فما هو البشير وما هو النذير؟
البشير اسمٌ وفاعلٌ مشتقٌّ من فعل "بَشُرَ"، وله ارتباطٌ بفعل "بشَّرَ". والفعلان لهما علاقة بنقل الأخبار السارة. بينما البشير هو الشخصُ الذي يُقبِل على الناس، حامِلاً لهم أخباراً سارة. والناقل للأخبار السارة يقبل على الناس بوحه بشوش، أي عليه علامات المُخبرِ بالأشياء المُفرِحة والتي تُدخل السعادةَ في حياة الناس، مصداقا لقولِه، سبحانه وتعالى : "وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ…وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة، 25).
في هذه الآية، الله، سبحانه وتعالى، يُوجِّه كلامَه للرسول(ص)، داعياً إياه أن ينقلَ الخبرَ السارَّ للمؤمنين. والخبر السارُّ هو مُكافأة هؤلاء المؤمنين ب"جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ".
أما النذير، فهو لغوياً، عكس البشير. والنَّذير أو المُنذِر هو الذي يحدِّر الناسَ من شرٍّ أو سوءٍ أو مكروهٍ قد يحدث لهم مستقبلا. النذير أو المُنذر له ارتباط بفعل "أنذر". وفعل "أنذر" يدلّ، هو الآخر، على نقل الأخبار، لكن الأخبار غير المُفرِحة. والنذير هو، في آنٍ واحد، ناقلُ للأخبار غير السارة ومُحذِّرٌ، مصداقا لقولِه، سبحانه وتعالى : "هَـٰذَا بَلَاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ" (إلراهيم، 52).
في هذه الآية الكريمة، "بَلَاغٌ" يدل على الإِخبار. أم التَّحذير، فمُعبَّرٌ عنه ب"وَلِيُنذَرُوا بِهِ". وفي هذا الصدد، يحضرني المثل العربي المشهور، "قد أعذر مَن أنذر"، أي أن المُخطِئَ، إذا تم إنذارُهُ (تحذيرُه) قبل ارتكاب الخطأ، لم يعد له أي عذر، إذا ارتكب هذا الخطأ.
وهذا هو دور الرسول (ص)، كما أراده له، سبحانه وتعالى. بمعنى أن يكونَ، في نفس الوقت، بشيراً ونذيراً، مصداقا لقولِه، سبحانه وتعالى : "
لكنه، عزَّ وجل، حذَّر حتى الرسول (ص) حين قال له، من خلال الآية رقم 65 من سورة الزمر : "وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ".
في هذه الآية، اللهُِ، سبحانه وتعالى، يُخبر الرسول محمد (ص) أن الوحيَ الذي يُنزِله عليه، عزَّ وجلَّ، سبق أن أنزله، جلَّت قدرتُه، على الأنبياء والرسل من قبله. ثم يسترسل، سبحانه وتعالى، ويقول "لَئِنْ أَشْرَكْتَ".
وهنا، على كل عقلٍ سليم، نيِّرٍ ومستنير أن يطرحَ على نفسِه السؤالَ التالي : فكيف لله الذي هو مَن اختار محمدا من بين كثيرٍ من الناس، وعن بيِّنةٍ، أن يقولَ له "لَئِنْ أَشْرَكْتَ"؟
إذن، "لَئِنْ أَشْرَكْتَ" لها معنى آخر غير الذي قد يخطُر ببال قارئ هذه الآية، أي أن الرسول (ص) سيُشرك بالله وحاشا للرسول (ص) أن يُشركَ بالله. فما هو المعنى المقصود من "لَئِنْ أَشْرَكْتَ"؟
المقصود من "لَئِنْ أَشْرَكْتَ" هو أن اللهَ، سبحانه وتعالى، يُنبِّه نبيَّه ورسولَه محمد (ص) أن لا يُضيفَ شيئا من عِنده للوحي الذي ينزل عليه. وهذا يعني أن مهمَّةَ الرسول(ص) تنحصر في تبليغ ما ينزل عليه من وحيٍ للناس، مصداقا لقولِه، عزَّ وجلَّ : "مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ" (المائدة، 99). بمعنى أن دورَ الرسول هو تبليغُ الوحي، بينما الله، سبحانه وتعالى، مطَّلع (يعلم) على ما يُظهرونه، أيها الرسول، من نفاقٍ وما يٌخبِّئونه عليك من نوايا سيئة.
