أحسن القصص... (مختارات ولطائف من القصة القصيرة العربية لجيل الرواد)

قالت أَمُّونة لصديقتها هدى: أرأيت حسد الناس لصداقتنا، ولغطهم في تأويلها وإحاطتها بالأقاويل؟ إنهم لا يودون أن يرونا كالأختين فيغيظهم أن يشهدوا صديقتين ألفت بينهما براءة المودة وطول المصاحبة وتقارب السن وحسن الجوار، وإن شاؤا فبيننا وشائج القربى تحكم الصلة وتهون اللقاء. أليس زوجك ابن خالتي؟ أمي...
أبحر الملك هنري الأول إلي نرمنديا برفقة ابنه البرنس وليم لينادي به ملكا عليها وليعقد زواجه علي ابنة الكونت أنجو ولما تم له ما أراد تأهب هو وأتباعه للإياب إلي الوطن, وبينما هو علي وشك السفر إذ مثل بين يديه ربان نرمندي يدعي فنرستيفن وقال له مولاي, كان والدي من جند أبيك الأمناء وقد قضي نحبه بصحبته...
خرج حسين من الجو المكتوم المفعم بالأدخنة والضجيج, وانطلق إلى الطريق. فوقه سماء القاهرة تكاد الروح ترشفها من فرح صفائها. تناثرت فيها نجوم لامعة وأخرى خابية, لا يكاد النظر يستوعبها في مواقعها, حتى تجد الأذن أن هذه النجوم المبعثرة مختلفات الألوان ينظمها نغم حلو جميل. لكل لون منها نصيب في إيقاعه...
1 وقف العم عبده وسط السوق المكتظ بالمارة قبل الغروب بدقائق ورفع الدف إلى أعلى بيده اليسرى حتى قابل وجهه وأخذ يهزه برفق ثم ضرب بأصابع يده اليمنى على طرفه لحظات. ولما سلس له قياد الإيقاع أرتفع صوت الدق وبدأ جذعه يهتز.. والناس يتجمعون ويضربون حوله حلقه وهو يجيل الطرف فيهم بسرور ثم أنطلق صوته بنشيد...
كان الصبية يراوحون بين النظر إلى ألواحهم والتطلع إلى فقيههم ، ولم يكونوا في الحقيقة يتبينون شيئا ، فقد كانت ألواحهم لا تكاد تستقر بحروفها على ضوء الذبالة الراقصة ، وكان فقيههم ، على بعده عن الشمعة التي يدورون هم عليها ، هامدا ساكنا ، لا يكاد يبين عن سره بحركة يتحركها جسمه الضخم ، أو خلجة...
هذه حكاية أخرى من شاطئ الغيب، يحكيها رواد (مقهى الزريرق) المتكئة على السور البرتغالي العتيق، والمواجهة للمحيط الأطلسي، يحكونها للغرباء وهم نشاوى بسحائب دخان كيف (كتامة) وغرقى في كؤوس التواكل يستمرئون أحلام النهار، ويحتسون كؤوس الشاي الأخضر المنعنع يقاسمهم حلاوتها النحل... حكاية (الميّاح) ليست...
أخذت مكاني في الركن الذي ألفته في المقهى التي اخترتها. لم يسألني النادل، حمل إلي القهوة المرة دون أن يضع بجانبها قطع السكر. قلت وقد ألقى تحية عابرة حميمية: - هذه الصحف -وكانت تحتل جانبا من الطاولة- ليست لي، يمكن أن تحملها. أجاب بعفوية: -زبون كان هنا نظر فيها، تركها بعد أن شرب قهوته. يبدو أن وقته...
تقف أمام الزجاج وتنادي بما يشبه الهمس: - سعد? كان وجه النهار قد برز, معتما طافحا بظلال من ضباب قد يمطر, وحين ظل في صمته أضافت: - ألم تسافر, أترى أن الجو قد منعك?!. كان من الممكن أن يكون السؤال واضحا, يملك حدوده وكفى. ولو أنها كانت هي, لكانت أسئلتها أكبر من حجمها, من طولها وبعدها, ولكنها المعارك...
«القاضي الحاجّ حمّاد يتذكَّر هذا جيّداً : حين جاءت الخادمة التي عنده لتخبره بأن متشرِّداً أشعث الشعر ورثيث الثياب ينتظره بالباب، كانت دادا مسعودة عاكفة على تحضير قصعة «العصيدة» احتفاءً بذكرى مولد النبي. كان اليوم، إذن، يوم عيد المولد، وكانت العادة، في مثل هذا اليوم، أن يفطر الناس في الصباح...
أمسكت السيجارة بأصابعها الدقيقة، وتوقعت أن أقدم لها عود الثقاب، ولكني تباطأت وتلكأت، فحدجتني بنظرة صارمة قاسية، وكان الليل رائقا، ونور الكهرباء يغازل شعرها، بينما جهاز الراديو يتجاوب بموسيقى (رقصة الأطلس). كان وجهها الفاتن يختفي وراء الأصباغ، وقد بدت شفتاها في حمرة قانية، لولا أسنانها البيضاء...
كان منطرحا على فراشه تحت المروحة ، عاري الجذع و شعره الأسود الكث يخفي عينيه ، حين أيقظه رنين الجرس. توتر جسمه وإنكمش ثم إنتصب جالسا على حافة السرير. أزاح خصلة الشعرعن جبهته. لم يكن مستيقظا ، كان يسمع الرنين فقط ، وهو الشيء الوحيد الذي أدركته حواسه المخدرة. تطلع بتبلد نحو الباب ثم قفز من فراشه و...
محمود أحمد السيّد آل المدرس (14 مارس 1903 - 10 ديسمبر 1937) كاتب روائي وصحفي ومترجم عراقي. يعتبر رائد الرواية العربية في العراق في نفس الوقت الذي كان محمود تيمور رائداً بمصر. وأولع بالأدب التركي الحديث فترجم إلى العربية قصص جلال نوري وضياء كوك ألب وغيرهم وتأثر بآراء أدباء تركية المجدّدين.كانت...
كان الصبي الملاّح ينساب بزورقه الجميل على مياه البحيرة السويسرية الهادئة ، قاصداً كوخه عند الساحل ، ونغمات الأرغن المحمّلة بأعمق المشاعر وأرق الأحاسيس ، تنطلق من النافذة ، وتغمر الفضاء المحيط بالبحيرة ، جعلت الصبي يُبطئ في انطلاقه ، ثم يعود ليلقي مرساته ، ويتوقف بجانب القصر الأنيق العتيق...
لما حان سفر الفارياق أخذ يودع زوجته بعد أن أوعى القاموس والأشموني في صندوقه ويقول. اذكري يا زوجتي أنَّا عشنا معاً برهة طويلة من الدهر. قالت ما أذكر إلا هذا. قال فقلت أذكر ناكرٍ أم شاكر. قالت نصف من هذا أو نصف من ذاك قلت يرجعنا النحت إلى الأول قالت أو يرجع الأول إلى النحت. قلت أي أول أضمرت؟ قالت...
سمعت باسم أم نخول وأنا ابن خمس ، فكنت اكبر ويكبر معي . إذا دّبرت امرأة تدبيراً فيه صلاح لعيلتها نوَّهوا باسمها قائلين : عاشت ام نخول . وإن عزّ شيْ في الضيعة ووجدوه عند واحدة قالوا : هذي ام نخول ثانية . وإن مرَّت على الطريق امرأة مترجلة لا تبالي بمن يتشمسون قدَّام الأبواب ، تنحنحوا وتغامزوا...

هذا الملف

نصوص
272
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى