النفس حبيسة الجسد
تواقة إلي الأبد
والروح مستوحشة الأركان
لكنها نحو السماء مشدودة
بألف ألفِ سبب
*
أتيت إلى الحياة
إلى الحياة أتيت
وسأرحل كما جئت
بلا اختيار
شئت هذا أم أبيت
وما بين هذا وذاك
علي أن أختار
*
كيف عشتُ لا أدري
يا كم ضحكتُ , ويا كم بكيتُ
وكم أحببتُ وكم كرهتُ
وكم لعبت وكم...
لما ارتعش القلم في يدي .. فرحت جداً , وزغردت .. وقلت : مدد يا رب ..
أصل من زمان , وأنا كنت مستني يفوق , ويصحصح لي , يكلمني , وأكلمه ويحكي لي , وأحكي له , ويشكي لي , وأشكي له , على الـ بيَّ , لأنه صديق عمري , ومالي الدنيا عليَّ .. وما لي حد غيره , يخْلِص لي في الدنيا ديَّ ..
من يوم ما كنت طفل...
كان يوم شؤم .. بدأ كل شيء غامضاً , غريباً , غير مألوف .. وعلي غير عادته.. حالة هياج شديدة تَلُّف المدينة الهادئة .. وحمّى من نوعٍ ما .. تنتاب الشوارع , والميدان .. وكأن كارثة وشيكة , أو قد حلت .. ضجيج .. صخب .. هرج .. مرج شيء عجيب .. أشبه بالفوضى .. وحركة دائبة , مضطربة , مرتبكة ـ لا تنقطع ـ في...
في يوم من الأيام , جمع والينا أترابهُ , ولا أحد يعرف ما أصابه , وقال لهم : في تثاؤب , وكسل , وعيناه قد أصابها شيء من الإرهاق , وشيء من العسل ...
ــ أنا اليوم أشعر بالكسل , وبالفراغ , وبالملل , وأشعر أيضاً بالقرف , وبالسأم "
فقام واحد من إياهم يمدحهُ , ويذم الهم الذي تجرأ ودخل قلب إلى حضرة...
في البدء كانت القصيدة
وكانت الأنوار ساطعة
وكانت الولادة متعسرة
وكان اللوح , وكان القلم ...
.. وانتظرتُ ...
خمسون عاماً مضت
أناوش الحُلم الذي
حَلُمتُ
وسافرتُ في كل العصور
وركبتُ موج البحر
وأبحرتُ
قرأتُ ألف كتابٍ وكتاب
وما قرأتُ ,
لكن الحُلم ما جدب
خمسون عاماً مضت
أكابد فيها الكبد...
سبعة أعوامٍ مضت .. وأخباره منقطعة عن القرية .. أُشيع بأنه قُتل .. بعض أقاربه لم يؤمن بموته .. والبعض الأخر قالوا بأنه فُقد مع من فُقد......
لكنه اليوم عاد , وبالكاد يتذكر بعض أهله , وبعض أصدقائه القدامى , والنذر القليل من الأحداث التي مرت به ....... عاد وهو شبه فاقد للذاكرة.....
وكأن عقله...
الوقت يشير إلى منتصف الليل , والجو شتاء , والقطار ممتلئ عن آخره بالركاب .. وقفت .. مددت بصري إلى آخر العربة .. انتظرت أحد البائعين حتى يمر من أمامي أوصيت صديقي أن يحافظ على المكان....
أحاول أن أتفادى الزحام , أرفع قدمي .. وبحذر شديد , أضع الأخرى , حتى لا أؤذي أحد النائمين في ردهة العربة ...
ما هو الموت؟!.. وما حقيقته؟! .. هل الموت نهاية الأشياء؟!.. أم بداية حَيَوات أخرى جديدة؟.. حياة أبدية نجهلها , قد تكون سعيدة , أو قد تكون شقاء , من يدري؟.. أنا أعلم ذلك , بل وأؤمن به أيضاً....
الموت .. هذا الكائن العجيب الذي يقف حارساً علي بوابة الغيب البعيد , ذاك القطار الذي يركبه الجميع ...
أنا أكره أبي .. نعم أكرهه من كل قلبي .. لا تقولوا لي " إنكِ بنت عاقة " لا , لا يا سادة , أرجوكم , توقفوا , لا تستعجلوا في الحكم علىَّ , سأخبركم , نعم سأخبركم .. لماذا أنا أكره أبي ..؟!.. ولماذا لا أحبه ..؟!..
لكل فعل رد فعل , يوازيه في القوة , ويعاكسه في الاتجاه , والاندفاع , ولكل شيء سبب ...
رأيتها ... نعم رأيتها بعد عشرين عاماً , مرت كالسحاب لم ُتغير فيها شيء .. النظرة .. نفس النظرة .. الخطوة نفس الخطوة .. الضحكة .. القدُّ الجميل .. الحركة المشية .. قصة الشعر .. " المكياج " .. التسريحة الجميلة .. العطر الصارخ .. الفواح .. الـ ......... وكأن شيئاً فيها لم يتغير ....
كل شيءٍ فيها...
تنبيه هام جداً وعاجل ..
{{ قبل الشروع في قراءة القصة ــ أحذر أنا كاتبها ــ قارئي العزيز ...
الأشخاص والأحداث التي جاءت في هذه القصة ليست حقيقية بل هي محض خيال كاتب .. وإن صادف وجودها في الواقع فذلك بمحض الصدفة البحتة...!!..
كما أن القصة لا تعبر بالضرورة عن كاتبها.. فليس كل ما يكتبه الكاتب...
الموت الآن يقف على الأبواب
الموت يمشي في الشوارع
والأزقة والطرقات
الموت في كل مكان
الموت في كل شيء
حتى في التراب
والأعقاب
***
الموت يحمل دفاتره في يده
ويجلس وحيداً في المحراب
يرتل فصل الخطاب
وكأس المنية علقمةُ
والكل لا محالة
سيشرب من الكأس
وسيمر من الباب
***
يا ابن آدم .. يا مغرور...
ليلة أمس هرب النوم مني , جلست مُتأرقاً , والفكر في رأسي ـ كالعادة ـ كلاب سعرانة تنهش وتجري .. سحبتني قدماي نحو المكتبة , أمسكت احد الكتب .. ديوان " لابن جرير" اشتريته من معرض الكتاب , قرأت المقدمة .. وبعضاً من قصائده الجميلة التي راقت لي....
ولما شعرت بالملل , فكرت في الخروج أشم الهواء الطلق...
تِيِهي بجمالك تيهي
هذا قلبي فالهي فيهِ
فأنتِ صرت الآن تملكيهِ
حطميهِ إن شئتِ ,
أو اتركيه
وإن شئتِ أبقيهِ
بيعيهِ أنت ,
أو اشتريهِ
أسعديهِ بحبكِ أو أشقيهِ
فنظرةٌ منكِ يا أملي تُحييهِ
وكلمة منكِ ترضيهِ
سألتكِ بربكِ أسعديهِ
وصِلِيْه ولا تهجريهِ
ففي الهجر موت لهِ
وفي الوصال حياة
فصِليهِ , أو اتركيه ...