د. زهير الخويلدي - الدور العملي لفلسفة المقاومة ، مقاربة استرجاعية

مقدمة

تُعد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة نموذجاً بارزاً للنضال التحرري ضد الاستعمار الصهيوني المدعوم إمبريالياً. منذ النكبة عام 1948، طورت المقاومة استراتيجيات متطورة لمواجهة واحدة من أقوى الآلات العسكرية في العالم. هذا التحليل العميق يركز على تطور المقاومة الفلسطينية في غزة، خاصة قبل وبعد العدوان الصهيو-إمبريالي الذي بدأ في 7 أكتوبر 2023 ("طوفان الأقصى"). باستخدام مقاربة كفاحية، يهدف التحليل إلى تفكيك أبعاد المقاومة – السياسية، العسكرية، الاجتماعية، والثقافية – مع التركيز على الصمود كاستراتيجية تحررية. يعتمد التحليل على بيانات من مصادر موثوقة مثل تقارير الأمم المتحدة، المكتب المركزي للإحصاء الفلسطيني، ومنشورات على منصة X، مع دمج الرؤية الكفاحية التي ترى المقاومة رد فعل مشروع على الاحتلال.

الفصل الأول: السياق التاريخي للمقاومة الفلسطينية

1.1. جذور المقاومة: من النكبة إلى الحصار


بدأت المقاومة الفلسطينية مع النكبة عام 1948، عندما طُرد 750,000 فلسطيني إلى مناطق مثل غزة، التي أصبحت ملاذاً للاجئين (70% من سكانها لاجئون). شهدت الخمسينيات والستينيات تشكل حركات مثل فتح وحركة القوميين العرب، بينما برزت منظمة التحرير الفلسطينية (1964) كإطار جامع. في غزة، تبلورت المقاومة خلال الانتفاضة الأولى (1987-1993) كشكل شعبي ضد الاحتلال، ثم تطورت مع تأسيس حركة حماس (1987) والجهاد الإسلامي، اللتان ركزتا على المقاومة المسلحة. بعد اتفاقيات أوسلو (1993)، تراجعت المقاومة في الضفة، لكن غزة بقيت مركزاً لها بسبب استمرار الاحتلال والاستيطان حتى 2005. الحصار الإسرائيلي منذ 2007، بدعم إمبريالي، عزز التوجه نحو المقاومة المسلحة، مع تطوير أنفاق وصواريخ محلية الصنع. قبل 2023، كانت المقاومة تجمع بين العمل العسكري (مثل صواريخ القسام) والمدني (مسيرة العودة العظيمة 2018-2019)، التي قُمعت بعنف (223 شهيداً)

. 1.2. طوفان الأقصى: نقطة تحول

في 7 أكتوبر 2023، أطلقت كتائب القسام (الجناح العسكري لحماس) والفصائل الأخرى عملية "طوفان الأقصى"، استهدفت المستوطنات المحيطة بغزة. أسفرت عن مقتل 1,195 إسرائيلياً وأسر 251 رهينة، في رد على تصاعد الانتهاكات في الأقصى والضفة. كانت العملية رسالة سياسية وعسكرية: كسر هيمنة "إدارة الصراع" الإسرائيلية وإحياء القضية الفلسطينية. رد الاحتلال بحرب إبادة أدت إلى مقتل 67,144 فلسطينياً وتدمير 80% من البنية التحتية بحلول أكتوبر 2025.

الفصل الثاني: الأبعاد المتعددة للمقاومة الفلسطينية

ة2.1. البعد العسكري: من الصواريخ إلى الحرب غير المتكافئة

قبل 2023: طورت المقاومة ترسانة صواريخ محلية (مثل Q-20، M-75)، مع مدى 80-150 كم، رغم الحصار. كما شيدت شبكة أنفاق (500 كم تقريباً) للدفاع والهجوم. أدت الحروب السابقة (2008، 2012، 2014، 2021) إلى خسائر إسرائيلية محدودة (69 قتيلاً إجمالاً)، لكنها عززت الردع الفلسطيني.

بعد 2023: أظهرت المقاومة قدرة غير مسبوقة على الصمود 24 شهراً ضد جيش مدعوم بـ100 مليار دولار أمريكية. استخدمت تكتيكات حرب العصابات (كمائن، تفجيرات أنفاق)، مُلحقة خسائر بـ1,983 جندياً إسرائيلياً. هذا يعكس تحولاً من دفاعي إلى هجومي، رغم التكلفة البشرية العالية.

2.2. البعد السياسي: إعادة إحياء القضية

قبل 2023: عانت القضية الفلسطينية من تراجع دولي بسبب "اتفاقيات أبراهام" (2020)، التي عزلت غزة. ومع ذلك، حافظت حماس على دعم شعبي (52% في استطلاعات 2022) بسبب رفضها التطبيع.

بعد 2023: أعادت "طوفان الأقصى" القضية إلى الواجهة العالمية. تضاعفت الاحتجاجات الداعمة في الغرب، مع دعوات للمقاطعة (BDS) ودعم قانوني من دول مثل جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية. على منصة X، تكرر وسم #FreePalestine ملايين المرات، مما يعكس تأثيراً عالمياً.

