نظرتُ الى السماءِ فشتمتُ نفسي وهي في طريقها الى الجفافِ، كان القمرُ في الليلةِ البيضاء من شعبانِ: نصفُهُ اسودَ، وكنّا في رحلةِ صيدٍ، السِّراجُ يتدلى على صاريةِ المشحوفِ (2)، كنـّـا خائفينَ في تلك الأيام، أن نصحو بِلا مياهٍ، ننظرُ الى الجزْرِِ وهو ينزلُ قليلاً، قليلاً فيكشفُ عن جروفٍ تتفّطرُ أقدامـُها. الأليافُ والطحالبُ التي تجفُّ ليلاً بعد ليلٍ، تغطّي أسماكـَنا الميتة.
نظرتُ الى السماءِ وشتمتـُهُ، بينما أصحابي تجتذبـُهم السَّجـَّادةُ للصلاةِ، لم تبـْقَ لنا مرادٍ(3) لدفعِ هذا الجفافِ الى الوراء.هَجـَرتـْنا الأسماكُ، وفرغتِ الأسِرّة، السماءُ بلا دخان.القريةُ بلا فوانيسَ. النساءُ جفَّ حليبـُها. وتحنـّطَ الأطفالُ في الأكواخ. الشيوخُ انزرعوا على تلالِ المساء.الجواميسُ نـَزَحتْ الى المجازرِ القريبةِ. القواربُ ابتعدَ بعضُها عن بـَعْض. النعاجُ تصعدُ نحو الهاويةِ، في الصباحِ وجدنا ثلاثينَ نعجةً قد نفقتْ، بعضُهُـنَّ بلا كِلْـيَتـَيـْنِ، يسومـُهـُنَّ المفلسونَ في الرحلةِ.لماذا كنا في رحلةِ صيدٍ؟كان معنا السِّراجُ يكشفـُنا تحت الحشرات. أخذتُ يدَ أحدِهمكنتُ أخطّ حيرتي على رملِ حياتي، وأنا أعضّ بآلامي على جلد الظلامِ.جذّفتُ، جذّفتُ الحكايةَ، كنتُ الوحيدَ الذي بـَقـِيَ بالقربِ من الجُّروفِ وهي تتفطّـرُ.قال لي ماذا رويتَ؟قلت: أكاذيبَ رأيتـُها في أحلامي فرويتـُها في سوق الأسماكِ.رأيتُ السَّيـّدَ حيدرَ الآمليَّ (4) في النومِ، وتذكَّـرْتُ (أنّي قرأتُ في محيطهِ الأعظمِ (5)، أنّي واقفٌ في سوقِ الأسماكِ، وأشاهدُ جسميَ على الأرضِ مرمياً، وهو ميّتٌ ملفوفٌ بالكفنِ الأحمر، وأنا أتفـَّرجُ عليهِ، وأتعجّبُ من هذا: كيف كنت واقفاً وكيفَ أمسيتُ مرمياً! ورأيت أيضاً، مرةً أخرى، أني جالسٌ ورأسي في يدي، وهو مقطوعٌ، من غيرِ علمي بقطعهِ، وأدوّرُهُ على يديّ وأتفرّجُ عليه، وأضحكُ كلَّ ساعةٍ من هذه الصورةِ العجيبةِ، حتى انتبهتُ.)...قلتُ: وهكذا صدقـّتُ ما رويتُ:البحيرةُ ارتفعَ مدُّها وفاضتِ المياهُ على البلادِ، والقمرُ اسودُ ومكتملٌ، وقلبي لم يتفطّرْ مثلَ تُـربةِ الهَـْورِ، ولم نكن خائفينَ.ماذا يمكنني أن أفعَلَ؟ أنا الوحيدُ الذي بَـقِيتُ أَخرجُ لرحلةِ صيدٍ بلا سِراجٍ، ولا فالةٍ (6) ، ولا زورقٍ، ولا شـِباكٍ، سوى أن أتبع نجمة قلبي كالأعمى، سوى أني اروي كناياتٍ من الوهمِ، لدرجةِ أنـّي أتذكّـرُ كلَّ يومٍ، رأسي بين يديّ، وهو مقطوعٌ، من غيرِ علمِيَ بقطعِهِ، وأدوّرُه على يديّ وأتفّـرجُ عليه، وأضْحـَكْ. هوامش النص من كتاب ( حكايات أم النعاج) وأم النعاج هو هور عراقي على الحدود الإيرانية من جهة مدينة العمارة عشت فيه سنتين قاسيتين.المشحوف: كلمة سومرية تعني الزورق الصغير المصنوع من الخشب والقار يشبه السمكة الكبيرة، يستعمل كوسيلة نقل في الهور.المردي: كلمة سومرية معناها (عمود خشبي طويل نستخدمه في الهور لدفع الزورق في مناطق المياه المنخفضة التي تلامس الأرض.حيدر الآملي: أحد كبار العرفانيين وله كتب كثيرة في هذا المجال.المحيط الأعظم : هو كتاب " تفسير المحيط الأعظم والبحر الخضم" في تفسير القرآن لمؤلفه السيد حيدر الآملي.الفالة: كلمة سومرية: تعني آلة شوكية الشكل وهي عصا من الخيزران طويلة نسبيا (2م تقريبا) نهايتها تتصل بقطعة حديدية تشبه ُ(شوكة الطعام) لها خمسة رؤوس مدببة حادة الأطراف ومعقوفة النهاية، يتم بها صيد الأسماك في الهور.
