أفياء أمين الأسدي

للأيام قلبُ القمح، يتّجه نحو الرحى حيثما دارتْ، بساعاتٍ مرتجفةٍ يتّجه، كمسحور نحو الصرير ينقاد، كمهووس بالألم .. يعدّ أصابعَه مساميرَ؛ ويهوي بالمطرقة عليها، بينما تنفّذ الرحى مشيئتها ؛ كمقصلةٍ شابّة، لذلك .. كلّ شيء في الداخل. إنّ سهما لضوءٍ طفلٍ ؛ قادرٌ على تهديد كونٍ من الظلمة، على اثارة...
على دكّة الليلِ كنتُ أخيطُ ملابسَ نومِ شجونِ النهارِ وأصنعُ قبّعةً مِنْ مساءٍ تيقّظَ توّاً وفضَّ جروحي وحتى أُستّرَ تلك الجروحَ ، زرعتُ الورودَ على ساعديَّ فكنتُ أطرّزُ كفّي بكفّي ، وأبذرُ نجماً على مقلتيَّ وأسترُ قلبي بورْقةِ سِدرٍ فأبدو كخندقِ حربٍ على شكلِ مَرجْ وحين يمرّ عزيزٌ علَيَّ...
إنّي لممتنّة على ما خلقهُ (مورياك) في هذه الرواية، لم يكن ذلك مجرّدا عن معاناة المُدرِك أو عشوائيا، ولم تكن بطلته همجية وأمّية أو فوضوية، بل كانت ذكيّة بالفطرة وقارئة جيدة ومصغية بسليقتها للطبيعة البشرية، فهي تغوص في داخلها وتحلّل ما تختاره وتهيئ النتائج التي تريدها، كما تعرف كيف تتعامل مع...
أنا امرأة عراقية هذا يعني أنني أكبر بالجمر لا بالعمر، أنني اؤمن بالدمعة في الشمعة، بالتنهيدة في التهويدة ، بالسكّر الذي لا يذوب في الشاي، وبالشاي المغلي في الصيف. بحلاوة العمر القصير للفرح، بالترقّب المرّ الذي يسمّم الايام ، وبالساعة البيضاء والسوداء! أنا امرأة عراقية، لذلك .. أنا مدرّبة على...
حدّثتْني الريحُ عن حريق قريب، عن كوخ يشتعل في قلب سمراء ، عن ضفّة تنام قربها، وكفّين صغيرين لا تتقنان انقاذ صاحبتهما. حدّثتْني .. عن جمرتين في عينيها، ووردة ذابلة في يدها. عن حذاء عالٍ؛ ورغبةٍ مكسورةٍ بالسير . عن قرطين يشتعلان من الحنين، وطوقٍ سيقتله الانتظار ؛ كما لن تقتلها النار. سيقتلها سكونُ...
لقد طلّتْ على رأسي طلولُ بها من كلّ ريبٍ مستحيلُ على رأسي بنيتُ ديارَ صمتٍ وفي رأسي تألقتِ الطبولُ بذلتُ الصبرَ حتى قيلَ : صارتْ يقدّسُها المُعرَّفُ والدخيلُ وما نزّهتُ نفسي ، كنتُ شكّاً يربّيهِ التمسّكُ والعدولُ إلهةُ خاتَمي الخشبيّ وحدي ووحدي مسرحُ الدنيا الخجولُ! ملائكتي تشيّعُ فردَ قرطي...
منذ شهرين كنتُ قد عزمتُ على قراءة رواية (كاتيوشا) للروائي المصري (وحيد الطويلة) ، الحقيقة أنني كنتُ قرأتُ ثلثها الاول لمرتين ثم هجرتُ الرواية في المرتين، رغم أنها كانت تجذب القارئ بطريقة دوار البحر حين يجذب البحرُ الواقفين على حافّته، لكنني كنتُ أحاول التمهّل في تلقّي الدفعة الاولى من مشاعر...
(بدون معرفة اللغات تشعر كما لو أنه ليس لديك جواز سفر). انطوان تشيخوف. لمّا كانتِ اللهجةُ تمثّلُ لغةَ القومِ فإنّها جواز سفرهم، وهذا ما تلمّستُه وأنا مسافرة في القطار المجازيّ لـ(كتاب الدارمي) من محطّة الى اخرى، أعبرُ نحو المحطّة الصحيحة حينا وأنزلُ في المحطّة الخاطئة حينا آخر فأبحث عن المعنى...
