صدرت رواية « matricule 4892 Amphion» للكاتب محمد العرجوني في طبعتها الفرنسية عن مطبعة الرباط – نيت سنة 2008، لتُستقبل حينها بحفاوة في الأوساط الثقافية بالجهة الشرقية، وبالمحافل الإلكترونية، وبعد أربع سنوات ونيف يظهر هذا العمل الروائي المتميز في ترجمة إلى اللغة العربية أنجزها الشاعر و الكاتب عيسى...
هو ذا دور الذاكرة حين تكف الأشياء عن الاستعمال المادي النفعي المباشر، وتتعطل وظيفتها لأعطاب تقنية، أو لطوارئ مقنعة أو غير مقنعة، إنها تتحول في المعنى الثقافي والوجداني الجمعي، رموزا وأيقونات تراثية، تصنع التميز، وتبني الخصائص المرتبطة بكل مدينة. ومن هنا، أهمية الحفاظ على الذاكرة.
سيرة مكان ...
للجزيرة الصغيرة شاطئ صخريّ عال. تنمو عليه شجيرات كثّة خفيضة، من نوع النباتات الموجودة جنب البحر. النوارس تحلّق بالسماء. هي جزيرة مهجورة جوار الساحل غير مزروعة؛ بنصف ساعة يمكنك الدوران حولها في زورق، أو قارب مطّاط شبيه بما يملكه هذان القادمان، رجل يجذّف هادئاً، وامرأة ممدّدة تتشمّس. اقترب الرجل...
فجر الاثنين ، دافئ وغير ممطر. أوريليو أسكوفار، طبيب أسنان من دون شهادة، مبكر جدا في النهوض، فتح عيادته عند الساعة السادسة. تناول بضعة أسنان اصطناعية، مازالت موضوعة في قوالبها الكلسية، من علبة زجاجية ، ووضع مجموعة من الأدوات على الطاولة مرتبا إياها حسب حجمها كما لو كان يجهزها للعرض. كان يرتدي...
وصلنا إلي أريزو قبل منتصف النهار بقليل، وقضينا أزيد من ساعتين في البحث عن القصر الذي يدل علي عصر النهضة، الواقع في ذاك المكان الشاعري من القرية البدائية، والذي اشتراه الكاتب الفنزويلي ميغيل أوتيرو سيلفا. كان يوم أحد من أول أسبوع من شهر آب (أغسسطس)، حارا ومثيرا للأعصاب، ولم يكن من السهل مصادفة...
في شهر أيار، كانت توجد في حديقة هذا البيت الصغير في الضاحية، بالقرب من أشجار الورد، صفوف من الملفوف. كان المالك، وهو عجوز متقاعد، يعيش وحيداً مع طاهيته، يخلع سترته عند الغسق، ويلبس مئزراً من القماش المخطّط وينكش الأرض بالمعول، ويشذِّبها، ويسقيها ساعة، في انتظار وجبة العشاء. وكانت نساء الحيّ...
ظنّه الأطفال لمّا رأوه ، أول مرة ، أنه سفينة من سفن الأعداء. كان مثلَ رعنٍ أسود في البحرِ يقترب منهم شيئا فشيئا. لاحظ الصبيةُ أنه لا يحمل راية ولا صاريًا فظنوا حينئذٍ أنه حوتٌ كبير، ولكن حين وصل إلى ترابِ الشاطيء وحوّلوا عنه طحالبَ السرجسِ و أليافَ المدوز و الأسماكَ التّي كانت تغطيهِ تبيّن لهم...
عندما وجد السيناتور أونيسمو سانشيز المرأة التي انتظرها طوال عمره، كان لا يزال أمامه ستة أشهر وأحد عشر يوماً قبل أن توافيه المنية. وكان قد التقاها في روزال دل فيري، وهي قرية متخيّلة، كانت تستخدم كرصيف ميناء سري لسفن المهربين في الليل، أما في وضح النهار، فكانت أشبه بمنفذ لا فائدة منه يفضي إلى...
نزع الكولونيل غطاء علبة البنْ فتأكد من أنه لم يبق فيها سوي قدر ملعقة صغيرة. فتناول إبريق القهوة عن الموقد، وسكب نصف ما يحتويه من ماء على الأرض الترابية، ثم كشط بسكين محتويات العلبة ونفضه فوق الإبريق إلى أن سقطت آخر ذرات البنْ مختلطة بصدأ العلبة.
وبينما كان ينتظر غليان القهوة، شعر الكولونيل وهو...
بحلول أعياد الميلاد اشتدت مطالبة الولدين بزورق التجديف مرة اخرى،
- حسن (اجاب الأب) سنشتريه حال عودتنا الى قرطاجنة.
لكن (تاتو) ابن التاسعة و(خوليو) الذي مازال في السابعة، حملا فكرة مغايرة لما قرره الوالدان:
- كلا (اجابا بحدة وبصوت واحد) نحن نريده هنا والآن.
قالت امهما: بدءا حتى لو سلمنا بالأمر،...
كان يقطع الطريق بسيارته، وقد بدأ الغروب يلقي شيئاً من ظلاله المعتمة على الأشجار والتلال الصغيرة وقد شعر بالانقباض وهو يتأمل الطريق الملتوي أمامه يطيع مع الظلال ولا يرى له نهاية..
شرد يفكر بحياته، وقد زادته الوحشة اكتئاباً ولا أثر لسيارة عابرة أو لمخلوق يتحرك حوله.. كان يعمل في الجامعة أستاذاً...
في المدينة العجيبة البعيدة، مدينة الحواس، اشتد الصراع بين الملكة "عين" وبقية الحواس (السمع، الشم، التذوق، واللمس). فقد زاد الإزعاج والضجيج فتألمت الأذن وضعفت حاسة السمع، كما زاد الضوء الباهر والإشعاعات من الأجهزة الإلكترونية، فضعفت حاسة البصر ومرضت العيون. ولما أهمل الجميع النظافة تململت كل...
طوبى لمن وضع زهرة على قبر او قصر او صدر ، ولمن ولد فى الشهر السابع او الثانى عشر ولحلق يصبح حلقوما ولمن ذبح حصانه الوحيد كرما ، طوبى لمن جثا استغفارا او اشتهاء، ولمن حمل على الظهر صليبا ولمن اشعلت النار تحت ماء الحصى تضليلا لجوع عيالها ، ولخشم يصبح خيشوما ، ولزمن كانت الزوجة فيه تجمع اشلاء...
اجتمعت الأسرة ليلة الاحتفال ببداية العام الجديد. صنعت الأم "دكتورة عزة" كل الحلوى، وأعدت كل شئ على الرغم من أنها تعمل فى مجال البحث العلمي صباحا. بدأ الأب مع ابنتيه "مى" و"بسمة" فى الغناء وشكر الأم على ما صنعت، وشكر البنتين على جهدهما فى إعداد برنامج الاحتفال.
ثم قال:
"وفى هذه المناسبة أخبركم...
تأمل قبة السماء والنجوم فأحس بسيل من المشاعر يتدفق في شرايينه... تمدد على ظهره فوق البساط المفروش بعناية على سطح البناء الشامخ نحو الجو... وعقد يديه تحت رأسه واستسلم لشروده ينتقل عبر هذه الرحاب اللامتناهية.. داهمته مشاعر من القلق وهو يفسر شروده عن واقعه بالرغبة في الهرب والانفلات من هذا الكوكب...