إبراهيم درغوثي

تنتمي كتابتك إلى تيار التجاوز ، فما هو تبريرك لتجاوز أساليب الحكي التقليدية؟ أعتقد أن لكل زمن تقنيات الكتابة والبوح بمكنونات النفس ، فمنذ ألف سنة أو يزيد كان الحكواتي يمارس فنه في الأسواق العمومية أو في المقاهي ، ثم لماذا نذهب بعيدا فأنا شخصيا تربيت على ايقاع الحكايات الشعبية التي كانت الجدات...
"عائشة" ! أذكرها يوم جئت بها من"باجة" عروسا ترفل في زينتها، شهيّة كالعسل البرّي. أسكنتها في حيّنا فعشقها كلّ شباب الحي. وفاز بها "الأعور الدجّال". غرّر بك "صاحب الدّابه" أطمعك بالترقيات وزاد في راتبك. وبوّأك المسؤوليّة على رفاقك ولكنّه جعلك تعمل في ورديّة اللّيل. فخلاَ لَهُ الجوّ. أطمع "عائشة"...
تصدير أوّل بطُعم من الكذب نصيدُ سمكة من الحقيقة. وهكذا نحن المتمتّعين بالحكمة والنّفوذ نكتشف بالطّرق الملتويّة والحياد عن الهدف، الوجهات الصّحيحة. * " هاملت " وليم شكسبير تصدير أوّل: مكرّر - يا ملّاح ويا ملّاح ريتش زينة الملاح؟ - ريتها ريتها في الصّحراء خلّيتها طفلة من عجب تمشي بقبقاب من ذهب...
تطرح رواية شبابيك منتصف الليل فكرة المثقف الواعي بالوضع و العاجز عن تجاوزه، لأنه خليط من تركيبة يكتنفها العجز، و بالتالي فكيف يتخلق الكامل من العاجز. تختزن الشبابيك هرم ثلاثي القطب يدور في فضاء مشكلات فكرية قائمة في المجتمع العربي الإسلامي متأثرة بالتعارض بين منهجية الفكر العلمي الغربي و...
تقبل الرّواية التّطريس إذ بحكم سعتها تصهر النّصوص المختلفة في صلبها. لكنّ الأقصوصة، بما هي شكلٌ مختصرٌ، قد لا تفسَح المجالَ لهذا التّطريس بأن يحضر. بيد أنّ القول بأنّ ما من نصّ إلاّ ويجاوز نصّا آخر يفترض انسحابه على الأقصوصة انسحابه على غيرها من الأجناس طويلة كانت أم قصيرة. والرّوائيّون، في...
منذ أسبوع ، يدق جرس الهاتف عند منتصف الليل فأضغط على زر الاستقبال . ينفتح الخط فأسمع خشخشة يليها شخير متواصل يدوم حتى أغلق الخط . عندما وقفت أمام موظف الاستقبال لشركة الاتصالات و عرضت عليه الموضوع و الرقم ظهرت على وجهه الحيرة . ترجاني أن أترقب لحظة ثم دخل إلى جهازه و ألقمه المعلومات و ظل يخبط...
المدن الكبرى وحدها لا تصنع الأدب الكبير ولا الكاتب النابغة لا يمكن أن يذكر المتن السرديّ التونسي دون أن يطفو اسم الكاتب ابراهيم الدرغوثي، هذا المبدع الذي قدّم الإضافة للرواية والقصة في تونس والوطن العربي وكرّس حياته لاستنطاق الأبجدية والذات والوجود، وأغنى المكتبة العربية بالعديد من الروايات...
دائما كنَتَ تصل الأوّل، ودائما تكون آخر المغادرين حتّى أنّ الكلّ كان يظنّ أنك تسكن في المحطّة ولا تغادرها أبدا في الصّحو وفي المنام. وكان كلبك قد اعتاد الانزواء في ركن قصيّ من هذا المكان طوال اليوم حتّى لا يزعج المسافرين، ولكنّه كان يسبقك بخطوات قليلة عندما تهمّ بالغدوّ أو عندما تهمّ بالرّواح...
قرأت قصته العجيبة في مجلة أدبية ، فقررت الذهاب لإنقاذه من هذا العذاب الأبدي ، وأنا أقول لنفسي : غريب أمر البشر، رب يعيش في السماء بين الأرباب ، عيشة الأرباب ولكنه يشفق على البشر الذين يموتون من البرد والصقيع ، فيضحي بهنائه من أجلهم . يسرق النار من السماء ويهبط بها من أعلى عليين حتى يسعد بها...
السلامه إذا أردت السلامة وخشيت الانفراد فقل كما قيل وانتظر طلوع الشمس الندامة وإن خشيت الندامة وأحببت القلوب البيضاء فلا تقل كما قيل واطلع مكان الشمس . - صالح القرمادي من ديوان : اللحمة الحية * إهداء : إلى صالح القرمادي وغزالدين المدني ...
وأنا اقترب من بحر « حلق الوادي » رأيت الشّمس تطلع من وسط الماء. شمس حمراء وكبيرة. نورها باهت لا يؤذي العين. حدّقت فيها مدّة. رأيتها تنفض عنها الماء العالق بها من كلّ الاتجاهات وتنتفض لترتفع رويدا رويدا في الفضاء ككرة من لهب. شققت بسرعة كبيرة الطريق الرّاقدة فوق بحيرة «تونس» وأنا أطرد النّعاس...
حين عدت من المقبرة في ذلك الصباح الحزين ، ذهبت رأسا إلى صندوق أمي المزركش بأطياف قوس قزح . دققت الباب دقا خفيفا وكأنها مازالت نائمة على سرير المرض ، ومشيت على أطراف أصابعي حتى لا أوقضها ... وأنا أنظر باتجاه السرير المرتب بعناية ، شممت رائحة صخابها المعطر ، فقلت : - سامحيني أيتها العزيزة...
في فاتحة الرواية عتمة غامرة تطل شبابيكها على القلب ، وفي حدها الخاتم حمرة قانية تطل فيها الشمس من رحلة الليلة الطويلة ، وهي رحلة الرواية وقد تعاقبت فيها الفصول فشكلت دورة منغلقة . وبين البداية والنهاية يتنامى فعل القص في أحبولة مداورة تلتهم فيها الحكاية شخوصها في عنف متوحش ، تسلم الواحد منهم...
إلى زكريّا تامر ثانية ترك امرؤ القيس( ) دروعه عند السّموأل( ) وذهب إلى اسطنبول. قال سأستجير بسلطان البَرَّيْن وخاقان( ) البحريْن، الـملك الذي أتته الخلافة منقادة إليه تجرْجر أذيالها. ولن يخذلني هذا الـملِك وستكون هديّتي له سخيّة، سأجعل من نصف مملكتي مَصيفًا له ولجواريه. في الطّريق، تنكّر في لباس...
حدث أبو سعيد الخدري أن رسول الله قام يصلي صلاة الصبح ، وهو خلفه يقرأ . فالتبست عليه الصلاة . فلما فرغ من صلاته قال : لو رأيتموني وإبليس. فهويت بيدي . فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين أصابعي هاتين ، الإبهام والتي تليها . ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطا بسارية من سواري المسجد يتلاعب به...

هذا الملف

نصوص
33
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى