علجية عيش - هل المواطنة وحدها كفيلة بمعالجة المشكلة البيداغوجية؟

الأسباب التي جعلت الشارع يتفوق على المنظومة التربوية في الجزائر



عصابات الأحياء الظاهرة التي انتشرت في الجزائر ، تحتاج إلى ملتقيات تشارك فيها الجهات المعنية من مديريات التربية و مديرية الشباب المجتمع المدني وحتى ألأمن الذي هم في حرب مستمرة لمحاربة هذه الظاهرة ، لاسيما والمنخرطون في هذه العصابات شباب مراهق ، منهم متمدرسون و منهم متسربون مدرسيا، احتضنهم الشارع وأضحوا مجرمين يمارسون الإجرام بمختلف الوسائل و الأدوات وهذا راجع لغياب الوعي التربوي لدى بعض المعلمين و المؤطرين الذين همهم إلقاء الدرس و الخروج دون احتكاك بالتلميذ ومعرفة وضعه الاجتماعي و المحيطين به في الشارع الذي يعد مدرسة لتكوين المجرمين ، كذلك غياب الرقابة الأسرية، فعادة ما يكون الوالدين منشغلين في العمل لتوفير لهم حياة الرفاهية فيكون الطفل و المراهق عرضة للضياع


فكثيرا ما نسمع عن نشوب شجارات جماعية باستعمال أسلحة محظورة ، اعتداءات و سرقات وجرائم مختلف من قتل واختطاف للفتيات و للصر و الاعتداء عليهم جنسيا ، دون تسليط عليها الضوء من قبل المختصين من علماء النفس و الإحتماع والعاملين في المجال التربوي كذلك غياب المجتمع المدني الذي هو مكلف بمعالجة هذه المسائل و وضع لها الحلول أمام المدرسة لم يعد دورها متابعة التلميذ فلا مرافقة ولا رقابة، هذه المدرسة التي تعمل على بناء مواطنا صالحا، حيث لم يعد الحديث عن الإصلاح التربوي في ظل العولمة و تطور التكنولوجيا، لقد تسيّست المدرسة و لم تعد فضاء للتربية و التعليم و التثقيف، حيث أقحم التلاميذ في الممارسات السياسية و الدليل المسيرات الشعبية التي ينظمها الطلبة و التلاميذ و هم يجهلون ما يحدث، يكفي ان توجه لهم أوامر و تعليمات فينفذونها بتلقائية و دون شعور بالمسؤولية، و وصل ببعض المعلمين و الأساتذة بأن يُحرّضوا التلاميذ على الإضراب و الخروج إلى الشارع و التوقف عن الدراسة مقابل تضخيم لهم العلامة و تحسين معدلهم السنوي في نهاية الموسم الدراسي، هذه السلوكات أدت حتما إلى التراجع في المدّ التربوي و الثقافي و الحضاري لهذه الوحدة الإجتماعية، و وضع كهذا يبين قصور دور المدرسة، و قد ساهمت الظروف الوبائية في رداءة الوضع الاجتماعي في العالم ككل و في المجتمع الجزائري بصفة خاصة.

هناك من دعا إلى تكريس فكرة المواطنة في المنظومة التربوية و جعلها مادة إجبارية في المقررات المدرسية، و لقي هذا المقترح عدة انتقادات ، و قال معارضو هذا المقترح أن ذلك غير كاف بل سابق لأوانه طالما المشكلة التربوية لم تعالج من جذورها أخلاقيا و فكريا، وفكرة المواطنة ما تزال بعيد المنال في البلاد التي تعيش مرحلة انتقالية، كما أن مفهوم المواطنة لم يحدد في جانبه البيداغوجي التربوي، و كيف نغرس هذه الفكرة في أذهان الجيل الجديد، و لأن التربية وحدها الكفيلة بعلاج المشكلات المطروحة، فالمواطنة لا تعني فقط أن يكون لنا الحق في التعبير عن الرأي و المشاركة السياسية أو تلك الحقوق التي أوردها الدستور كالسكن و الشغل و حق التداوي و ما إلى ذلك، و إنما ان يكون لنا الحِسُّ الوطنيُّ تجاه الآخر أو من يحيط بنا حتى لو كان على غير ديننا و مذهبنا أو ثقافتنا تختلف عن ثقافته.، لقد صاغت المنظمة الدولية مفهوم "المواطنة" من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، و ذلك في إطار التحول الديمقراطي الذي يعتبر وسيلة لتحقيق العديد من الأهداف السياسية، ، فما يعرفه العامة عن المواطنة سوى أنها تعني أن جميع أبناء الوطن يعيشون متساوون في الحقوق بدون أدنى تمييز، يشعر فيها المواطن بالانتماء و الولاء للوطن، و تأتي المواطنة من خلال وعي المواطن بأنه حرٌّ في بلاده و ليس مجرد مقيم يخضع لنظام معين، دون أن يشارك في صنع القرارات.

فكان الإهمال التام للجانب الاجتماعي و التربوي في بناء المواطن الصالح، و في مقدمته المدرسة التي تعمل على التنشئة الاجتماعية، و تسليح العنصر البشري بسلاح المعرفة، وهذا ما أفرزته مواطنة السوق للأسف من بؤس و تفقير و تهميش و لا مساواة أمام المواطنة الحقيقية، فهذه الفلسفات و السياسيات أنشأت مواطنا ماديا همّه سوى الكسب السريع، و أنشأت جيلا سلبيا جعلته إمّا متكاسلا عاطلا لا يفكر و لا يعمل، و إما مجرما يمتهن السرقات و تعاطي المخدرات..الخ، فالمواطنة الحقيقية حسب علماء الاجتماعي وسيلة للإندماج الاجتماعي قبل الاندماج الاقتصادي، أي وسيلة للتحسيس بالعيش في المجتمع و قالوا أن المواطنة تاريخية، و ليست وليدة الساعة و هنا وجب حل إشكالية المواطنة بكل أبعادها ، حتى يمكن لها أن تصمد أمام مد العولمة، و تبعث في النشء الاعتزاز بالهوية و تمنحه القدرة على فهم الحقوق و الواجبات وتحمله المسؤولية و هو يتفاعل مع الآخرين، فمن هنا يبدأ مشروع بناء المواطن الصالح، و هنا يدخل دور "المجتمع المدني" في مواجهة العقبات و خلق بيئة مناسبة، يكون فيها المواطن مواطنا صالحا .

علجية عيش

تعليقات

لم يعد للمواطنة من معنى أساسي في غياب سلوك تربوي وحضاري يدرج عليه الطفل منذ البداية في وسط أسري يؤمن حقيقة بمدى فاعلية المواطنه التي لعبت بهاأيدي السياسين الذين لا يهمهم الوطن بقدر ما تهمهم المصالح الشخصية والنفعية الذاتيةفالمدرسة مسكينة تديرها فئة شبه متعلمة تحتاج الى لرسكلة من جديد وخاصة بعد خروج قوافل المربين والأساتذة أصحاب الخبرة والكفاءة. رعى الله هذا الوطن الحبيب
 
أعلى