في قصّةٍ.. كُتِبَ الغرامُ الرائعُ أبطالُها: بنتٌ وصبٌّ خادعُ كان الهوى بين الاصابع آمناً فتفرّقتْ في لحظتين أصابعُ البنتُ كانت تطحنُ الأيامَ مثلَ صغيرةٍ في خافقٍ يتسارعُ ما كان في مصباحِ عينيها سوى قرصِ السوادِ ودمعتين تبايعُ ما كان منها غير أنْ تدري بأنْ هذا سوادٌ مكّنتهُ مواجعُ تهيامُها كان...
على دكّةِ الليل كنتُ أخيطُ ملابسَ نومِ شجون النهار وأصنع قبّعةً من مساءٍ تيقّظ فورا وفضَّ جروحي. تتحفنا الشاعرة العراقية (أفياء أمين الاسدي) دوما بكل جديد، بقصائد تنزف حزنا ونضوجا، بأسطر ترسم صورا محيرة ومدهشة، تجمع الليل والنهار، والثلج والنار، والشمس والقمر فلا تقوم غير قيامة شعر باذخ الجمال...
أنا والليل ذاكرةٌ تسيلُ كنجماتٍ يلمّعها أصيلُ دليلةُ مغرمين أسيرُ ليلاً يواسيهم بعينيّ الدليلُ فيكفر بعضُهم بكتاب حبّي ويؤمن آخرون وهم قليلُ أظنّ بأنّ ديني ضيفُ بيتٍ وصاحبُه إلهٌ مستحيلُ يلملم ما مضى مِن كل ركنٍ وفي أعتابه قلبٌ قتيلُ تزول الشمسُ غرباً كلّ هجرٍ وشرقٌ في فؤادي لا يزولُ أنا مخلوقةٌ...
مذ بلغتُ سن الاربعين قبل ايام، بقي يتلجلج بصدري سؤال ويود البوح عن نفسه بكل قوة، ألا وهو : لماذا تُخلَّدُ قصيدة، ويسير بها الركبان والماكثون، ويتغنى بها القاصون والاقربون، بينما لايكتب لسواها هذا الامر ،رغم أنّ القصيدتين من وزن واحد، وصور لا تخلو من جمال، وقافية بلا حيود ؟ لماذا خُلِّدَتْ قصيدةُ...
مذ بلغتُ سن الاربعين قبل ايام، بقي يتلجلج ببصدري سؤال ويود البوح عن نفسه بكل قوة، ألا وهو : لماذا تُخلَّدُ قصيدة، ويسير بها الركبان والماكثون، ويتغنى بها القاصون والاقربون، بينما لايكتب لسواها هذا الامر ،رغم أنّ القصيدتين من وزن واحد، وصور لا تخلو من جمال، وقافية بلا حيود ؟ لماذا خُلِّدَتْ...
وعاماً فعاما.. يمرُّ اهتمامُكَ في خاطري مثل كفّ الغريبِ على الذكرياتْ كحبٍّ ذوى تحت ضلِع الحياةْ فقد كنتُ حبّاً حراما كماءٍ قديمٍ يميتُ الطيورَ ويلعنُ ضفّته اليابسةْ وصوتٍ على مرفقِ النخل عالٍ يئن بأغنيةٍ عابسةْ وما كنتُ في وقتها قد عزمتُ على ما يريدُ الحنينْ على تركِ منضدةٍ من أنينْ أمَتْنا...
في زقاق صغير مرّوا ، وأوقفوني، عن دير ثلجيّ سألوا، أخبرتُهم أنّه في روحي في ممرّ طويل مرّوا، وأوقفوني ، عن ملهى قريب سألوا، أخبرتُهم أنّه في رأسي على جسر مرّوا، وأوقفوني، عن طفلة متعَبة سألوا، أخبرتُهم أنّها في قلبي على ساقية تجري مرّوا، وأوقفوني ، عن شجرة ليمون سألوا، -ليمون تصله اليد ...

هذا الملف

نصوص
30
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى