في العادة لا أثق في مستوي ما أكتبه، وأظل قلقا وأعيد القراءة والتدقيق حتي أستقر قليلا، حتي لو اقتصر التغييرعلي مجرد لمسات قليلة، لكن تلك الأقصوصة الصغيرة خرجت كلماتها منذ قرابة أربعين عاما علي النحو السابق ولم تتغيّر مطلقا. القصة أحبها زملائي في السجن، وأتذكر أن ما استوقف البعض منهم هو أنها...
(1)
عقارب الساعة تتحرك ببطءٍ متعمد وهي تشير نحو الواحدة صباحاً بتوقيت الوطن المفجوع ، سماء الخرطوم متشحة بالسواد ، ثمة نُجيماتٍ خِلاسيات مترعات بالحزن الشفيف الذي يهطل من مقلة صبي لم يبلغ الحُلم بعد،والمدينة التي كان الثّوارُ فيها يعزفون على وتر الاماسي أغنيات الفرح الاتي بسودان جديد أصبحت أشبه...
( 1 )
و يكون السجن عليك وشاحا
أنت بكورية يوم الذبح
تكون الأحلام على كفيك سلاحا.
تكون الصوت الصارخ في تغريبة هذا الصيف
تكون الدهشة فاكهة و العشق مباحا .
أنت الجندي الثاني في جيش الأطفال
تكون جناحا .
( 2 )
تخرج ، لكن أباك يظل هناك و لا يخرج
(كيف أراك ؟)
ما بين السجن و بين السجن مسافة
(من يختصر...
لم أكن أتوقع مطلقا شيئا كهذا، ولما كنتُ بعيدا في أقصي الصحراء، لم أعلم بأي إشارات حول بدء حركة اعتقالات أو ماشابه، إلي جانب أن نشاطي كان قد توقف تماما منذ قرابة العام ولم أعد أظهر في أي مكان، ثم أن قرار النقل إلي المنفي هم الذين أصدروه.. لكل ذلك كنت مفاجأ إلي أقصي حد، ولم أكن أعرف حدود الموضوع...
تحل غدا الخميس الذكري الثالثة والثمانون لميلاد واحد من أهم كتاب ومنظري المسرح في مصر والوطن العربي، ولد ألفريد فرج في 14 يونية 1929 ورحل عن عالمنا في 3 ديسمبر 2005 ونقدم هذا المقال التذكاري للناقد نبيل فرج احتفالا ب «ألفريد» الذي لم يرحل إلا بجسده.
لم يكن يوم 30 مارس من سنة 1959 بالنسبة لألفريد...
[ ... إلي أمي عربية بشير الغرياني من صابها السكرى، وإلي أبي محمد عبد السلام الفيتوري من مات حسرة، وإلي كل أمهات وآباء زملائي دون تخصيص .. ]
لم يكن يوما معتادا ، هناك متشابهات كثيرة بشكل عام لكن التفاصيل بينة، عادة نقضي أغلب اليوم في الزنزانة، دائما الأبواب مقفلة، بين حين وأخر يتأخر الفطور...
ماذا لو حكم عليك السجن .. ؟ و بالعيش لسنوات في مكان لا تتاح لك فيه مساحة صغيرة من الزمان او المكان ليكون لك فيها خصوصية ما ، مكان لا تختار فيه الجليس ولا المأكل، ولا حتى الوجهة. تشعر أنك محاط بالمخبرين بالمخاطر والشكوك، وقلما تجد من يشعر بك، أو يربت على كتفك. وتعيش معزولا عن أهلك وأصدقائك...
اعتاد الشاعر منذ القديم أن يتنسم الحرية بجرعات زائدة بقرض الشعر، وينطلق عبر بحوره دون الحاجة إلى رياح أو تيارات تأخذه إلى شواطئ يصبو إليها. ولقد خاض الشعراء، نتيجة تجاربهم في الحياة وتفاعلهم مع الناس، تجربة الأسر والسجن وعانوا مرارته واكتووا بأغلاله. وكان القريض متنفسهم ونافذة أمل لاعتناق...
عندما توقفت اللوريات في الليل، لم نعرف المكان الذي ذهبوا بنا إليه ونحن مقتولون من التعب. بالنسبة لي، وللكثيرين أيضا، لم يكن كل ذلك مهما، كنا نريد النوم فقط علي الرغم من الجوع والعطش, أتذكر إننا صعدنا سلالم بدا أنها لاتنتهي، ووزعونا علي عنابر مختلفة، وعندما وجدنا صفين من الأسرة المتعددة الطوابق،...
كان سجن المرج هو إذن السجن الحقيقي، فأنت مُلقي في زنزانة ضيقة مع زميل لك. لاتفتح الزنزانة، فدورة المياه جزء مقتطع من الزنزانة، لكنهم يفتحون عليك مرتين، ليقدموا لك في قروانة حساء مقززا وخبزا. وعلي الرغم من الجوع الشديد إلا أنه لم يكن ممكنا إجبار النفس علي تقبل مثل ذلك الحساء، ولكن يمكن التهام...
كنا مجموعة قليلة، لا تزيد علي عشرة، بدا لي إنهم جميعا قاهريين، ممن كانوا في حجز قسم السيدة زينب، وتم ترحيلهم إلى ذلك السجن المجهول، فقد مضت السيارة اللوري التي أقلّتنا في طريق غامض، وعجز زملاؤنا من العارفين عن تحديده، ولكن سرعان ما كشف لنا السجن عن نفسه، فهو لا يشبه أمثاله مطلقا مما سبق لنا...
أعتذر مقدما عن بعض التفاصيل التي أوردتها، أو سوف أوردها فيما تبقي من أوراق، إذا كانت لاتتطابق مع الحقيقة تماما. ولقد اكتشفتُ وأنا أهاتف بعض أصدقائي الذين زاملوني في حبسات مختلفة، اختلاط بعض الوقائع، بمعني أن ماجري في حبسة من الحبسات قد يختلط مع ما جري في حبسة أخري، وأن هناك وقائع أخري نال منها...
قطعت السيارة بنا نحو عشر دقائق، ثم توقفت أمام قسم شرطة الساحل المجاور لكنيسة سانت تريز. جري كل شئ بسرعة شديدة، وبدا وكأن الواحد مسلوب الإرادة. لم أسع لتبادل الكلام مع عائشة أو الحديث عن ابنتنا لينا. لم ندخل من باب القسم، وكان كل شئ معدا مسبقا، فقد جاءت سيارة أخرى انطلقت بعائشة، بينما واصلت...
كنت منزعجا ومتوترا بالطبع وأحاول السيطرة علي نفسي، وكان وجود لينا وتقلبها في الفراش مثيرا لمزيد من التوتر. لكن ماقاله الضابط بعد ذلك كان مفاجئا لي ، بل كان صادما. قال إن علينا أن نرتدي ملابسنا نحن الاثنين ونجهّز أنفسنا للذهاب معه. كان أقصي ما يمكن توقعه بالنسبة لي أن أكون أنا المطلوب، وطوال...
دعيتُ رفقةَ عدد من أعضاء نادي القلم في السويد إلى بلدة "ماريافْرِد" لزيارة قبر الكاتب الألماني "توشولسكي"، الذي كان لي شرف الحصول على الجائزة التي تحمل اسمه.
في طريقنا إلى المقبرة شاهدت بناء ضخماً في وهدة محاطة بغابات مترامية. سألت مضيفي "لينرنت شفيتس" عنه فقال: هل حدسك كسجين سابق هو ما أيقظ...