سالم الشبانة

نعم، أنا رجل كاذب، أغوص في كذب مدهش كلما كذبت؛ تلمع الهالة النورانية حول رأسي. لأن هذا الرجل البدويّ الذي ظن أن امرأة صادقة، غاضبة قد تحبه. أنا كاذب؛ ولا أخجل من كذبي، هذه كارثة الأخلاقيين حين يرونني جميلا ونقيا كوردة بلاستيكية أو حين لا أنافق الله أمامهم حين أصمت طويلا تحت عيونهم الصفراء الكذب...
كان هنا قلب اقتلع بعنف كانت هنا عين بكت حتى ابيضت من الحزن القديم كانت هنا يد أصابها الحنين فانزوت كان هنا عاشق رجع ذات يوم بقلب معطوب الحب لا يمكن أن يكون كان الحبّ مستقبليّ كالأمل يحيا في الزوابع والعواصف والمطر يحيا في الغضب والرعب الحبّ ليس رومانسية رجل وامرأة الحبّ شرف حبيبين ّيد ممدودة...
يدك البيضاء من غير سوء في يدي يمامة تنام في العش الصغير يدك النحيلة بأصابعها المسحوبة كشهقة الكمان الرقيقة كياسمينة في الفجر تدك التي عرقت في كفي ونحن نعبر الشارع الطويل ثرثرت كثيرا عن ملمس جسمي يدك التي تنقر علي الكرسي وأنت ترقصين بدلال كتبت علي صدري المرتجف وذراعك النحيل: "أحبك يا رجلي". يدك...
لماذا خلقَ الله الحبَّ إذن؟! كلُّ هذا اللفِّ والدورانِ ليقولَ رجلٌ لامرأةٍ: أريدُكِ. فأنتِ جميلةٌ، تناسبين مقاسَ روحي وجسدي الخاملِ بدونِكِ. لماذا لا تقولُ امرأةٌ لرجلٍ: أنا أشتهيكَ، لأنّكَ تحكُّ قلبي وجسدي بحجرِ العاطفةِ الملتهبِ. نظلُّ ندورُ في فلكِ اللغةِ لنخفي عن أجسادِنا الحقيقةَ رجلٌ...
سيدة النساء بروح فلاحة بدوية سروة وسط الدار تظلل الجميع كفها مفتوح للعصافير والصغار أم البنين مضوا في الأرض بعدما غرفوا غرفة من قلبها: الشاعر بعيونها الحزينة، الأكبر بطولها الفارع، ذو الكف الواسع بأصابعها وحنانها، البرئ بضحكتها الصافية، بانحناءة كتفها، وعزمها الصادق. ساروا في الحياة بأخطاء، آمال...
ترجو أن تكون لك لحية المطرب اليوناني ديميس روسوس، وعيون ضيقة مثل عيني ذئب. وأن تجيد تورية الكلام بما لا يدع مجالا لأن يصطادك أحد من لسانك. بسيارة جيب قديمة وبندقية معلقة علي كتفك، ومسدس فضيّ يطل من جرابه الجلدي الأنيق، وأن يكون لك أكثر من زوجة جميلة، وأبناء طوال القامة بوسامة بدويةيمتلكون مواهب...
ساحرٌ أمشي بتعاويذي وهلاوسي، أرمي أحجبتي وعملي خلفكِ فتضحكين عندما أطيّرُ غرباني، وأرانبي تسعى بين يديّ، تمسّدين فرائَها وتغمزين بفتنةٍ. في الخريفِ أنقشُ دمي على الورقِ وأعودُ ضعيفًا كما ولدتني أمّي؛ أقعدُ بكلِّ شارعٍ أطيّرُ ألعابي وتنقّحين مكائدَكِ على عَجَلٍ كما تنقّين الأرزَ من...
رجل بدوي صامت وسيم في الخمسين من عمره مثل كردي يحيا شرق فروسه المرعب هذا رآه مرة في فيلم وثائقي عن الحرب، يجلس علي المقهي وحيدا بلا أنيس سوى الألعاب الإلكترونية. يمسك مبسم الشيشة بيد، وبالآخري يلعب لعبة كاندي كراش يظل يفجر مجوهراتها بلا ملل فيما بعد الظهر حتى الليل. يشهق دخان الشيشة وينفسه...
