انتظروا لا تسبقوا النقطة إلى آخر السطر و تضعوا حداً لكلامي، لِنعُد جميعا لأول السطر و نصْطَفَّ حرفا.. حرفا مُلوِّحين بتحية السلام، فما زال في نفسي بقيةٌ ممّا سطَّرْتُه هنا الأسبوع الماضي من كلام حول الكِتاب الذي يُباع باليا و لم يمْض على صدوره شهرٌ، و لن أنتظر عاطفةً جيَّاشة من أحرف العطف أو صبرا يصلني من حتى لأتوسَّع أكثر في هذه المقبرة التي تئد الكتاب في المهد.
سأذهب اليوم أبعد مما يذهبهُ المنشار في جذوع الأشجار الذي يعتبر المرحلة الأولى في صناعة الكِتاب، لأتحدث عن الناشر الذي يُقال في بلدي إنه لا يصعد و لا ينزل إلا آكلا، وكي لا نُعقِّد ما هو بسيط ، يجب أن نكون حقَّانيين و لا نُحمِّل أحدا مسؤولية البؤس الذي يعيشه المؤلف في المغرب، لا يجب أن نتهم ناشرا و نقول إنه يأكل تعب المؤلف باردا دون أن يصيبه من كدح الكتابة حرفٌ، فالكاتب هو من يضع بضاعته بمحض إرادته التي لا يملكها لأنه مُسيَّرٌ و ليس مُخيَّرا، لقمةً سائغة في فم الناشر الذي لا يملأه التراب، كما لا يمكن أبدا إقفال فم الناشر المفتوح دائما بالشكوى؛ فتكلُفة الطَّبع التي لا تكون بسكين على دلاحٍ باهظة الورق، و التوزيع الذي لا يتجاوز الزقاق الواحد فبالأحرى أن ينتقل بالكِتاب من مدينة لأخرى يحتاج لأسطول نفاث من السيارات و الشاحنات أو الصواريخ و الدَّبابات هي جميعا لا تمشي بالماء بل بالبنزين الذي صار يُباع في بلدي أغلى من قوارير الدم، توزيع الكتب ببلدي لا يسلك في السبل إلا الأعوج فحدِّث و لا حرج..!
الناشر إذا فتح فمه كالمنشار الذي يتحدث في الخشب، لا أحد يستطيع إيقاف أسنانه و هو يقطع في جسد الكاتب تقتيلا، سيُسهب في كل ما سيصنعك في المستقبل كتابا؛ سيتحدث دون كُلفة عن تكلفة الورق حسب نوع الورق، هل تريده فاخرا صقيلا أو متوسطا شاحبا أو باليا كالذي في الكتب الصفراء، أنتَ و شكَّارتك و هو و شَطَارته التي لا يضاهيها في حياكة أجمل الكتب إلا خيَّاط المقص الذهبي في حيِّنا، ينسج للزبون بدْلةً على المقاس دون أن يغفل في اعوجاج جسمه تفصيلا..!
سيتحدث الناشر الذي عاشر الكُتَّاب أكثر من أربعين يوما فصار منهم يحمل لقب المثقف بدل التاجر، عن الغلاف، انظر لشَطَارة الناشر لم ينْسَ أن يسأل الكاتب عن نوعية الغلاف الذي يريده بابا لأوراق كتابه، و كأن الناشر و هو يتحدث بمنشار على الخشب سيصنع بابا سميكا لسجن وليس غلافا لكتاب؛ هل تريده غلافا صلبا منتصبا مُقوَّى كالجدار لا يلتوي أو يذبل رسمُه صيفا و شتاء على مر العصور، أو غلافا عاديا زاهدا في الدنيا أبيض كالكفن و لن يكسب الناشر و المنشور من وراء هذا الكتاب إذا كانا مؤمنين طبعا إلا الثواب..!
لقد تطورت صناعة الكتاب في بلادي و أعطت للناشر ما أخذته من جيب و صحة و عقل و عُمْر الكاتب الأشبه بالشجرة التي تطرح الثمار ليأكلها الآخرون و لا ينوبه من غلَّة الإنتاج إلا العَجَاج..!