والرسول (ص) استجاب للتنبيه الإلهي وأمر الصحابةَ قائلاً لهم : "لا تكتبوا عني، ومَن كتب عني غير القرآن فَليَمحُه". لماذا؟
لأن الصحابةَ بشرٌ يُصيبُون ويُخطئون، أي قد يكتبون عن الرسول (ص)، الملتزم بتبليغ الوحي، كما أُنزِلَ عليه، أشياءَ لا تُرضي اللهَ أو تُخِلُّ بدوره كمُبلِّغٍ أمين. فهل يوجد دليل في القرآن الكريم يبيِّن أن الرسولَ (ص) كان مُبلِّغاً أميناً للوحي.
والدليل على أن الرسولَ (ص) كان مُبلِّغاً أميناً للوحي، هو أنه لا يوجد حديث يبيِّن عددَ ركعات الصلوات الخمس. لماذا؟
لأنه لا يوجد، في القرآن الكريم، آيةٌ أو آيات تُشير لهذا العدد. وبما أن عددَ الركعات غير موجود في القرآن الكريم، فالرسول (ص) التزم بغياب هذا الذكر، ولم يصدر عنه حديثٌ فيه توضيح لهذا العدد. أليس هذا دليلٌ واضحٌ على أن الرسولَ (ص) كان مُبلٌّغاً أميناً للوحي. لهذا، كان يقول للصحابة : "صلوا كما رأيتموني أصلي"
ولهذا، فالرسول (ص) كان، إلى أبعد حدٍّ، ملتزما بالتَّبليغ المحض لما ينزل عليه من وحي. واعتماداً على هذا الوحي، كان بشيراً ونذيراً، مصداقا لقولِه، سبحانه وتعالى : "إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ" (البقرة، 119).
بشيرُ، أي كان يقول للناس ما كان يُفرِحهم، ليؤمنوا، وما ينتظرهم من خير. نذيرٌ، أي كان يُحذِّر الناسَ من عواقب كفرهم أو شِركهم.
وهذه الآية تبيِّن أن الرسولَ (ص) كان مبلِّغاً أمينا لِما يوحَى له. والدليل على التزامه بهذا التَّبليغ، هو أن اللهَ، حسب ما وَرَدَ في نفس الآية، المشار إليها أعلاه، لن يحمِّلَه مسئوليةَ الناس الذين لم يؤمنوا برسالتِه إذا قام بدوره، على أحسن ما يُرام، كبشيرٍ ونذير. الرسول مهمَّتُه تبليغ الوحي للناس، والله، سبحانه وتعالى، هو الذي يتكفَّل بحسابهم.
وكل الأنبياء والرسل، بدأً بنوح، عليه السلام، وانتهاءً بمحمد (ص)، كانت مُهمَّتُهم الأساسية تبليغ ما ينزل علهم من وحيٍ من اللهِ، سبحانه وتعالى، للناس، مصداقا لقوله، عزَّ وجلَّ : "الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا" (الأحزاب، 39).
المقصود، في هذه الآية ب"الَّذِينَ" هم الرسل والأنبياء الذين كانت مهمَّتُهم تبليغ ما ينزل عليهم من وحيٍ (يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ). وكان هؤلاء الرسل والأنبياء لا يخشون أحداً إلا الله. مهمَّتُهم تبليغ الوحي وحساب الناس موكولٌ لله، سبحانه وتعالى.
والقرآن الكريم حافلٌ بالآيات التي تبيِّن، بوضوح، أن مهمَّةَ النبي أو الرسول، هي تبليغ الوحي إلى الناس. من بين هذه الآيات، اخترتُ الآيةَ المواليةَ : "وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ" (العنكبوت، 18).
في هذه الآية، كلام الله موجَّهٌ للكفار أو المشركين، مُنبِّهاً إياهم أنهم إذا كذَّبوا رسالةَ الرسول (ص) لهم، فمهمةُ هذا الأخير هو تبليغ ما ينزل عليه من وحيٍ. أو بعبارة أخرى، سواءً كذَّبتُم أو آمنتُم، فمهمَّة الرسول لا تتغيَّر ("...وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ"). و"الْمُبِينُ" تعني أن التَّبليغَ يجب أن يكونَ جليّاً و واضحا.
