كيف أخرج من النص
بل كيف أهرب
وكل القوافي مؤصدة
والمجازات تواطأت مع تلك الشجون
كيف أنجو من مدارات البلاغة
والمعاني تشاغبني في جنون
تلك السطور فنارات قديمة
ظلل الهجر عليها
والمحابر موج سخي
كلما أدرت ظهري
تشبث النص بقلبي
والروح صفدها الشرود
وأنا... أشتهي الهروب
كيف أسكت صريرا برأسي
وكيف تنفك...
أنا ظل المجاز
على شرفات الكناية
وشرشف الحرف وسادته المتاهة
أيا كسري المضاف
إلى خانات صمتي
وضمي المُنافي
لاستعارات انشطاري
والسطر شرخ الروح
في الماورائي
أحبو وأكبو
والفيوض كما الغرق
تعتري انعطافي
من يلجم الموج
إذ تثمل الريح
وإذا الشط أغراه الطواف
نحن للحبر قد صرنا نذورا
وعربة الأسر مهرتها...
من خلف مآذن الحُلم
تجيىء يمامة
في عينيها ينام الكون
وفي فمها سنابل توشك أن تتراقص شغفا
وفي ذمتها بقايا الوهج_
_الرابض تحت رماد العمر
أو قل ..
تجيىء مدججة بأناشيد الطفو
وخرائط لولوج العنبر
ودليل العارف في غرق التائه
يمامة حُلم
روحها مدارك السالكين
صوب شواطىء النجاة
وأنا امرأة
يغرقها الشجن كما...
مشهد أول
في غرف القلب المغلقة
تدور دهشتان
عينان تبرقان
تشعان كالحلم البهي
وفي غفلة تفتشان
عن جنوني الخفي
تعربدان
تسرقان النبض السخي
ثم في عمق الروح
تنغرسان
تستنبطان العمر الخلي
وفي الأعلى
يدق ناقوس المخاوف
عقلي ال حاكمني بأمره
يفرض طاعته عليّ
فأنّىَ من قيدي أفر !؟
* * *
مشهد ثان
تغربت عنك...
ستتوقف
حتما ستتوقف
في وقت ما وأنت في عمق ركضك ولهاثك وانجرافك نحوهم
ربما تباغتك صفعة
أو تديرك عكس اتجاهك ركلة لم تكن بحسبانك
سيحدث أن تتوقف
لتنظر فيك
تنظر حولك
تقرأ ما فاتك من كتاب الأيام وأنت تغشاك الغفلة
ستدهشك الإفاقة
إعادة الترتيب والفهم الذي استعصى في حينه
وستعجب منك أو ممن كنته قبلا
من...
كانت تتحدث بصوت خافت
هادىء
لا ينم عن بركان يشتعل بروحها
وآتون يتقد في كبريائها
تقاوم دموعها الحارة أن تهطل
تبتلع غصة بحجم متاهة
تواجهه وقلبها وعمرها في الميزان
والنار قاب صمتين...أو أدنى
وتسرد الدلائل التي أنكرتها طوال جرح غير معلن
تعدد البراهين على خيانة قلبها
خنجرا تلو خنجر
منذ صباح شاحب...
هكذا تمنيتك
خريرا من الحلم ينساب في نهر صدري
دفئا من الحكايا يلملم فتات قلبي
وفيضا يقيني عواصف الظمأ
وحين لقاء
نرتد طفلين نركض في براح
نئد البكاء على ضفة الوهج
نضحك حتى تنشق بين الصخور جداول صغيرة
نتحاور
فتولد اللآلىء على ثغر الغيوم
نتعانق
فيتضاءل الحزن وتنزوي الجراح
هكذا رسمتك
رجلا من اقحوان...
مثقلة بالكثير من الانتظارات الباردة
وعلى شفتي
آثار نداءات اغتالها الكبرياء
وفي قلبي قصاصات شتى
من خرائط صمت مهتريء
وبين الضلوع غابات من الشوك
واشتعالات شاهقة
ذاك الصبار ينمو مذ أحلام غاربة
لا الجدب أوقف مدّه
ولا سلمت الروح من جراح شائكة
أُمسي وأصبح وأنا
في كف السؤال
أنشد قصيد الرجا
متى يحط...
ولأني امراة اسثنائية
في كل عيد لي
كان يخبئ هداياها السخية
كلفافة حزن
عبوة قلق
والكثير من الخذلان
ثم الغرق الأكثر
في متاهات الأسئلة
وبثقاب الجُرح
يشعل لي مواقد الوحدة
ويتركني نهب الغصات
ترافقني وسائد النار
وشرشف الصبر في ذهول ينكمش
بينما ستائري تثرثر
أي امرأة تلك التي تحتضن الجمر
فينسكب حبرا...
على الشاطىء يجثو الوجوم
والوقت كأس مهرقة
لا شفاه تلثمه لكنه الحزن المباح
ولا نوارس تحتفي بموت الضجيج
كنا جلوسا
والمساء استدار صفصافة جَذِعة
وحدهم من لامسوا الأفق
وامتطوا المدى
تركوا خلفهم أحاديثا لم تكتمل
وأحلاما لم تزل غضة
غافلونا واختفوا بين طيات الغيوم
حلقوا حيث البعيد
تركوا لنا الناي الحزين...
تعب الموج من التكسر على شواطىء الملح.....
ولخفقك ذاكرة الماء.....
كلما ناورتها الريح توالت رعشة النهر.....
كيف يغفو الموج في حضن الشواطىء. ..
والملح فوق الجُرح عالق
فلتشهدي يامواسم التيه ميقات الغرق.....
في لجة اليم لا قارب ولا طوق....
ولا جسر يلوح ولا أسر ولا عِتق.....
كأننا نذر للعتوم...