الأجدر بالدعم الذي يُقدَّمُ للناشر أن يُمنح للكاتب ضِعْفاً، ليستخلص حقوقه المادية من وزارة الثقافة مباشرة بدل أن يجري لاهثا خلف الناشر الذي يُسوِّق الكتاب في معارض عربية و دولية حتى ينفد ثم يعيد طبعه سرا دون علم المؤلف و من أين له أن يعلم إذا كان الناشر يطبعه في الخفاء بنفس نسخته الأولى، و ما زال بعض الناشرين مُمعنين في أكلهم للحرام، و ما زال الكاتب يجري لاهثا خلفهم بكل ما أوتي من أقدام و أقلام يريد حقوقه بالحلال، و لكنه و هو يمشي على عينيه الضباب لا يلوي إلا على السراب..!
مما لا شك فيه و لكن في قنفذه الكثيرُ من الشوك، أنه تبقى حَلَقةَ الكاتب حَلَقةً فارغة مثقوبةً مضروبةً في سلسلة المنظومة القانونية التي تؤطر بوضوح وشفافية علاقة الناشر بوزارة الثقافة الجهة الداعمة، و تهمل المؤلف الذي تتركه عُرضَةً لنهب بعض الناشرين يُغْمِطُونَهُ كل حقوقه المادية و الرمزية، لتبقى علاقة الكاتب بالوزارة غامضة يكتنفها حيفٌ كبير ربَّنا كما خلقتنا؛ الأجدر بالكاتب أن يستخلص حقوقه من الناشر تحت وصايةٍ مسؤولةٍ من وزارة الثقافة؛ أليس من المؤلف شظفُ الكتابة بكل أشكالها التعذيبية عفوا أقصد التعبيرية، و ليس من الناشرين إلا الورق و الغلاف و التوزيع الذي لا يتجاوز رأس الدرب، منه البِذرة و منهم التراب، منه الشجرة و الثمرة التي في الشجرة واليد التي تقطف الثمرة التي في الشجرة مباشرة إلى أشداق الناشرين، و منهم العود إلى عينيه يفقأهما لو تطاول بأذنين ذكاءً وطالب بحقوقه في التعليف..!
(افتتاحية ملحق"العلم الثقافي" ليومه الخميس 18 ماي 2017)
سأذهب اليوم أبعد مما يذهبهُ المنشار في جذوع الأشجار الذي يعتبر المرحلة الأولى في صناعة الكِتاب، لأتحدث عن الناشر الذي يُقال في بلدي إنه لا يصعد و لا ينزل إلا آكلا، وكي لا نُعقِّد ما هو بسيط ، يجب أن نكون حقَّانيين و لا نُحمِّل أحدا مسؤولية البؤس الذي يعيشه المؤلف في المغرب، لا يجب أن نتهم ناشرا و نقول إنه يأكل تعب المؤلف باردا دون أن يصيبه من كدح الكتابة حرفٌ، فالكاتب هو من يضع بضاعته بمحض إرادته التي لا يملكها لأنه مُسيَّرٌ و ليس مُخيَّرا، لقمةً سائغة في فم الناشر الذي لا يملأه التراب، كما لا يمكن أبدا إقفال فم الناشر المفتوح دائما بالشكوى؛ فتكلُفة الطَّبع التي لا تكون بسكين على دلاحٍ باهظة الورق، و التوزيع الذي لا يتجاوز الزقاق الواحد فبالأحرى أن ينتقل بالكِتاب من مدينة لأخرى يحتاج لأسطول نفاث من السيارات و الشاحنات أو الصواريخ و الدَّبابات هي جميعا لا تمشي بالماء بل بالبنزين الذي صار يُباع في بلدي أغلى من قوارير الدم، توزيع الكتب ببلدي لا يسلك في السبل إلا الأعوج فحدِّث و لا حرج..!