نظرتُ الى السماءِ وشتمتـُهُ، بينما أصحابي تجتذبـُهم السَّجـَّادةُ للصلاةِ، لم تبـْقَ لنا مرادٍ(3) لدفعِ هذا الجفافِ الى الوراء.هَجـَرتـْنا الأسماكُ، وفرغتِ الأسِرّة، السماءُ بلا دخان.القريةُ بلا فوانيسَ. النساءُ جفَّ حليبـُها. وتحنـّطَ الأطفالُ في الأكواخ. الشيوخُ انزرعوا على تلالِ المساء.الجواميسُ نـَزَحتْ الى المجازرِ القريبةِ. القواربُ ابتعدَ بعضُها عن بـَعْض. النعاجُ تصعدُ نحو الهاويةِ، في الصباحِ وجدنا ثلاثينَ نعجةً قد نفقتْ، بعضُهُـنَّ بلا كِلْـيَتـَيـْنِ، يسومـُهـُنَّ المفلسونَ في الرحلةِ.لماذا كنا في رحلةِ صيدٍ؟كان معنا السِّراجُ يكشفـُنا تحت الحشرات. أخذتُ يدَ أحدِهمكنتُ أخطّ حيرتي على رملِ حياتي، وأنا أعضّ بآلامي على جلد الظلامِ.جذّفتُ، جذّفتُ الحكايةَ، كنتُ الوحيدَ الذي بـَقـِيَ بالقربِ من الجُّروفِ وهي تتفطّـرُ.قال لي ماذا رويتَ؟قلت: أكاذيبَ رأيتـُها في أحلامي فرويتـُها في سوق الأسماكِ.رأيتُ السَّيـّدَ حيدرَ الآمليَّ (4) في النومِ، وتذكَّـرْتُ (أنّي قرأتُ في محيطهِ الأعظمِ (5)، أنّي واقفٌ في سوقِ الأسماكِ، وأشاهدُ جسميَ على الأرضِ مرمياً، وهو ميّتٌ ملفوفٌ بالكفنِ الأحمر، وأنا أتفـَّرجُ عليهِ، وأتعجّبُ من هذا: كيف كنت واقفاً وكيفَ أمسيتُ مرمياً! ورأيت أيضاً، مرةً أخرى، أني جالسٌ ورأسي في يدي، وهو مقطوعٌ، من غيرِ علمي بقطعهِ، وأدوّرُهُ على يديّ وأتفرّجُ عليه، وأضحكُ كلَّ ساعةٍ من هذه الصورةِ العجيبةِ، حتى انتبهتُ.)...قلتُ: وهكذا صدقـّتُ ما رويتُ:البحيرةُ ارتفعَ مدُّها وفاضتِ المياهُ على البلادِ، والقمرُ اسودُ ومكتملٌ، وقلبي لم يتفطّرْ مثلَ تُـربةِ الهَـْورِ، ولم نكن خائفينَ.ماذا يمكنني أن أفعَلَ؟ أنا الوحيدُ الذي بَـقِيتُ أَخرجُ لرحلةِ صيدٍ بلا سِراجٍ، ولا فالةٍ (6) ، ولا زورقٍ، ولا شـِباكٍ، سوى أن أتبع نجمة قلبي كالأعمى، سوى أني اروي كناياتٍ من الوهمِ، لدرجةِ أنـّي أتذكّـرُ كلَّ يومٍ، رأسي بين يديّ، وهو مقطوعٌ، من غيرِ علمِيَ بقطعِهِ، وأدوّرُه على يديّ وأتفّـرجُ عليه، وأضْحـَكْ. هوامش النص من كتاب ( حكايات أم النعاج) وأم النعاج هو هور عراقي على الحدود الإيرانية من جهة مدينة العمارة عشت فيه سنتين قاسيتين.المشحوف: كلمة سومرية تعني الزورق الصغير المصنوع من الخشب والقار يشبه السمكة الكبيرة، يستعمل كوسيلة نقل في الهور.المردي: كلمة سومرية معناها (عمود خشبي طويل نستخدمه في الهور لدفع الزورق في مناطق المياه المنخفضة التي تلامس الأرض.حيدر الآملي: أحد كبار العرفانيين وله كتب كثيرة في هذا المجال.المحيط الأعظم : هو كتاب " تفسير المحيط الأعظم والبحر الخضم" في تفسير القرآن لمؤلفه السيد حيدر الآملي.الفالة: كلمة سومرية: تعني آلة شوكية الشكل وهي عصا من الخيزران طويلة نسبيا (2م تقريبا) نهايتها تتصل بقطعة حديدية تشبه ُ(شوكة الطعام) لها خمسة رؤوس مدببة حادة الأطراف ومعقوفة النهاية، يتم بها صيد الأسماك في الهور.