أحاول أن أنام بين أخوتي، متوترا، قلقا أجهل المكان، والزمان أقبل وجه أخي الأكبر مرعوبا، متوسلا؛ كي لا ينشب نابه في رقبتي أنظر لأمي، أرى في عينيها نفس الشهوة أمي مصاصة الدماء الجميلة، تضمني بمحبة قاسية. مذ كنت طفلا يتعقبني وحش مجهول المعالم، لزج، ومرعب أجري منه بأقصى سرعة؛ حتى تتوتر عضلاتي،...
أبكي تحت الماء، وفوق الماء، أبكي تحتك، فوقك، داخلك، وخارجك، أبكي أضحك أتأوه أصرخ أعوي وعيناك فوقي تلمع في الأعلى بغموض ساحر.. وحين يندي ماؤك الأبيض شفتي، أبكي تختلط دموعي الحارة بمائك فاتذوق ماضي في الكهف كرجل وحيد، وأبكي حين ينفجر النبع داخلي، أبكي وأنا اتذوق دموعك، حين تلمسني أصابعك فجأة، أبكي...
يا أبانا إنا ذهبنا في البلاد التي تلفظنا كبذور الفاكهة لا نملك إلا أمثولة راع أعور وأغنية أمنا التي ماتت في حضانة الغربة بقبر وحيد تحت حقل البارود وحكايات الجنّ والعفاريت التي تسقط من السماء بلا يد تلوح في حنان، ولا عين تبيض حزنا علينا.. كنا بلا خبرة، ولا تاريخ يترسب في بيت لفظنا بقسوة بلا امرأة...
أحبُّكِ لأنكِ لست امرأة، بل وطن وأن أصابعكِ النحيلة شهقة كمان في الصبا وعينيكِ غابة ألوان وغناء لم تكن الصدفة؛ كانت قوانين الفيزياء تعمل، وملائكة الله تعمل؛ ولأن رجلا من بلاد بعيدة سيسافر ساعات وأياما؛ لأنه رأى في المنام شطر روحه وأنه سيكتمل كنجم يدور في ملكوت السماء، أحبكِ جدّا، لأني لا أكون...
كريح هائجة وغير مواتية لبحار متعب من التحديق في صحراء من الماء، كندم عطيل السّماع، كالاستيقاظ متأخرا للوظيفة الحكومية، كقبلة باردة من روح صفراء، كعصا لا تهش ولا تنش، كابن مريض عاق، كاحتقان يتنامي في الأحشاء بلا رادع، كالتقدم في العمر بأحلام مؤجلة، كالمشي تحت الرصاص الاحترازي، كصلاة بلا روح،...
الريح من فم جحيم قطبي تهب عاصفة وأنت مازلت تمشي تحت هذا المطر البارد بألم يعتصر قلبك ثم لا يتلاشى قليلا يفور الغضب كبركان مكتوم والكذب لا ينتهي كدرب بين النجوم فالفطريات الشرهة التي تنهش جثة الحب المتحلل تملأ الهواء برائحة الموت النتن فهذا الحب الذي نما في الكلمات بساقين ضعيفين الذي نرفعه فزاعة...
متعبٌ جدًّا، هاتي يدك هذا الصخب ما عاد يجدي نفعا افسحي مكانا صغيرا مجرد ضجعة جنب جوارك لأرى الله حين أنظر في عينيك فصغيرك متعبٌ جدّا وخائف خائف من أيامي الطويلة لماذا لا يعضّ الموت قلبي! لأستريح: من حبّ وكراهية من شوق وندم من كذب وشهوة ساطعة ومن اسم يحمله ملاك جالس فوق كتفي يردده دائما كصوفيّ...

هذا الملف

نصوص
42
آخر تحديث
أعلى