البشير اسمٌ وفاعلٌ مشتقٌّ من فعل "بَشُرَ"، وله ارتباطٌ بفعل "بشَّرَ". والفعلان لهما علاقة بنقل الأخبار السارة. بينما البشير هو الشخصُ الذي يُقبِل على الناس، حامِلاً لهم أخباراً سارة. والناقل للأخبار السارة يقبل على الناس بوحه بشوش، أي عليه علامات المُخبرِ بالأشياء المُفرِحة والتي تُدخل السعادةَ في حياة الناس، مصداقا لقولِه، سبحانه وتعالى : "وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ…وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة، 25).
في هذه الآية، الله، سبحانه وتعالى، يُوجِّه كلامَه للرسول(ص)، داعياً إياه أن ينقلَ الخبرَ السارَّ للمؤمنين. والخبر السارُّ هو مُكافأة هؤلاء المؤمنين ب"جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ".
أما النذير، فهو لغوياً، عكس البشير. والنَّذير أو المُنذِر هو الذي يحدِّر الناسَ من شرٍّ أو سوءٍ أو مكروهٍ قد يحدث لهم مستقبلا. النذير أو المُنذر له ارتباط بفعل "أنذر". وفعل "أنذر" يدلّ، هو الآخر، على نقل الأخبار، لكن الأخبار غير المُفرِحة. والنذير هو، في آنٍ واحد، ناقلُ للأخبار غير السارة ومُحذِّرٌ، مصداقا لقولِه، سبحانه وتعالى : "هَـٰذَا بَلَاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ" (إلراهيم، 52).
في هذه الآية الكريمة، "بَلَاغٌ" يدل على الإِخبار. أم التَّحذير، فمُعبَّرٌ عنه ب"وَلِيُنذَرُوا بِهِ". وفي هذا الصدد، يحضرني المثل العربي المشهور، "قد أعذر مَن أنذر"، أي أن المُخطِئَ، إذا تم إنذارُهُ (تحذيرُه) قبل ارتكاب الخطأ، لم يعد له أي عذر، إذا ارتكب هذا الخطأ.
وهذا هو دور الرسول (ص)، كما أراده له، سبحانه وتعالى. بمعنى أن يكونَ، في نفس الوقت، بشيراً ونذيراً، مصداقا لقولِه، سبحانه وتعالى : "
لكنه، عزَّ وجل، حذَّر حتى الرسول (ص) حين قال له، من خلال الآية رقم 65 من سورة الزمر : "وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ".
في هذه الآية، اللهُِ، سبحانه وتعالى، يُخبر الرسول محمد (ص) أن الوحيَ الذي يُنزِله عليه، عزَّ وجلَّ، سبق أن أنزله، جلَّت قدرتُه، على الأنبياء والرسل من قبله. ثم يسترسل، سبحانه وتعالى، ويقول "لَئِنْ أَشْرَكْتَ".
وهنا، على كل عقلٍ سليم، نيِّرٍ ومستنير أن يطرحَ على نفسِه السؤالَ التالي : فكيف لله الذي هو مَن اختار محمدا من بين كثيرٍ من الناس، وعن بيِّنةٍ، أن يقولَ له "لَئِنْ أَشْرَكْتَ"؟
إذن، "لَئِنْ أَشْرَكْتَ" لها معنى آخر غير الذي قد يخطُر ببال قارئ هذه الآية، أي أن الرسول (ص) سيُشرك بالله وحاشا للرسول (ص) أن يُشركَ بالله. فما هو المعنى المقصود من "لَئِنْ أَشْرَكْتَ"؟
المقصود من "لَئِنْ أَشْرَكْتَ" هو أن اللهَ، سبحانه وتعالى، يُنبِّه نبيَّه ورسولَه محمد (ص) أن لا يُضيفَ شيئا من عِنده للوحي الذي ينزل عليه. وهذا يعني أن مهمَّةَ الرسول(ص) تنحصر في تبليغ ما ينزل عليه من وحيٍ للناس، مصداقا لقولِه، عزَّ وجلَّ : "مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ" (المائدة، 99). بمعنى أن دورَ الرسول هو تبليغُ الوحي، بينما الله، سبحانه وتعالى، مطَّلع (يعلم) على ما يُظهرونه، أيها الرسول، من نفاقٍ وما يٌخبِّئونه عليك من نوايا سيئة.
