
وكي أتأمَّلَ قلبي بشبهِ حياديَّةٍ
وهو يغرقُ...
1
هذه تأملات في عمل شعري للشاعر نمر سعدي، وليست دراسة نقدية. التأمل "استغراق ذهني، أو حالة يستسلم فيها الإنسانُ لما يَمُرُّ في خاطره من معان وأفكار...". ذلك بأن طبيعة وصايا العاشق هي التي أملت عليَّ أن أختار التأمل خاصة وأن أشجار العمر تقترب في خطوها من التمانين خريفا؛ لهذا لن يجد القارئ...
تنسلِّينَ بخفَّةِ المها من بينِ أصابعي
وكالماءِ من شقوقِ قلبي
تتركينَ الفراشةَ تخبطُ في العقلِ
والطائرَ الطنَّانَ يضربُ بأجنحتهِ
وجهَ البحيرةِ الصغيرةِ
في مكانٍ ما من الجسدِ
لأني نسيتُ أن أسألكِ وأنتِ تمدِّينَ يدَكِ
إلى جهةِ الفراغِ بانكسارِ أميرةٍ فينيقيَّةٍ:
هل كنتِ تريدينَ الإمساكَ بطرفِ...
قالَ طفلٌ: أريدُ سماءً إضافيَّةً
كي أطيرَ إلى نجمةٍ من ورقْ
قالَ آخرُ: أحتاجُ مصيَدةً لعصافيرِ هذا الربيعِ
لأنصبَها تحتَ قلبي
قالَ بحرٌ بعيدٌ: أريدُ التنزَّهَ خارجَ هذا المكانِ
على ساحلِ البحرِ أو في كتابِ الحبقْ
قالَ شخصٌ غريبٌ: أريدُ الرجوعَ إلى البيتِ
أو قمراً مكتملْ
ويدينِ اثنتينِ...
أرمي بقطعةِ نردٍ كلَّما عبرَتْ
قربي مهاةٌ كخطفِ البرقِ أو أمضي
إلى فراغٍ حياديٍّ يسيِّجهُ
ملحُ البنفسجِ عن نفسي
فلا أُفضي
إلى تنهِّدِ قنديلينِ في يدِها
ولا أفكِّر في
ما قالَ زوجُ حمامٍ في الطفولةِ لي
لكنني حينَ جاءَ الصبحُ قريتَها
تركتُ قلبي ورائي.. فهو لا يُغضي
*
عن ظهرِ قلبٍ حفظتِ...
في النصفِ الأوَّلِ من آذارَ
تدبُّ الروحُ الحلوةُ في كلِّ الأشياءِ
وينبتُ لي قلبٌ آخرُ
يتململُ في القفصِ الصدريِّ
يحرِّضني أن أتركَ عملي اليوميَّ
لكيْ أتسكَّعَ مثلَ السائحِ
قربَ حدائقَ تغسلُها الشمسُ العُريانةُ
أو قربَ البحرِ المتمدِّدِ كالعاشقِ
في لوحاتِ رباعيَّاتِ الخيَّامِ
وأن أغلقَ...
كانَ الروائيُّ الفرنسيُّ مارسيل بروست يهتمُّ بالتفاصيلِ الدقيقةِ جداً وبالجزئيات الصغيرةِ وهو في غمرةِ كتابةِ روايته الخالدةِ (البحث عن الزمن الضائع) حتى أنَّ بعضَ نقَّادِ الأدبِ الغربييِّنَ قالَ ما معناهُ أن بروستْ يستطيعُ أن يكتبَ صفحاتٍ كاملةً في وصفِ غرفةٍ أو حتى في وصفِ جزءٍ منها.. كذلكَ...
فمُكِ الأرقُّ من القصائدِ كلِّها
ومن انبلاجِ الماءِ في الماوردِ
والأحلى من النثرِ الحزينِ أو المدوَّرِ
والأشفُّ من الأنينِ ومن زهورِ الشايِ والليمونِ
والأعلى سماءً في مدارِ القلبِ
والمنحوتُ من ماءِ النحيبِ الصلبِ
والمقدودُ من وترِ الغوايةْ
من أيِّ بحرٍ جاءَ كالعصفورِ لي يا نونُ؟
بل من أيِّ...