حدثنا أبو الجودي شيبان بن سعد البكري ، عن سُبَيع بن نوفل التميمي ، عن سعيد بن سهم بن والبة ، عن أبي الفضل النجداني ، قال
لما أخمد الطاغية ثورةَ أعراب القاصمة ، بضاحية نجدان العاصمة ، و أسرَ قائدَهم الأشدق بنَ خالد ، قرر أن يخطب فيهم ، فجُمع له منهم خلق كثير ، و ذلك في يوم شديد الحر ، فلبثوا ينتظرونه إلى أن وصلَ محاطا بحراسه، فوقفَ تحت مظلة عظيمة ، و حمد الله و أثنى عليه و قال:
الحمد لله وحده ،
ربَّنا افتح بيننا و بين قومنا بالحق و أنتَ خيرُ الفاتحين .
يا أهل القاصمة ،
لقداتبعتم أهواء الشيطان و جنحتم للعصيان و تمردتم على السلطان . و قد جزيتُكم بمثل قرضكم ، و أضرمتُ النيران في أرضكم ، و جئتكم بحدي و حديدي ، متمثلاً ببيت الشاعر عوف بن عطية :
و نَلْبسُ للعدوّ جُلودَ أُسْدٍ
إذا نَلْقاهمُ و جلودَ نُمْرِ
و هذا قائدكم الأشْدَق بن خالد بن غياث الجنْواني - عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين - قد صدّ عن سبيل الحق ، و طمعَ في مُلك نجدان ، لكن هيهات هيهات ! فالجواد لا ينقاد إلا لسائسه، و النخل لا ينبت إلا في مغارسه . ولقد أظفرَني الله به ، بعد أن بطشتُ بأتباعه بطشة كبرى ، كانت شفاءً لمَا في الصدور . فلما مثلَ عدوّ الله بين يديّ و هو يرسف في الأغلال ، وجدتُهُ أحقرَ من الجدجد و أنْتَنَ منْ عش الهدهد، فعجبتُ و الله كيف يجترئ وضيع مثلُهُ على جبّار مثلي ! و رحم الله أبا الطيب المتنبي الذي قال :
أفي كلّ يوم تحت ضبْني شُوَيعرٌ
ضعيفٌ يُقاويني، قصيرٌ يطاولُ ؟
فهلا أخذتم العبرة ، أيها الأجلاف الأراذل، من مصير هذا الأحمق المتعاقل ، الذي كان يبيع النعال في أسواق نجدان ، ثم سولت له نفسه أن يتمرد على السلطان ، فبدأ يدعوكم إلى سبيل النجاة ، و هو أضَلُّ من ضبٍّ في فلاة ، وصارَ يَحُضّكم على الإقدام و هو أجبنُ من ذكَر النعام ، و يُمَنّيكم لذيذَ المأكل و هو أجْوعُ منْ كلبة حَوْمَل .
يا أهل القاصمة ،
ماذا عليَّ و إنْ كنتمْ ذَوي رَحمي
ألّا أحبَّكُمُ إنْ لمْ تُحبّوني ؟
بل كيف تريدون مني أن أعاملكم بالرأفة ، و هذا الأشدق الدعي سرعان ما وجدَ فيكم الآذان الصاغية ، حين دعاكم إلى الخروج على الطاغية ؟ أمَا و الله لو كنتم منْ ذوي الألباب ، لما انْسَقْتمْ وراء هذا الدعيّ الكذاب . و قد رأيتم كيف بعثنا إليه - بفضل الخالق سبحانه - رجالا أشداء ، ما فيهم إلا شَمَرْدَلٌ ، عظيم المنكبين ، ضخْمُ الساعدين ، إذا وعدَ أوفى بالوعد ، و إن حارب ثبتَ على العهد. و هكذا لقيَ عدوّ الله و أتباعُه من جنودنا الأشاوس ما يذكرني بقول أبي الطيب المتنبي :
و طعْنٍ كأنّ الطعنَ لا طعْنَ عندهُ = و ضربٍ كأن النارَ من حَرّه بَرْدُ
يا أعراب القاصمة ،
إنما تمردتم عليّ لأنني كسوتكم جميلَ نعمتي ، و درأتُ عنكم قبيحَ سطوتي ، فجعلتم الكفر في موضع الشكر، و نسيتم أن مرضاة السلطان أغلى من النفوس و الأبدان . فالحمد لله الذي جعلني أنكل بكم في حَمّارة الصيف ، و أردكم إلى طاعتي بالرمح و السيف .
و اعلموا أن النار لا تطفئها إلا النار ، و إنما أشعلتُ ضرامَ الحرب ، لأخمدَ بها لهيبَ الفتنة ،فالحمد لله الذي وهبكم من الغباء بقدر ما أعطاني من الفطنة .
و السلام على عباد الله المخلصين .
لما أخمد الطاغية ثورةَ أعراب القاصمة ، بضاحية نجدان العاصمة ، و أسرَ قائدَهم الأشدق بنَ خالد ، قرر أن يخطب فيهم ، فجُمع له منهم خلق كثير ، و ذلك في يوم شديد الحر ، فلبثوا ينتظرونه إلى أن وصلَ محاطا بحراسه، فوقفَ تحت مظلة عظيمة ، و حمد الله و أثنى عليه و قال:
الحمد لله وحده ،
ربَّنا افتح بيننا و بين قومنا بالحق و أنتَ خيرُ الفاتحين .
يا أهل القاصمة ،
لقداتبعتم أهواء الشيطان و جنحتم للعصيان و تمردتم على السلطان . و قد جزيتُكم بمثل قرضكم ، و أضرمتُ النيران في أرضكم ، و جئتكم بحدي و حديدي ، متمثلاً ببيت الشاعر عوف بن عطية :
و نَلْبسُ للعدوّ جُلودَ أُسْدٍ
إذا نَلْقاهمُ و جلودَ نُمْرِ
و هذا قائدكم الأشْدَق بن خالد بن غياث الجنْواني - عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين - قد صدّ عن سبيل الحق ، و طمعَ في مُلك نجدان ، لكن هيهات هيهات ! فالجواد لا ينقاد إلا لسائسه، و النخل لا ينبت إلا في مغارسه . ولقد أظفرَني الله به ، بعد أن بطشتُ بأتباعه بطشة كبرى ، كانت شفاءً لمَا في الصدور . فلما مثلَ عدوّ الله بين يديّ و هو يرسف في الأغلال ، وجدتُهُ أحقرَ من الجدجد و أنْتَنَ منْ عش الهدهد، فعجبتُ و الله كيف يجترئ وضيع مثلُهُ على جبّار مثلي ! و رحم الله أبا الطيب المتنبي الذي قال :
أفي كلّ يوم تحت ضبْني شُوَيعرٌ
ضعيفٌ يُقاويني، قصيرٌ يطاولُ ؟
فهلا أخذتم العبرة ، أيها الأجلاف الأراذل، من مصير هذا الأحمق المتعاقل ، الذي كان يبيع النعال في أسواق نجدان ، ثم سولت له نفسه أن يتمرد على السلطان ، فبدأ يدعوكم إلى سبيل النجاة ، و هو أضَلُّ من ضبٍّ في فلاة ، وصارَ يَحُضّكم على الإقدام و هو أجبنُ من ذكَر النعام ، و يُمَنّيكم لذيذَ المأكل و هو أجْوعُ منْ كلبة حَوْمَل .
يا أهل القاصمة ،
ماذا عليَّ و إنْ كنتمْ ذَوي رَحمي
ألّا أحبَّكُمُ إنْ لمْ تُحبّوني ؟
بل كيف تريدون مني أن أعاملكم بالرأفة ، و هذا الأشدق الدعي سرعان ما وجدَ فيكم الآذان الصاغية ، حين دعاكم إلى الخروج على الطاغية ؟ أمَا و الله لو كنتم منْ ذوي الألباب ، لما انْسَقْتمْ وراء هذا الدعيّ الكذاب . و قد رأيتم كيف بعثنا إليه - بفضل الخالق سبحانه - رجالا أشداء ، ما فيهم إلا شَمَرْدَلٌ ، عظيم المنكبين ، ضخْمُ الساعدين ، إذا وعدَ أوفى بالوعد ، و إن حارب ثبتَ على العهد. و هكذا لقيَ عدوّ الله و أتباعُه من جنودنا الأشاوس ما يذكرني بقول أبي الطيب المتنبي :
و طعْنٍ كأنّ الطعنَ لا طعْنَ عندهُ = و ضربٍ كأن النارَ من حَرّه بَرْدُ
يا أعراب القاصمة ،
إنما تمردتم عليّ لأنني كسوتكم جميلَ نعمتي ، و درأتُ عنكم قبيحَ سطوتي ، فجعلتم الكفر في موضع الشكر، و نسيتم أن مرضاة السلطان أغلى من النفوس و الأبدان . فالحمد لله الذي جعلني أنكل بكم في حَمّارة الصيف ، و أردكم إلى طاعتي بالرمح و السيف .
و اعلموا أن النار لا تطفئها إلا النار ، و إنما أشعلتُ ضرامَ الحرب ، لأخمدَ بها لهيبَ الفتنة ،فالحمد لله الذي وهبكم من الغباء بقدر ما أعطاني من الفطنة .
و السلام على عباد الله المخلصين .