والرسول (ص) استجاب للتنبيه الإلهي وأمر الصحابةَ قائلاً لهم : "لا تكتبوا عني، ومَن كتب عني غير القرآن فَليَمحُه". لماذا؟
لأن الصحابةَ بشرٌ يُصيبُون ويُخطئون، أي قد يكتبون عن الرسول (ص)، الملتزم بتبليغ الوحي، كما أُنزِلَ عليه، أشياءَ لا تُرضي اللهَ أو تُخِلُّ بدوره كمُبلِّغٍ أمين. فهل يوجد دليل في القرآن الكريم يبيِّن أن الرسولَ (ص) كان مُبلِّغاً أميناً للوحي.
والدليل على أن الرسولَ (ص) كان مُبلِّغاً أميناً للوحي، هو أنه لا يوجد حديث يبيِّن عددَ ركعات الصلوات الخمس. لماذا؟
لأنه لا يوجد، في القرآن الكريم، آيةٌ أو آيات تُشير لهذا العدد. وبما أن عددَ الركعات غير موجود في القرآن الكريم، فالرسول (ص) التزم بغياب هذا الذكر، ولم يصدر عنه حديثٌ فيه توضيح لهذا العدد. أليس هذا دليلٌ واضحٌ على أن الرسولَ (ص) كان مُبلٌّغاً أميناً للوحي. لهذا، كان يقول للصحابة : "صلوا كما رأيتموني أصلي"
ولهذا، فالرسول (ص) كان، إلى أبعد حدٍّ، ملتزما بالتَّبليغ المحض لما ينزل عليه من وحي. واعتماداً على هذا الوحي، كان بشيراً ونذيراً، مصداقا لقولِه، سبحانه وتعالى : "إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ" (البقرة، 119).
بشيرُ، أي كان يقول للناس ما كان يُفرِحهم، ليؤمنوا، وما ينتظرهم من خير. نذيرٌ، أي كان يُحذِّر الناسَ من عواقب كفرهم أو شِركهم.
وهذه الآية تبيِّن أن الرسولَ (ص) كان مبلِّغاً أمينا لِما يوحَى له. والدليل على التزامه بهذا التَّبليغ، هو أن اللهَ، حسب ما وَرَدَ في نفس الآية، المشار إليها أعلاه، لن يحمِّلَه مسئوليةَ الناس الذين لم يؤمنوا برسالتِه إذا قام بدوره، على أحسن ما يُرام، كبشيرٍ ونذير. الرسول مهمَّتُه تبليغ الوحي للناس، والله، سبحانه وتعالى، هو الذي يتكفَّل بحسابهم.
وكل الأنبياء والرسل، بدأً بنوح، عليه السلام، وانتهاءً بمحمد (ص)، كانت مُهمَّتُهم الأساسية تبليغ ما ينزل علهم من وحيٍ من اللهِ، سبحانه وتعالى، للناس، مصداقا لقوله، عزَّ وجلَّ : "الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا" (الأحزاب، 39).
المقصود، في هذه الآية ب"الَّذِينَ" هم الرسل والأنبياء الذين كانت مهمَّتُهم تبليغ ما ينزل عليهم من وحيٍ (يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ). وكان هؤلاء الرسل والأنبياء لا يخشون أحداً إلا الله. مهمَّتُهم تبليغ الوحي وحساب الناس موكولٌ لله، سبحانه وتعالى.
والقرآن الكريم حافلٌ بالآيات التي تبيِّن، بوضوح، أن مهمَّةَ النبي أو الرسول، هي تبليغ الوحي إلى الناس. من بين هذه الآيات، اخترتُ الآيةَ المواليةَ : "وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ" (العنكبوت، 18).
في هذه الآية، كلام الله موجَّهٌ للكفار أو المشركين، مُنبِّهاً إياهم أنهم إذا كذَّبوا رسالةَ الرسول (ص) لهم، فمهمةُ هذا الأخير هو تبليغ ما ينزل عليه من وحيٍ. أو بعبارة أخرى، سواءً كذَّبتُم أو آمنتُم، فمهمَّة الرسول لا تتغيَّر ("...وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ"). و"الْمُبِينُ" تعني أن التَّبليغَ يجب أن يكونَ جليّاً و واضحا.