كنت أطالع (مقدمة ابن خلدون) عندما ندهني مديري ... وضعت الكتاب جانبا وولجت مكتبه ، وكأي مرؤوس مهذب خفضت جناحي وامتدحت قميصه الجديد ، لا يروقني لا القميص ولا التزلف ، لكن الرجل يتقى شره بمعسول الكلام ، أخبرني بأهمية الطلبية القادمة والإسراع في اعدادها ، انزعجت من ميعاد التسليم الذي سيكون بعد سويعات قليلة إلا أنه لم يكن باليد حيلة .
عملت ومن معي بجد ، تفانيت في العجن والصقل والتزيين ، فخرجت الكعكة قبل الموعد بقليل ... أنيقة كطالبة جامعية ، وساخنة كا ... كا... كأي شئ خارج من الفرن. ولأن صبي التوصيلات كان مريضا كان يجب علي أن أوصل الطلبية بنفسي ، لا بأس ، فهنالك علاوة على ذلك.
أخذت العنوان و قدت ببطء حتى لا تتلف المخبوزات ، أسوء لحظاتي حينما تتلف أعمالي قبل ايصالها ، وعندما تهرسها الأسنان وتتعجن باللعاب وعصارة المعدة الحارقة ، وأبشع تصوراتي هو أن تتحول أعمالي في النهاية إلى غائط.
لو كنت رساما أو نحاتا لكان أفضل. وصلت ، سلمت الطلبية ، أخذت بقشيشا قليلا ، لكنني لم استطع الذهاب ، المكان يعج بنجوم المجتمع ، انتابني وسواس ما استبقاني لرؤية التماعة أعينهم عندما تذوب قطع الجاتو والكعكة العظيمة في أفواههم ، كنت أعرف عددا منهم منذ أيام الجامعة ، بطريقة ما تحولوا من طلبة هامشيين إلى واجهات اجتماعية ذات نفوذ طاغ ، انزويت بعيدا حتى لا أشوه لوحة الأناقة المجيدة ، الذي قال أن النجاح صنو الإجتهاد والمبادئ الأخلاقية أفاك كبير ، كنت يوما ما بحرا من العلوم يغرف مني الطلاب في قاعات الدراسة وتحت أشجار اللبخ في جامعة الخرطوم. هاهاها ، طفرت مني دمعة و ضحكة في آن واحد ، حلي لواجبات أحدهم مكنه من تبوأ منصب دستوري بينما أنا معجون حتى النخاع في مخبز للحلوى وسط أربعة خبازين لا يعلمون علاقة البروليتاريا بكعك ماري انطوانيت ! ، كنت أرثو لحالي حتى شاهدت بروفيسور درسني يتبول في الشارع العام ويسيل لعابه حتى قميصه الداكن قذارة ، ولم أحتاج لرؤية عينيه الزائغتين لتخمين ما أصابه.
كعكتي تلتمع تحت أضواء فلاشات العدسات ، شعرت بالزهو فأحيانا من المستحيل أن تأخذ مكانا تحت الضوء لكن العجين قد يفعلها ، سكين طويل أكثر من اللازم في يد المضيف فيمنح شرف شق الجرح لجميلة محتفى بها ، فاشرأبت الأعناق والعدسات إليها كأنما ستشق كموسى البحر ، قسمت الحلوى ، أخذت قطعة فمدتها للمضيف في حبور ، وبحبور أكبر أصر عليها أن تأكل أولا ، دست قطعة صغيرة في جوفها فتأوه الجمع وارتفع التصفيق الحار، وانتقلوا بسلاسة إلى أمر أخر من المجاملات والزيف الذي لا ينتهي ، تركوا صغيرتي وحيدة يتناوشها رجال الصف الثاني ، لملمت نفسي وابتعدت مترنحا بساقين من عجين.
* عن نادي القصة السعودي
عملت ومن معي بجد ، تفانيت في العجن والصقل والتزيين ، فخرجت الكعكة قبل الموعد بقليل ... أنيقة كطالبة جامعية ، وساخنة كا ... كا... كأي شئ خارج من الفرن. ولأن صبي التوصيلات كان مريضا كان يجب علي أن أوصل الطلبية بنفسي ، لا بأس ، فهنالك علاوة على ذلك.
أخذت العنوان و قدت ببطء حتى لا تتلف المخبوزات ، أسوء لحظاتي حينما تتلف أعمالي قبل ايصالها ، وعندما تهرسها الأسنان وتتعجن باللعاب وعصارة المعدة الحارقة ، وأبشع تصوراتي هو أن تتحول أعمالي في النهاية إلى غائط.
لو كنت رساما أو نحاتا لكان أفضل. وصلت ، سلمت الطلبية ، أخذت بقشيشا قليلا ، لكنني لم استطع الذهاب ، المكان يعج بنجوم المجتمع ، انتابني وسواس ما استبقاني لرؤية التماعة أعينهم عندما تذوب قطع الجاتو والكعكة العظيمة في أفواههم ، كنت أعرف عددا منهم منذ أيام الجامعة ، بطريقة ما تحولوا من طلبة هامشيين إلى واجهات اجتماعية ذات نفوذ طاغ ، انزويت بعيدا حتى لا أشوه لوحة الأناقة المجيدة ، الذي قال أن النجاح صنو الإجتهاد والمبادئ الأخلاقية أفاك كبير ، كنت يوما ما بحرا من العلوم يغرف مني الطلاب في قاعات الدراسة وتحت أشجار اللبخ في جامعة الخرطوم. هاهاها ، طفرت مني دمعة و ضحكة في آن واحد ، حلي لواجبات أحدهم مكنه من تبوأ منصب دستوري بينما أنا معجون حتى النخاع في مخبز للحلوى وسط أربعة خبازين لا يعلمون علاقة البروليتاريا بكعك ماري انطوانيت ! ، كنت أرثو لحالي حتى شاهدت بروفيسور درسني يتبول في الشارع العام ويسيل لعابه حتى قميصه الداكن قذارة ، ولم أحتاج لرؤية عينيه الزائغتين لتخمين ما أصابه.
كعكتي تلتمع تحت أضواء فلاشات العدسات ، شعرت بالزهو فأحيانا من المستحيل أن تأخذ مكانا تحت الضوء لكن العجين قد يفعلها ، سكين طويل أكثر من اللازم في يد المضيف فيمنح شرف شق الجرح لجميلة محتفى بها ، فاشرأبت الأعناق والعدسات إليها كأنما ستشق كموسى البحر ، قسمت الحلوى ، أخذت قطعة فمدتها للمضيف في حبور ، وبحبور أكبر أصر عليها أن تأكل أولا ، دست قطعة صغيرة في جوفها فتأوه الجمع وارتفع التصفيق الحار، وانتقلوا بسلاسة إلى أمر أخر من المجاملات والزيف الذي لا ينتهي ، تركوا صغيرتي وحيدة يتناوشها رجال الصف الثاني ، لملمت نفسي وابتعدت مترنحا بساقين من عجين.
* عن نادي القصة السعودي