محمد عبدالولي

كان الفصل هادئاً .. وثلاثون طالباً يتنفسون بهدوء وينظرون بعيون قلقة إلى الباب. فبعد دقائق سيدخل المدرس ليلقي آخر دروسه. في الأيام العادية، وفي مثل هذه اللحظات، يكون الفصل كامل الفوضى: يتقاذف الطلبة بالطباشير ويصيحون متلفظون بكلمات بذيئة. وقد تجد أحدهم في إحدى الزوايا يعبئ فمه ببقايا رغيف بينما...
-1- الرياح تعصف في الخارج بشدة يا صديقتي، فاقتربي مني لأحكي لك قصة.. إصغي إليّ جيداً.. لأنها قصة، سمعتها عندما كنت طفلاً ويسمعها كل أطفال قريتي الآن لأنها قصة انتصارنا... إنها عن الغول في جبلنا. لا أدري متى تبدأ القصة، ولكنها تقول إن الغول استوطن جبلنا حيث وجد غاراً كبيراً ومخيفاً.. لقد أصبح هذا...
كنت عائداً من " حيفان([1]) " بعد أن قضيت فيها يومين في شريعة عند الحاكم. وكالعادة لم أخرج بنتيجة، فالشريعة ستسمر ولن تحل مطلقاً. كان المساء يقترب وأنا أسير وحيداً تقتلني آلاف الهموم بعد أن مضغت اليوم ما يزيد عن ربطتين من " قات شراري " وتتفجر في نفسي ثورات لا تنتهي .. ومع أنني عادة لا أحب السير...
هؤلاء الأغبياء يتعمدون إزعاجي في مثل هذا الوقت المبكر. قلت لهم أكثر من مرة بأنني لا أريد كدمتهم ولا فنجان الشاهي المليء بالقاذورات. لكن مستحيل أن تُفَهمَ عسكرياً بما تريد وأنت سجين. اللعنة، إن الشمس لم تُشرق بعد. وهم يفتحون زنزانتي ليقدموا لي هذا المزيج الكريه من الأشياء. فتحهم للباب مزعج،...
- هل أنت خائف ? - لا, إنني أرتجف.. ربما ذلك من البرد.. أو... وصمت قليلاً وراح يحملق في الفضاء أمامه, وعادت عيناه بعد أن اصطدمتا بقمم الجبال السوداء, التي تحتضن الوادي العميق, النائم في صمت خرافي, صمت خاله أبدياً, حتى وهو يردد صدى طلقات نارية بعيدة. أنت جائع..? - ربما, إنني لم أذق طعم أكل حقيقي...
“هل نحن في القرن العشرين؟ لا أصدِّق! كل ما حولي يوحي بأننا جزء من كتاب تاريخٍ قديم” ـ محمد عبد الولي. ما قبل القراءة في تاريخ اليمن المعاصر شخصياتٌ يستلزم ذكرها سرد صفحاتٍ من جدل الفكر مع الواقع، ومن تعالق الراهن بالتاريخ، وهي شخصياتٌ لا يمكن الإشارة إليها عرضا، أو اختزالها في حكايةٍ أو...
مضت .. سلمى .. مسرعة لتفتح السواقي في الأرض القريبة من الدار بعد أن بدأت السحب تتجمع في السماء، وحين عادت إلى الدار كانت أبواب السماء قد تفتحت وانسكب المطر، يروي عطش الأرض .. لم يكن لدى سلمى عمل تؤديه في ذلك العصر، فالسماء تمطر وجميع من في المنزل يغطون في نوم عميق .. فلم تجد إلا أن تخلو إلى...
أسموها يمامة .. ولم يكونوا مخطئين .. كانت بيضاء اللون نقية الوجه لها أنف أغريقي رائع، وفم صغير تبدو منه حبات اللؤلؤ، وعيونها بلون البن .. كانت متوسطة القامة، نحيلة برشاقة وكان جمالها حزينا .. كانت أفكارها الهادئة أكثر حزنا .. ابتسامتها كانت نادرة، وكأن الابتسامة كنز تخاف أن ينتهي. قلت لها: لماذا...
الظلام أسود أسود أسود، والليل بارد بارد بارد والأشباح تملأ المكان خوفاً، وطلقات بعيدة تردد الجبال والوديان صداها، الأسلحة تجمدت فوقها الأيدي، الدم الحار التحم بالقصب البارد، حبات الرصاص كانت دافئة مثل القلوب القليلة التي تخفق في الربوة .. الليل طويل، طويل، طويل، والدقائق دهور والساعات عصور هل...
ترددت الصرخات من جانب الجبل .. ولم يكن في القريه سوى أطفال ونساء مسنات أما .. الرجال والنساء القادرون علي العمل فكانوا في الحقول , وردد الصدى أصوات مبهمه .. ومن الوادي كان رجال يحملون نعشاً تمدد عليه شبح إنسان .. لم يكن قد مات بعد . القريه تحتويها شمس كئيبة .. ورج تصر والأرض ظمأى تنتظر المطر...
الطريق يتلوى كالأفعى والشمس تختفي خلف سحابة سوداء، ورذاذ بسيط يتساقط. السيارة تنطلق مسرعة وهي تتلوى مع الطريق بألم. كنا اثنين(1) والصمت ثالثنا منذ أن غادرنا صنعاء بعد ظهر يوم كئيب تهطل الأمطار فيه منذ الصباح، وها هي السحب هنا فوق الطريق تنذر بالسيل. السيارة صغيرة وسريعة، والطريق طويل، والجبال...
كان كل من في المنزل قد غادره إلى مكان ما للزيارة.. ولم يبق أحد سواي.. والدي ذهب كالعادة بعد الغداء إلى (المبرز)، ومنه سيذهب إلى الدكان حيث لن يعود إلا قرب منتصف الليل، وكنت أعرف أن أمي لن تعود من زيارتها لأقاربها إلى مساء الغد. كنت وحيداً في المنزل.. حملت أمام الجميع كتبي وأغلقت على نفسي باب...

هذا الملف

نصوص
12
آخر تحديث
أعلى