الناشر إذا فتح فمه كالمنشار الذي يتحدث في الخشب، لا أحد يستطيع إيقاف أسنانه و هو يقطع في جسد الكاتب تقتيلا، سيُسهب في كل ما سيصنعك في المستقبل كتابا؛ سيتحدث دون كُلفة عن تكلفة الورق حسب نوع الورق، هل تريده فاخرا صقيلا أو متوسطا شاحبا أو باليا كالذي في الكتب الصفراء، أنتَ و شكَّارتك و هو و شَطَارته التي لا يضاهيها في حياكة أجمل الكتب إلا خيَّاط المقص الذهبي في حيِّنا، ينسج للزبون بدْلةً على المقاس دون أن يغفل في اعوجاج جسمه تفصيلا..!
سيتحدث الناشر الذي عاشر الكُتَّاب أكثر من أربعين يوما فصار منهم يحمل لقب المثقف بدل التاجر، عن الغلاف، انظر لشَطَارة الناشر لم ينْسَ أن يسأل الكاتب عن نوعية الغلاف الذي يريده بابا لأوراق كتابه، و كأن الناشر و هو يتحدث بمنشار على الخشب سيصنع بابا سميكا لسجن وليس غلافا لكتاب؛ هل تريده غلافا صلبا منتصبا مُقوَّى كالجدار لا يلتوي أو يذبل رسمُه صيفا و شتاء على مر العصور، أو غلافا عاديا زاهدا في الدنيا أبيض كالكفن و لن يكسب الناشر و المنشور من وراء هذا الكتاب إذا كانا مؤمنين طبعا إلا الثواب..!
لقد تطورت صناعة الكتاب في بلادي و أعطت للناشر ما أخذته من جيب و صحة و عقل و عُمْر الكاتب الأشبه بالشجرة التي تطرح الثمار ليأكلها الآخرون و لا ينوبه من غلَّة الإنتاج إلا العَجَاج..!
الأجدر بالدعم الذي يُقدَّمُ للناشر أن يُمنح للكاتب ضِعْفاً، ليستخلص حقوقه المادية من وزارة الثقافة مباشرة بدل أن يجري لاهثا خلف الناشر الذي يُسوِّق الكتاب في معارض عربية و دولية حتى ينفد ثم يعيد طبعه سرا دون علم المؤلف و من أين له أن يعلم إذا كان الناشر يطبعه في الخفاء بنفس نسخته الأولى، و ما زال بعض الناشرين مُمعنين في أكلهم للحرام، و ما زال الكاتب يجري لاهثا خلفهم بكل ما أوتي من أقدام و أقلام يريد حقوقه بالحلال، و لكنه و هو يمشي على عينيه الضباب لا يلوي إلا على السراب..!
مما لا شك فيه و لكن في قنفذه الكثيرُ من الشوك، أنه تبقى حَلَقةَ الكاتب حَلَقةً فارغة مثقوبةً مضروبةً في سلسلة المنظومة القانونية التي تؤطر بوضوح وشفافية علاقة الناشر بوزارة الثقافة الجهة الداعمة، و تهمل المؤلف الذي تتركه عُرضَةً لنهب بعض الناشرين يُغْمِطُونَهُ كل حقوقه المادية و الرمزية، لتبقى علاقة الكاتب بالوزارة غامضة يكتنفها حيفٌ كبير ربَّنا كما خلقتنا؛ الأجدر بالكاتب أن يستخلص حقوقه من الناشر تحت وصايةٍ مسؤولةٍ من وزارة الثقافة؛ أليس من المؤلف شظفُ الكتابة بكل أشكالها التعذيبية عفوا أقصد التعبيرية، و ليس من الناشرين إلا الورق و الغلاف و التوزيع الذي لا يتجاوز رأس الدرب، منه البِذرة و منهم التراب، منه الشجرة و الثمرة التي في الشجرة واليد التي تقطف الثمرة التي في الشجرة مباشرة إلى أشداق الناشرين، و منهم العود إلى عينيه يفقأهما لو تطاول بأذنين ذكاءً وطالب بحقوقه في التعليف..!
(افتتاحية ملحق"العلم الثقافي" ليومه الخميس 18 ماي 2017)