علجية عيش - رمضان 25 .. الإسلام و الاستشراق

تسلل المستشرقون إلى قلوب المسلمين بعد معاشرتهم و تعلم لغتهم العربية نطقا و كتابة و الإطلاع على عاداتهم و تقاليدهم، و قد نقل المستشرقون تراث العرب و المسلمين عن طريق ترجمته إلى اللغات الأجنبية، فتمكنوا من تمرير أطروحاتهم و السيطرة على أفكارهم، فتأثر العرب بحضارتهم ، وقد ارتبط الاستشراق بالمؤسسات التبشيرية، حيث لعب المستشرقون دورا مهما في تنصير المسلمين منذ الحروب الصليبية و لا تزال حملاتهم المسمومة إلى اليوم
​

كان أول مؤتمر للمستشرقين، انعقد في باريس عام 1783 و ذلك بهدف التآمر على الإسلام و المسلمين ، لأن معظم المستشرقين رهبان و قساوسة، "ولا یزالون یقاتلونكم حتى یردوكم عن دینكم إن استطاعوا " ( الآية 217 من سورة البقرة)، و كان القرآنلنور الذي فتح بصيرة بعض المسلمين و فتحت أعينهم على المخططات التي يرسمها المبشرون و المستشرقون ، و من الذين تصدوا لظاهرة الاستشراق الدكتور مصطفي السباعي من سوريا و هو من الشخصيات الإسلامية المعروفة ، حين أصدر كتابه عن الاستشراق إذ يقول فيه " إننا حين نقرأ لتاريخ ، نرى بوضوح الحملة المسعورة علي الإسلام و أمتنا و تاريخها المشرق، و الذي يسهر على تنفيذها و تطبيقها أبناؤنا الذين رباهم المستشرقون و نفثوا السموم في عقولهم، حتى أصبحوا أدوات طيّعة في أيد أسيادهم، ما يؤسف له أن الكُتَّابَ و المثقفين العرب وضعوا كامل ثقتهم في المستشرقين و الثناء عليهم و كانوا أكثر إعجاب بهم و من بين هؤلاء طه حسين و هو من أوائل تلاميذ المستشرقين، كما تطرق إدوارد سعيد و هو فلسطيني الأصل أمريكي الجنسية في كتابه " الإستشراق" إلي الخطر الذي يهدد الإسلام و كذلك المفكر المصري أنور عبد المالك و كتاباته عن الإستشراق و هو مسيحي قبطي لكنه يعتز بالثقافة العربية الإسلامية .

و المستشرقون اليوم ينتقلون إلي مرحلة جديدة ، فبعد الاستشراق الفرانكفوني و الاستشراق الألماني الذي كان على يد ويلهلم ألبريت الملقب بـ: "ابن الورد" و المستشرقة أن ماري شميل ، يقال أنها تعلمت اللغة العرببة و عمرها 15 سنة و كانت لها معرفة واسعة بالعالم الإسلامي اكثر من المسلمين أنفسهم،كانت من الذين أنصفوا الإسلام و المسلمين ( توفيت في فيفري 2003) و بعد وفاتها اعتقد البعض أن الحوار بين ألمانيا و العالم الإسلامي توقف، نقرأ حاليا عن الاستشراق الإنجلوسكسوني أو ما سمي بـ: "نيو استشراق " و هو الأن يهدد بقاء الإستشراق الفراكفوني و العربي، أما في الجزائر ، التي كانت مركزا للاستشراق، حسب الباحث سعدي بزيان كان أول مؤتمر الإستشراق في طبعته الـ: 14 احتضنته الجزائر في 19 أفريل 1905 تحت رئاسة روجي ليونار وروني باسي رئيس لجنة تحضير المؤتمر، أما الحضور الجزائري تمثل في محمد بن شنب و محمد بوقندورة فقيه الحنفية بالجزائر ، و كانت مجلة الثورة الإفريقية أول من غطت هذا الحدث الإعلامي، إلا أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين فقد تصدت لظاهرة الاستشراق، بإيعاز من العلامة الإمام عبد الحميد ابن باديس رائد النهضة الإسلامية في الجزائر، فقد كان ابن باديس يتابع نشاطات المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون، الذي يعتبر من أكبر المستشرقين المعاصرين.

عاش ماسنيون قرابة 80 سنة باحثا في التراث العربي بشكل عام والتصوّف الإسلامي بشكل خاص، وعمل أستاذا للدراسات الإسلامية في جامعة السوربون ، ثم في الكوليج دو فرانس، وتخرج على يديه عدد كبير من العلماء المسلمين والمستعربين ومن أشهرهم: طه حسين، زكي مبارك، علي شريعتي، محمد أركون و غيرهم، كما أنه انتسب إلى المَجْمَعُ المصري للغة العربية، و لذا كان الشيخ ابن باديس و مجموعة من العلماء و المفكرين منهم الشيخ البشير الإبراهيمي و مالك بن نبي و حمودة الساعي، ينتقدونه بشدة، إلا أن ابن باديس رغم انتقاده له ، كان يدعوه إلى الدفاع عن اللغة العربية ، مما تركه ماسينيون مقولته الشهيرة: " لقد جذبني الشرق إليه بماضيه الحافل بالديانات، فإذا بي غارق فيه إلى قمة رأسي، وإذا بفلاسفة الإسلام ومتصوفوه يحظون جميعاً بالقسط الأكبر من تفكيري، وإذا بي بعد دراستي إياهم أنجذب نحو المنبع الأول الذي استقى منه هؤلاء الفلاسفة تصوفهم وفلسفتهم"، يقال أن لويس ماسينيون قبل وفاته اعتنق الإسلام و اختار المذهب الشيعي كمرجع ديني له، خلاصة القول ، أن خطة الصليبية الجديدة هي خلق جیل من المسلمين يتركون دينهم و يقضون عليه بأیدیھم ، ذلك من خلال الدعوة إلى انتشار الطائفية التي تقسم الأمة الإسلامية إلى أمم متفرقة متناحرة، و يعمل أصحابها على التشكيك في المصادر الإسلامية و في قدسية القرأن الكريم.
علجية عيش​