إبتعدْ لأراكَ وأشتاقَ لكْ
وانطفئْ لتشعَّ على ساحلي
واقتربْ من نهاري الوحيدِ لأصبحَ
ظلَّاً لأركاديا في الجدارِ
أو امرأةً في المجازِ المفخَّخِ
أو شجَرَاً فائضاً عن يدَيكَ
كما فاضَ عن جسدي قمرٌ بابليٌّ
وعنكَ الفلَكْ
*
هل التنصُّلُ من خطوي ومن خطأي
يكفي لأنسى؟
وهل لو فيكِ من حَبَقي
شيءٌ.. يطيرُ دمي
مثلَ الغبارِ..؟
وهل لو صخرةٌ بفمي
تصيرُ وردةُ هذا القلبِ منفضةً
لما يخطُّ النهاريُّونَ في الحدَقِ؟
كم شاعرٍ جاءَ من قبلي..
كم امرأةٍ
يمشي بها القمرُ المجنونُ للغرقِ
تنسلُّ من وشمها كي تقتفي أثَري
فراشةٌ.. في غيومِ...
لو تأمَّلتَ دمعَ الغيومِ الخفيفَ
لعشرِ دقائقَ قبلَ الخروجِ من البيتِ
كنتَ وجدتَ القصيدةَ أو أختَها
صُدفةً في الطريقِ..
فراءُ الثلوجِ على كتفيها
وضحكتُها في الحقولِ
وفي قلبكَ الجمرةُ الناصلةْ
لو لمستَ فراشةَ هذا النهارِ
لفاضَ الصدى من يدِ امرأةٍ
ولضاقتْ بنفسجةٌ في سياجِ القرى
باشتهاءاتها الناحلةْ
*
ثمَّةَ مطرٌ خصوصيٌّ في قلبي لا يشبهُ هذا المطرَ
وقصةٌ لن تُروى إلاَّ على ضوءِ دمعةٍ من رخامٍ
ثمَّةَ شاعرٌ ينظرُ في صندوقِ قلبهِ
فلا يرى سوى وردةٍ من دخانٍ
ثمَّةَ عاشقانِ يجلسانِ في مقهى على البحرِ
ولا يتبادلانِ سوى الابتساماتِ الغامضةِ
ثمَّةَ بحرٌ يهدرُ في صورةٍ على الجدارِ
لا يعرفُ كيفَ يخرجُ...
لا بدَّ من ماءٍ لآخرِ نجمةٍ
نبتتْ كزهرِ الملحِ في ندَمِ الثرى
لا بدَّ من عطرٍ سماويٍّ لكي
يرمي على وجهي القميصَ لكي أرى
لا بدَّ من نثرٍ تربَّى في يدٍ
كحفيفِ أغنيةٍ وعاشَ على السُرى
لا بدَّ للعنقاءِ في عينيَّ أن
تخضرَّ ثانيةً وتُشعلَ مرمرا
لا بُدَّ من صلصالِ (وردٍ) صُبَّ في
كأسٍ ل (ديكِ الجنِّ)...
أُحدِّقُ في بؤبؤِ العينِ
أو في يدي مثلَ عرَّافةٍ فأرى وجهَها
أحدِّقُ في خرزِ الليلِ
أو في نجومِ النهارِ
وفي وَحمِ القلبِ أو سدرةِ المنتهى
أُحدِّقُ في الشِعرِ أو في فواتيرِ هذي الحياةِ
وفي قلقي الهشِّ من كلِّ شيءٍ
وفي أوجهِ الناسِ أو في سرابِ المها
أُحدِّقُ في النقدِ حينَ يقولُ:
أما آنَ أن...
(بعدَ مشاهدتي لفيلم عن حياةِ الشاعرِ الإسباني فيدريكو غارسيا لوركا تأثرت بمشهد يقتادُ فيه جند فرانكو الشاعر ومن معه من الثوَّار للزجِّ بهم في شاحنة عسكرية ونقلهم في فجر ذلك الصيفِ الغرناطيِّ إلى منطقةٍ وعريَّةٍ حيثُ يُطلبُ اليهم الترجل من الشاحنة والمشي مسافة قصيرة ثمَّ يصيح بهم الجند بأن يركضوا...