عبثا يحاول الركض بين ربوع الأبجدية....
ولا قدم ولا وجهة.....
....وطبول التيه تلاحقه !!
***
ولست أعجب.....
بل أتناثر وجعا......
حين تُذكرني الجغرافيا بعدد قارات العالم وعدد الأنهار والمحيطات والبحار والخلجان.....و السكان
ثم المجرات والكواكب والنجوم
ثم يخبرني التاريخ عن تلك الشعوب التي توالت...
بعض المحن تحسبها بعيدة عنك.....
تقرأ عنها...تسمع بها
ولا تتوقع لحظة أن تمر بك....
أن تسحبك دون توقع....
....فتجد نفسك في مركز الدائرة
تدور فيها دون توقف .....
تصاب بالدوار من هول المفاجأة.....
تطحنك رحاها وأنت لم تفق بعد من صدمتك......
يا الهي......
كيف تنهمر فوق رأسي كل تلك المطارق دون...
تلك الغفوة.....
لحظة أن يتخدر جسدي.....
يحملني لعوالم صمت.....
.....وجدار أخرس
وسكون الموت .....!!!
أتهاوى.....
أسقط في عمق الجُب.....
أو قل....أغرق في بئر
أنزف تيهي.....
.....ويكممني الخوف
أصرخ.....لا صوت
أجري....
.....تسقط مني قدمي
ألاحقني..... وأسأل
من يحمل خطوا.....
يسقط فوق الدرب..... بلا...
ربما على أن أعيد ترتيب حقيبة الزمن مرة اخرى.....
سأضع الوقت خارج اطار انتظاري.....
وسأرمي المسافات خلف جدار اللامبالاة......
وأطوي الجسور على رف النسيان......
وأمحو من الذاكرة وجوه كثيرة مرت بقلبي وأدمتني بغدر.....
سألوّن مياه دمعي بعذوبة الحلم الوليد......
وأرسم على جدران المدى جدارية...
أيؤرقك صمتي......شرودي
غيابي عن حضورك......
أنا يؤرقني حديثك البارد.......
وسلامك الباهت......
وتلك ال أحبكِ كأنها الخبز اليابس......
وتفاصيلي التي أضج بها ولا صدر أسكبها فيه ......
فكيف تعجب لصمتٍ ران على ليلنا .....
و شرود عم صباحنا......
مذ عودتني وحدتي......
وأنا أسكب روحي في قارورة...
أبحث عن ابتسامة آتية من أفق بعيد
لأضعها على شفتي المصبوغة بالحيرة وهمهمة المخاوف......
أتلهف نظرة فارة من حدائق الوهج......
أكسو بها عينيّ المسكونة بألف سؤال......
والمطفأة برماد الخواء .....
أنا التي سجنني ظلي في دائرة الأرق......
.... مفرغة من شموس كنت أرتديها
قبلما يحط الخريف أوجاعه فوق...
الرجل الذي كان يوقن أن الطريق التي دلها عليها ريثما يرتب فوضاه ويلحق بها.....
كان يوقن أنها ستبتلع خطاها وتورثها الشتات.....
وهو رجل اللحظة العابرة......
لا بقاء ولا امتداد......
حمل حقائبه ولحق بقطار الأمنيات السريع......
معلقا عمره في ذراع امرأة تكفلت بتذاكر سفره .....
بعيدا.....
.... حيث لا...
امرأة تقرأ.....
امرأة تعي بدقة أين توضع النقاط ومتى تكون الفاصلة......
ومتى تغلق الكتاب وتلقي به على مدى ذراعيها دون عودة إليه.....
ومتى تحتفظ به بجانب وسادتها.....
كلما أرقها الليل تلمست أناملها له طريقا تؤنس به وحشة الروح في ليلها البارد.....
امرأة تكتب......
هى امرأة مثقوبة الجرح......
كلما...
حاولت أن أرسم شكلا للغياب......
أحدد له ملامح.....
أصبه في قالب مرئي......
وكلما حاولت يظهر لي وجه عجوز ماكر......
تجمعت في عينيه صبارات مرة وملأت فمه أشواك دامية......
وبين يديه عصا من نار.....
إذا أشار بها إلى قلوب توقّد فيها جمر الاشتياق......
وانزاح عنها ستر السكينة......
وإذا أشار إلى...
أعرف امرأة.....
فتحت قلبها ألف مرة لرجل أحبته......
رجل أفاض عليها عشقا ووجعا.....
وأفاضت عليه تحنانا ووجدا .....
كلما عاد أهدته قلبها......
فيهيل عليه الحزن ويطفىء وهجه.....
لم يتقن كيف يستوطنه.....
كيف يجعله ملاذه ومرفئه......
كلما عاد لا يلبث أن يرش أقمارها الصغيرة بالعتم.....
وينثر دخان...