أخي عثمان، إنها سنة أخرى بدونك.
كنّا دائما قريبين من التّـراب و في كلّ لقاء حتّى أننا نكاد نفترش الأرض الرّحيمة، كنت كثيرا ما تبادرني، من عزلتك الشريفة"، بالسّؤال عمّن تحبّ تسميتهم بـ "الأصدقاء"، تسألني حتى عن الذين "نسوك" و "اذوك": "كيف هم" و ماذا يحدث في المشهد؟ و تختم بتلك العبارة/ العبرة ...
يمكن اعتبار الكوارث فرصة المجتمع الثمينة لمعرفة ذاته و للكشف عن وجهه الأخلاقي " الحقيقي". و الأمر ذاته بالنسبة لمسؤولي هذا المجتمع.
أتابع التقارير الأولى لاستعادة الأرض بعض " أنفاسها" و " عافيتها" من أثار التلوّث الذي راكمته " مباهج الحضارة" على نقاء الحَجر و الشّجر و الإنسان، و ربما رسمتُ على...
1
الرّيــحُ، في الحقيقة، لا صوتَ لها
إنّـها أثرُ ذلك العازف الخفيّ
على الأشياءْ.
2
بوُسع الرّيح
أن تَشحذَ حَجرا،
بحرير لـمْستـِها.
أن تُربّـي عاصفةً
في حُجرها.
أن تنامَ
و قد دَسّتْ في رَحم الأرضِ
آخرَ أعراس البُذورْ.
3
ريــحٌ فضوليّةٌ
تلك التي باتتْ اللّيلَ
تَـهُزّ النّوافذَ و الأبواب
لتَعرفَ...
و لانّ لي …
و لانّ لي بيتا على أَطرافِ ماساتي.. أُريدكِ . نجمةً… تَتفقّدُ الطّرقَ القديمةَ في عُواء الرّيح. مصباحا… يَسيلُ كلامُه الذّهبيُّ في صمتٍ على عَطشِي الضّريرِ… نداءَ أغنيةٍ.. أنامُ بحُضنها نومَ الحقيقة في سرير الغيب… كَم سنموتُ كي نَنسى ؟ و كَم سنُرافقُ الموتى إلى أنقاضنا ؟ هيّا...
1
كنتُ أبيعُ المصابيحَ
في شارع الثّورة الـ "خذلوها".
و كان الكسادْ،
هو سوقُ البلادْ.
2
ثمّ، اشتغلتُ بترقيع أحذية الوقتِ
في بلدي، الوقتُ يَمضي إلى حيثُ ما لا نَراهُ.
ثقيلًا يَمرُّ على بائع الوردِ، قُربي.
بطعم الفكاهة يمضي على "الأصلع الفاكهانيّ"
لكنّه كان يمضي
و يترك في نظرات عجوزَين مُنكسرين...
إلى صديقي العزيز محمد عيد إبراهيم..
1
ذلك العنكبُ الذي يتمدّد على هاموكه الشفّاف
المشدودِ إلى قطبـيّ الأرض.
متربّصا بذبابة الكلمة
كان "أنتَ" إذن.
هل عَرفت الآن ضريبةَ تلقيح
عنكبوت اللُّغة ؟
2
طائرُ سقّارةَ الذي كان يَستحمُّ
في تراب العصور القديمة
لم يكن حورسَ
و لا لعبةَ طفلٍ ثريّ.
كان صقرَ قلبك...
1
يا لَها مِن كلمةٍ غَريبةِ الأطوارِ،
تلك التي تُغادرُ، آخرَ اللّيلِ،
فِراشَ الحَيـرَةِ الوَثيـرَ،
باحثةً عن حُضنٍ، لِتَأويلها.
2
كلمةٌ ما ستُفسِدُ مِزاجَ الجُملةِ
كذُبابةِ نُقطةٍ رَعناءَ
تَقعُ على عَيـن الشّاعر.
3
الورقةُ الحُبلَـى بالكلمة من ذلك القاموس
يا الهـي،
إنّـها هي ذاتُـها المشنوقةُ...
1
قليلون هم أولئك الصيّادون
الذين لوّحت سنانيـرُهم
عند بُحيرة الموت
بسمكة الصّبر.
2
من بحار التوتّر العالية
نادرا ما يرجع الصيّادون
و لو بهيكل السّمك الأزرق العملاق.
3
ليس ثمّة من خرافات الصيّد
ما يكفي لتأثيث قارب هجرة واحدة
بحجم القصيدة.
4
أخيـرا
علِقت الفكرة العنيدة
بطُعم صنارة العقل
ها هي...
ستكون مقاربة " الشّعر الجزائري المكتوب بالفصحى" بمعزل عن " الامتحانات التاريخيّة" المريرة التي مرّت بها اللّغة العربية، مقاربة " غير علميّة"، حتّى لا نقول إيديولوجية أو " مشبوهة".
لا أحد يمكنه " تجاهل" ما تعرّض ( و يتعرّض) له " اللّسان العربي" أثناء " حرب الاستئصال الطويلة" التي شنّـها الاحتلال...