2.3. البعد الاجتماعي: الصمود الشعبي

قبل 2023: رغم الفقر (61%) والبطالة (45%)، حافظ المجتمع على تماسك بفضل التضامن العائلي ودور المؤسسات الدينية. كانت المسيرات الشعبية (مثل العودة) دليلاً على مشاركة جماعية.

بعد 2023: رغم النزوح (90%) والمجاعة (1.8 مليون في IPC Phase 5)، استمر الصمود. قصص مثل استمرار التعليم تحت القصف وتطوع المدنيين في المستشفيات تعكس "المقاومة بالحياة".



2.4. البعد الثقافي: المقاومة كرواية تحررية

قبل 2023: استخدمت المقاومة الفن (شعر محمود درويش، أفلام مثل "جنين جنين") لنقل الرواية الفلسطينية. كما دعمت الصحافة المحلية (وكالة وفا) الوعي العالمي.

بعد 2023: رغم مقتل 217 صحفياً و120 أكاديمياً، برزت وسائل التواصل (خاصة X) كمنصة لنقل الحقيقة. منشورات مثل [post:68] وصفت غزة بـ"رمز الصمود العالمي"، مع انتشار فيديوهات لمقاومين يواجهون دبابات بأسلحة بدائية.

الفصل الثالث: المقاربة الكفاحية – المقاومة كمشروع تحرر

3.1. الفلسفة الكفاحية: المقاومة كحق

تعتمد المقاربة الكفاحية على مبدأ أن المقاومة حق مشروع بموجب القانون الدولي (قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3070/1973). ترى أن الاحتلال الصهيوني، بدعمه الإمبريالي، هو السبب الجذري للصراع، وليس "طوفان الأقصى". المقاومة ليست فقط عسكرية، بل مشروع شامل يشمل الصمود اليومي

.3.2. استراتيجيات المقاومة: الصمود كسلاح

الصمود العسكري: قدرة المقاومة على تحمل 24 شهراً من القصف الإسرائيلي (2 مليون طن متفجرات) دليل على التخطيط طويل الأمد. استخدام الأنفاق والأسلحة البدائية أحبط استراتيجية إسرائيل للقضاء على حماس.

الصمود الشعبي: رغم الدمار (80% من البنية التحتية)، استمر السكان في دعم المقاومة (65% في استطلاعات 2024).

الصمود الدبلوماسي: نجحت المقاومة في إحراج إسرائيل دولياً، مع اتهامات بالإبادة أمام محكمة العدل الدولية.

3.3. التحديات: التضحيات والانقسام

التضحيات: الثمن البشري (67,144 شهيداً) والاقتصادي (86% انخفاض GDP) يُعد أعلى في التاريخ الحديث.

الانقسام الفلسطيني: الخلاف بين حماس وفتح يُضعف الجبهة الداخلية، رغم محاولات المصالحة (بكين 2024).

الضغط الإمبريالي: الدعم الأمريكي (100 مليار دولار) يُعيق المقاومة، لكنه يُعزز الرواية الكفاحية عالمياً.

الفصل الرابع: مقارنة قبل وبعد العدوان – إعادة تعريف النصر

البعد

قبل 2023

بعد 2023 (حتى أكتوبر 2025)

العسكري

صواريخ محدودة، أنفاق دفاعية

حرب عصابات، صمود 24 شهراً

السياسي

عزلة بسبب التطبيع

إحياء عالمي للقضية

الاجتماعي

تماسك تحت الحصار

صمود تحت الإبادة

الثقافي

رواية محلية

رواية عالمية عبر X وBDS حملات مقاطعة

قبل 2023: كانت المقاومة دفاعية، تركز على كسر الحصار. نجحت في الحفاظ على الروح الوطنية، لكنها عانت من العزلة.

بعد 2023: تحولت إلى مقاومة هجومية، أعادت تعريف النصر كـ"عدم الهزيمة". رغم الدمار، أصبحت غزة رمزاً تحررياً عالمياً.

خاتمة

تُظهر المقاومة الفلسطينية في غزة قدرة استثنائية على الصمود ضد الاحتلال الصهيوني المدعوم إمبريالياً. من خلال "طوفان الأقصى"، نجحت في كسر هيمنة الرواية الإسرائيلية، لكن بثمن باهظ. المقاربة الكفاحية تؤكد أن المقاومة ليست خياراً، بل ضرورة وجودية.

التوصيات: تعزيز الوحدة: تفعيل مصالحة فلسطينية شاملة لتوحيد الجبهة.

دعم دولي: تعزيز تحالفات مع دول الجنوب العالمي (جنوب أفريقيا، تركيا).

إعلام مقاوم: تطوير منصات مثل X لنقل الرواية الفلسطينية.

إعادة إعمار: تخصيص 50 مليار دولار لإعادة بناء غزة، مع رفع الحصار.

محاسبة الاحتلال: دعم الدعاوى القضائية ضد إسرائيل في المحاكم الدولية. كما جاء في [post:68]: "غزة ليست مجرد أرض، بل فكرة تحرر لا تُهزم". المقاومة مستمرة، والنصر هو الصمود.

كاتب فلسفي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى