محمد مزيد - الأخرس والأرملة.. قصة قصيرة

لدى الارملة البيضاء الجميلة ، خادم شاب أخرس ، هو أبن حارس مزرعتها التي ورثتها عن زوجها ، توفي الحارس قبل سنة بحادث عرضي بعد أن نطحه الثور في بطنه اثناء اقتياده الى البقرة الوحيدة ، ومن باب العطف والحنان وأحياء ذكرى الحارس الوفي ، أبقت الأرملة أبن الحارس الشاب الاخرس في خدمتها .. هل أخطأت حين أبقت أبنه يخدمها؟ هو جالس الان متصالب ينظر الى مسلسلها الذي تتابعه بشغف منذ الموسم الاول قبل أربع سنوات ، اي بعد سنة من وفاة زوجها ، تحب بطل المسلسل الوسيم ،لأنه يبعد عنها ذكرياتها المرة مع زوجها الراحل ، يتمتع البطل بجسد مفتول العضلات ووجهه ليس مثل وجه زوجها هزيل الجسد أكله الدخان والعرق الابيض ، وجه البطل بيضوي دائري جميل ، لديه عينان زرقاوان وشفتان ورديتان لم يمسسهما دخان السجائر ، تبحث الارملة عن السبب الذي يدعو حسن الى مشاهدة المسلسل معها، فوجدته يتماثل في الشبه بينه وبين البطل ، كانت تراقب حسن حين يختلي البطل بالعشيقة الجميلة يبادلها القبل لترى رد فعله ، فكان يغفر فاه الى الاخر ، حينئذ ، كانت تنهض الى غرفتها حتى ينتهي مشهد القبل ، تراقب ردود أفعاله من خلال مرآة منضدة الزينة التي تتوسط الغرفة ، لكنها لاحظت ان السلسلة الفضية في جيده تكاد تنقطع من فرط تمرير أصابعه عليها ، تتابعه عبر المرآة حتى تنتهي وصلة القبل بين البطل والبطلة ايشلي ، كانت تتمنى لو انها قد عادت بها السنوات الى الشباب لتقارن نفسها مع البطلة فتقول لنفسها " انني اجمل من ايشلي " ، بقي عليها أن تعرف ، هل خادمها حسن يتابع البطلة ويجري معها المحاكاة ؟ وهل يتمنى ان يكون بديلا عن البطل امام الفاتنة البطلة . صبغت شفتيها بإحمر الشفاه وخلعت البلوزة البيضاء وبقيت بثوبها السمائي عارية الذارعين " هكذا سأكون افضل " قالت ذلك وهي تخرج من غرفتها لمتابعة مسلسل " التفاحة المحرمة " الحلقة 83 من الموسم الرابع ،وعندما جلست في مكانها، أختلست نظرة اليه ، فوجدته يضع قبضته اليمنى على وسطه ، وحالما شعر باختلاس نظرتها رفع يده . أنتهى مشهد القبل ، وسارت الامور بينهما ، كل واحد منهما يراقب الاخر بخلسة ، كانت هي التي طلبت منه متابعة المسلسل الذي تحبه ، ولحد هذه اللحظة ، لا تعرف دوافعها الحقيقية حين طلبت منه المكوث في الصالة معها ، لكنها في أعماق أعماقها تعرف السبب . ليس لديها نوايا تشعرها بالخزي والعار، لكنها بحاجة أن تشعر بانوثتها المحطمة ، اما ابعد من ذلك فليس واردا في ذهنها .فهي قد راقبت الشاب منذ صباه كان يتحدث مثل الاخرين غير ان خرسه جاء متأخرا ، وذهبت به مع ابيه الى الطبيب المختص لمعرفة اسباب خرسه غير انهما عجزا عن معالجته ، قيل لهما انه مر بصدمة نفسية على اثر موت والدته وانعكست حالته على أعصاب أبيه الذي أخذ يشكو لها عدم قدرته على التفاهم مع ابنه ، تتذكر الان ، أن آخر كلمات قالها ابوه لها هي أن ترعاه حتى يجد فرصة في الحياة عندما يبلغ مثل الرجال . ها هي تجلس امامه تضع ساقا فوق الاخرى كاشفة عن نصف فخذيها البيضاوين وتنظر اليه خلسة " هل تعرف ماذا يقولون ؟ " فهّز رأسه بالايجاب ، لكن نظرته اليها كانت سريعة خاطفة لم يتمعن بجسدها ، وهذا ما ساءها ، ماذا تفعل كي تثير اهتمامه وتجعله ينظر اليها كما تريد ! انها تحتاج الى نظرة طويلة يستغرق بها في غرز لمعان عينيه في جسدها الذي أمتنع عن الحياة منذ خمس سنوات بعد وفاة زوجها. هي تعلم الان انه ما أن ينتهي المسلسل يغادر كوخها ليذهب الى كوخ ابيه في الوادي ، وجدت نفسها تنهض الى المطبخ من غير تخطيط لما ستفعله ، قالت في نفسها ، لاعمل له طبقا من الدجاج المقرمش لانه يحبه وستقدم له الطبق بعد المسلسل ، وسيبقى مدة كافية كي تحظى بتلك النظرة المرتقبة ، بعد دقائق جاءت اليه وقالت له " لا تغادر حتى تأكل طعامك اعددته لك الان" ، ابتسم وهزّ رأسه وهو يتابع المشاهد الاخيرة . قالت في نفسها " يجب أن انجح في علاجه انه يفهم ما اقول ، سأبذل كل جهدي ، " وعندما انتهت من اعداد الطعام قالت له اذهب الى المطبخ لتجلب طبقك لتأكل هنا ، نظر اليها مستغربا " نعم هنا في الصالة ، أحب أن ارى كيف تأكل !! ثم جلست على الاريكة بجانب الكرسي الذي يجلس عليه وكشفت ساقيها . نهض الى المطبخ ، جلب الطبق واندهش من تغيير جلستها ، بدأ يتناول طعامه بهدوء وكياسة عالية ، بالرغم من انه جائع الا انه لا يستطيع ان يلتهم الطعام كما يفعل في كوخ زوجة ابيه ، استغرق طويلا في تناول طعامه مختلسا النظر الى فخذي المرأة، التي وجد انها ترسل اليه هذه الليلة رسائل لايستطيع عقله استيعابها بسهولة ، وقبل ان تنهض الى غرفة نومها وقفت بالقرب منه وهمست له وهي تبلع ريقها " عندما تنتهي من طعامك تعال الى الغرفة كي تدهن ظهري بالكريم ، هناك تشنج لا اعرف سببه " فاومأ بالايجاب .
ولما دخل الى غرفتها وجد الكريم بجانب منضدة السرير ، كانت تتمدد على بطنها وفوقها الشرشف الابيض يغطي كامل جسدها ، وضع الكريم على يده وازاح الشرشف من جهة الرقبة نزولا الى وسطها ، كاد يشهق من الانفعال ، كان نقاء بشرتها مما آثار حساسيته المفرطة ، مددت يديها بجانب جسدها ولما يصل الى نهاية الظهر عند التكوير أخذت يداه بالارتعاش ، وحتى تساعده في مهمته افتعلت مد يدها وافهمته كل ما يجب فعله .
في صباح اليوم التالي أستيقظ قبلها وقال لها بصوت جميل " صباح الخير" وهي ماتزال راقدة لم ترتد ملابسها بعد .




تعليقات

الأخرس والأرملة.. قصة قصيرة للقاص العراقي محمد مزيد ، نجح كيف يغرس فيها أسلوب الاثارة والفجأة
والمباغثة، التي تجعل القارئ يلاحق الأحدات ويسابق الكلمات ، نص هرمي بين أرملة وخادم أخرس عرفت كيف تجعله يتكلم من حيث أخفق مهرة النطاسيين.. فمن فادعة موت أمه إلى النطق بكلمة صباح الخير تجري مشاهد مثيرة يستعرض فيها الكاتب دواخل المرأة وشبقها وشغفها ومراودتها للفتى الى أن جعلته ينطق
كل التقدير أستاذ محمد مزيد
 
أعلى