المحامي علي ابوحبله - اجتياح سياسي .... وليس أمني

المحامي علي ابوحبله


بعد الهجمة الإعلامية الإسرائيلية والتهويل عن الخطر الذي يتهدد أمن إسرائيل من الضفة الغربية اجتاحت قوات الاحتلال منذ ما يقارب أسبوعين جنين ومخيمها وطول كرم ومخيماتها وطوباس ومخيم الفارعة شمال الضفة الغربية وأطلقت عليها عملية الأسوار الحديدية وهي خطوه على طريق خطة " حسم الصراع " وتأتي مباشرة بعد التوقيع على صفقة وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المختطفين في غزه ، وهي الخطة " التي يتبناها وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش، وتسعى لتحقيق أهداف سياسية بقضم الضفة الغربية وتهجير الفلسطينيين.

ومع استمرار الحملة العسكرية في مدينتي جنين وطولكرم في الضفة الغربية التي استشهد فيها حتى الآن 39 شهيد فلسطيني على الأقل ونحو 130 مصاباً. كشفت صحيفة "إسرائيل هيوم" عن تصنيف الضفة "منطقة قتال ثانية" بعد قطاع غزة ، والى جانب الدمار الذي خلفه جيش الاحتلال في مخيم جنين وطول كرم وقيامه بنسف مربعات سكنيه وتهجيره للسكان قسرا حيث ما تزال العملية مستمرة في ظل صمت دولي مريب ، تتابع صحيفة " إسرائيل هيوم " ، إن "الأحداث الأخيرة أدت إلى تحول كبير في السياسة الإسرائيلية في التعامل مع الضفة الغربية، فبعد أن كانت تعتبر في السابق (ساحة ثانوية) تتطلب صيانة مستقرة منذ بداية الحرب، أقنعت الهجمات الأخيرة كبار المسئولين بأن هذا الموقف لم يعد قابلاً للاستمرار. والآن تعمل القوات الإسرائيلية بموجب نموذج جديد، إذ تنظر إلى الضفة الغربية باعتبارها الجبهة الثانية الأكثر أهمية، مباشرة بعد غزة".

وأشار تقرير صحيفة "إسرائيل هيوم" إلى أنه بينما لا تزال توجيهات اعتبار الضفة منطقة قتال ثانية لا تزال في مراحلها الأولية، إذ من المتوقع أن تستغرق التغييرات الجوهرية على الأرض بعض الوقت، فإن سلسلة من العمليات في مختلف أنحاء الضفة الغربية "باتت وشيكة" إذ يؤكد مسئولون أمنيون للصحيفة أن "عملية جنين ليست سوى البداية" ووفق المحللين الإسرائيليين وتصريحات المسئولين فان الضفة الغربية هي في اهتمام اليمين الصهيوني المتطرف ويطلق عليها " يهودا والسا مره " ويسعى غلاة المتطرفين في حكومة نتنياهو تضخيم خطر الضفة لاعتبارات دعائية لتمرير مشاريع استيطانية وغيرها ولكن فيما يتعلق بمسألة الأمن فهو يعتبر أن جبهة الضفة تحتاج إلى تفتيح الأعين بشكل أكبر. وتكريس موارد لها أكثر. ومواجهة التهديد بشكل أسرع، كي لا يتحول إلى تهديد فعلاً، ومن الممكن أن يتفوق على التهديد الموجود في غزة الآن".

لقد حولت الحملة العسكرية الإسرائيلية على جنين وطول كرم وطوباس هذه المدن إلى مدن أشباح بعد أن عمدت إلى تدمير البني التحتية ونسف مربعات سكنيه في مخيم جنين ومخيم طولكرم ، بينما أغلقت المحال التجارية أبوابها، وقد بدت الشوارع مقفرة وخلت من المارة، ولوحظ عدد ضئيل من المركبات تتجول إلى جانب سيارات الإسعاف، إضافة إلى آليات وجرافات تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

وقد حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من استخدام قوات الاحتلال تكتيكات حربية قاتلة، بما فيها الغارات الجوية، في الضفة الغربية، "ما يؤدي إلى مقتل وإصابة وتهجير الناس أو حرمانهم من الوصول إلى الخدمات الأساسية" وتصاعدت المواجهات في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وبموازاة حرب الاحتلال على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وسّع جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته وصعّد المستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، ما أسفر عن استشهاد 685 فلسطينيّاً وإصابة نحو 5700، واعتقال ما يزيد على 10400، وفق مؤسسات رسمية فلسطينية.

رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي نتنياهو يسعى لاستغلال التغيرات الدولية والإقليمية والحالة التي عليها الفلسطينيون لفرض رؤيته الهادفة لحسم الصراع وإلى منع إقامة دوله فلسطينيه مستقلة ، وسط محاولات تهدف إلى تحقيق انتصار وهمي للتغطية على الفشل في غزة، بتعزيز السيطرة على الضفة الغربية.

ما يجري في الضفة الغربية اجتياح سياسي وليس أمني وهو محاوله من محاولات حسم الصراع لصالح المشروع الاستيطاني الإسرائيلي، مع تصفية المخيمات الفلسطينية وتهديد وجود وكالة الأونروا، ما يعني تصفية قضية اللاجئين وحق العودة.


وقد حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من أن أي ضم كلي أو جزئي للضفة الغربية من قبل إسرائيل سيكون «انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي»، مستنكراً تصريحات بهذا المعنى أدلى بها مسئولون إسرائيليون.

المرحلة جد خطيرة وتتطلب من كافة المؤسسات الرسمية والمجتمعية والفصائل الفلسطينية إلى التحرك بسرعة، وتوحيد مواقفها لوقف ما يجري وإسناد ودعم المواطنين لبعضهم، ونحذر من العواقب والتداعيات التي قد تترتب على استمرارية هذه العمليات الإسرائيلية، سواء اقتصادياً أو اجتماعياً.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى