سافرنا مع أبي الذي أعير للعمل قاضياً في ليبيا.علمنا أن المعلمين والقضاة والأطباء يوفدون إليها علي نفقة الحكومة المصرية. وصلنا إلي مدينة طرابلس، ونزلنا في فندق يطل علي البحر، قضينا فيه الأسبوع الأول، ثم تركناه بعد أن أجر أبي لنا بيتًا في المدينة، كان البيت واسعًا، وله حديقة كبيرة، مزروعة بالفاكهة؛ تين، ولوز، وبرتقال، وكان سورها من شجر كثيف، يفصلها عن صحراء، تقف بها عربات قطار، دمر في الحرب العالمية الثانية. صدرت لنا تعليمات بعدم تجاوز السور، وعدم اللعب في المخازن، لأن المالك قاض ليبي، نقل هو وعائلته إلي مدينة أخري، وسمح لنا بإيجار البيت اكرامًا لأبي.
سرعان ما مددنا أعناقنا لنتجاوزالسور، وبعد وقت قليل، استكشفنا الصحراء، وعربات القطار الصدئة، مع أبناء الجيران.
كنا إذا خرجنا في الصباح المبكر إلي الحديقة، فرت من أمامنا أرانب جبلية . لم نستطع الإمساك بها أبدًا، لم نكن نهتم بالأرانب التي يأتي بها أبي ودادة فكرية من السوق، لكن الأرانب التي تمرح ليلًا في الحديقة، وتهرب إلي الصحراء، من مطاردتنا أطارت صوابنا.
ذات عصر، اكتشفنا جحرها بجوار باب الشرفة، وانتظرناها بالساعات، كانت تطل علينا، وأنوفها ترتجف، ثم تركض مختفية في الجحر، حفرنا وراءها ولم نطلها، واعتبرناها شغلنا الشاغل، حتي اكتشفنا مواعيدها في الصباح المبكر جدا.
أفصح الصباح عن مفاجآت؛ التين يتفتح، ويصلح للأكل، نجمعه ونلتهمه، قبل أن يستيقظ أهل البيت، دون أن نبالي بطلبات أبي »اتركوا واحدة، الفاكهة من فوق الشجرة لها طعم آخر»..
لم يضبطنا أحد، ونحن نقض أمن السحالي، ونفتح »الزلع» التي يخزن فيها أصحاب البيت »القديد»، لم نستسغ طعمه، فتركناه، كما تركنا اللوز المر، والخوخ الأخضر، وقررنا انتظارالأرانب بقفص فارغ من أقفاص الفاكهة، اختبأنا خلف كنبة كبيرة حتي خرج جسم الأرنب بالكامل، والقينا فوقه القفص. لكنه أفلت بأعجوبة، في المرة العاشرة ،لم يفلت.وركضنا ونحن نحمله من أذنيه كما علمتنا أمي ثم وضعناه في قفص كبير، وكلما اصطدنا آخر حبسناه معه، نطعمه الخضراوات والجزر كل صباح، ونتحسس فراءه الرصاصي الناعم. أصبح لدينا عشة أرانب.
في جولاتنا للنكش في الحديقة عثر أخي علي شيء. أمسكه بيده، ودخل يركض نحو أمي وهو: يصيح حبل ، حبل.
ضربت أمي الثعبان ، فأوقعته ميتًا، وهي تصرخ: يا نهار اسود.
جاء الجنايني علي صراخها قائلا: لاتخافي هذا حبل صغير لا يؤذي.
سمعنا ضجة وطرقات علي الباب، ودخلت نساء كثيرات يولولن. مات القاضي صديق أبي. حملنا متاعنا ، وعدنا إلي الفندق، في انتظار سفرنا إلي مدينة مصراتة، التي انتقل إليها أبي، تاركين صيدنا في القفص الكبير، وعربات القطار في الصحراء ، واللوز فوق أغصانه، وشجرالتين علي حاله لم نقطعه ، حتي لايخرج عفاريته وجنياته، لتملأ البيت كما يقول الجنايني.
سرعان ما مددنا أعناقنا لنتجاوزالسور، وبعد وقت قليل، استكشفنا الصحراء، وعربات القطار الصدئة، مع أبناء الجيران.
كنا إذا خرجنا في الصباح المبكر إلي الحديقة، فرت من أمامنا أرانب جبلية . لم نستطع الإمساك بها أبدًا، لم نكن نهتم بالأرانب التي يأتي بها أبي ودادة فكرية من السوق، لكن الأرانب التي تمرح ليلًا في الحديقة، وتهرب إلي الصحراء، من مطاردتنا أطارت صوابنا.
ذات عصر، اكتشفنا جحرها بجوار باب الشرفة، وانتظرناها بالساعات، كانت تطل علينا، وأنوفها ترتجف، ثم تركض مختفية في الجحر، حفرنا وراءها ولم نطلها، واعتبرناها شغلنا الشاغل، حتي اكتشفنا مواعيدها في الصباح المبكر جدا.
أفصح الصباح عن مفاجآت؛ التين يتفتح، ويصلح للأكل، نجمعه ونلتهمه، قبل أن يستيقظ أهل البيت، دون أن نبالي بطلبات أبي »اتركوا واحدة، الفاكهة من فوق الشجرة لها طعم آخر»..
لم يضبطنا أحد، ونحن نقض أمن السحالي، ونفتح »الزلع» التي يخزن فيها أصحاب البيت »القديد»، لم نستسغ طعمه، فتركناه، كما تركنا اللوز المر، والخوخ الأخضر، وقررنا انتظارالأرانب بقفص فارغ من أقفاص الفاكهة، اختبأنا خلف كنبة كبيرة حتي خرج جسم الأرنب بالكامل، والقينا فوقه القفص. لكنه أفلت بأعجوبة، في المرة العاشرة ،لم يفلت.وركضنا ونحن نحمله من أذنيه كما علمتنا أمي ثم وضعناه في قفص كبير، وكلما اصطدنا آخر حبسناه معه، نطعمه الخضراوات والجزر كل صباح، ونتحسس فراءه الرصاصي الناعم. أصبح لدينا عشة أرانب.
في جولاتنا للنكش في الحديقة عثر أخي علي شيء. أمسكه بيده، ودخل يركض نحو أمي وهو: يصيح حبل ، حبل.
ضربت أمي الثعبان ، فأوقعته ميتًا، وهي تصرخ: يا نهار اسود.
جاء الجنايني علي صراخها قائلا: لاتخافي هذا حبل صغير لا يؤذي.
سمعنا ضجة وطرقات علي الباب، ودخلت نساء كثيرات يولولن. مات القاضي صديق أبي. حملنا متاعنا ، وعدنا إلي الفندق، في انتظار سفرنا إلي مدينة مصراتة، التي انتقل إليها أبي، تاركين صيدنا في القفص الكبير، وعربات القطار في الصحراء ، واللوز فوق أغصانه، وشجرالتين علي حاله لم نقطعه ، حتي لايخرج عفاريته وجنياته، لتملأ البيت كما يقول الجنايني.