أُحدِّقُ في بؤبؤِ العينِ
أو في يدي مثلَ عرَّافةٍ فأرى وجهَها
أحدِّقُ في خرزِ الليلِ
أو في نجومِ النهارِ
وفي وَحمِ القلبِ أو سدرةِ المنتهى
أُحدِّقُ في الشِعرِ أو في فواتيرِ هذي الحياةِ
وفي قلقي الهشِّ من كلِّ شيءٍ
وفي أوجهِ الناسِ أو في سرابِ المها
أُحدِّقُ في النقدِ حينَ يقولُ:
أما آنَ أن...
(بعدَ مشاهدتي لفيلم عن حياةِ الشاعرِ الإسباني فيدريكو غارسيا لوركا تأثرت بمشهد يقتادُ فيه جند فرانكو الشاعر ومن معه من الثوَّار للزجِّ بهم في شاحنة عسكرية ونقلهم في فجر ذلك الصيفِ الغرناطيِّ إلى منطقةٍ وعريَّةٍ حيثُ يُطلبُ اليهم الترجل من الشاحنة والمشي مسافة قصيرة ثمَّ يصيح بهم الجند بأن يركضوا...
أشعَلتُها نارنجةً لنزارَ
للحبَقِ الدمشقيِّ الأنيقِ
لدفتري النثريِّ
للريحِ التي تعوي
كذئبٍ خلفَ نافذتي الجريحةِ
للنهارِ وللغناءِ الساحليِّ وللقصيدةِ:
يا نزارُ مضى نهارُ العمرِ
وانطفأتْ بحيرةُ ليلكٍ في القلبِ
لكن لم أجدْ شَعرَ الحبيبةِ في انتظاري
كي ينامَ الوجهُ فيهِ
كما النوارسِ في الشتاءْ
كم...
أمٌّ تضيءُ الآن دمعتَها
لترشدَ قلبَ هذا الليلِ للمجهولِ
كالطيرِ المهاجرِ للجنوبِ
على شفا البلَّورِ..
لا.. بل وردةٌ أنثى
تجفِّفُ جرحَها في الشمسِ..
بل ماءٌ خريفيٌّ يدقُّ البابَ في خجَلٍ
لأصحبَهُ إلى ما ليسَ يعنيني
وأتركَ من ورائي
صرخةَ القُبَلِ القديمةِ في الرخامِ
ونجمةً زرقاءَ طبشوريَّةً وبحيرةً...
لن أستريحَ.. فبعدَ هذي الحربِ
سوفَ يقودُني حَدْسُ الجَفاءِ
لأوَّلِ الأشجارِ أو لحديقةِ النسيانِ كالمنفيِّ
قد تغفو يدايَ على تماثيلٍ
تخلِّدُ رغبةً سريَّةً بتخلُّصِّ الإنسانِ
من جدليَّةِ الخسرانِ والماضي
وقد يمشي صدايَ على خطى امرأةٍ
فتبسمُ لي لكي لا يختفي
قمرُ النحيبِ من السماءِ
فيَحتَفي مطرٌ...
الكتابةُ ليستْ دواءَ الكآبةِ
لكنها قد تكونُ لتزجيةِ اليأسِ
من قدَرٍ ظالمٍ
أو تكونُ محاولةً للتخلُّصِ
من فائضِ الوجدِ في أوَّلِ الليلِ
أو فرصةً كي تكونَ لبضعَ دقائقَ
ما تشتهي أن تكونَ
ولا شيءَ أيضاً..
وقد لا تكونُ طريقتَنا
في التأمُّلِ والحُبِّ والمستحيلِ
وقد لا تكونُ...
الكتابةُ مثلُ النداءِ...