علجية عيش - الزعيم التركي طيب رجب أردوغان مسيرة حافلة بالتحديات و المغامرات

الزعيم التركي طيب رجب أردوغان مسيرة حافلة بالتحديات و المغامرات

(جزائريون يباركون أردوغان على فوزه الساحق في الانتخابات)

عمت فرحة الجزائريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لفوز الرئيس التركي طيب رجب أردوغان المنتهية عهدته لولاية ثانية على رأس الدولة التركية، و قال ملاحظون أن رجب طيب أردوغان الحاكم الوحيد الذي جسد الديمقراطية فوق تراب بلده ، و علق آخرون بالقول: إن فوز أردوغان بولاية ثانية هو انتصار للتيار الإسلامي في تركيا مشيدين بإنجازات الرجل و حبه و إخلاصه لتركيا مما اهله ليحمل صفة "الزعيم التركي المعتدل"
347562834_1404566963696781_8055372328589456150_n.jpg

و كانت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت ما بخصوص اعتزازه بأجداده العثمانيين قد اثارت كثير من الجدل في مقال نشر على موقع "الجيش العربي" في ظل تعالي اصوات بإعادة كتابة تاريخ الدولة العثمانية و إبراز صفحات من التاريخ الإسلامي رغم انقضاء ما يزيد عن مائة عام على نهاية حكم الدولة العثمانية، هو المقال الذي كتبه - عبد الناصر نهار- لاسيما و بعض الأصوات بالغت في انتقاداتها للحكم العثماني و وصف الدولة العثمانية بأنها غازية و راحت أصوات أخرى باتهامها بالهمجية و البربرية بل قالت أنها دولة إرهابية ، و أن تركيا بقيادة أردوغان تسعى إلى إذكاء الفتن الطائفية، في محاولة منها إعادة النظر في العلاقات التركية السعودية و العلاقات التركية اللبنانية و كذلك العلاقات التركية السورية و ما يدور بين الحكومتين من خلافات أشار إليها الكاتب في مقاله، طبعا لا يسع المجال لذكر تفاصيلها هنا، و قدم الكاتب أمثلة حية عن تاريخ الدولة العثمانية من خلال مسلسل "حريم السلطان" الذي تم عرضه على الشاشات العربية و كيف تفشت مظاهر العنف و القتل من أجل السلطة، حيث لقي بعض الانزعاج لدى الجمهور التركي و حتى حزب العدالة و التنمية الحاكم الذي ينتمي إليه الرئيس رجب أردوغان .

و لا شك أنها تحركات المعارضة للإطاحة بالنظام الحاكم، خاصة و أردوغان ما يلبث في كل خطاب له أن تستلهم الدول و الشعوب من التجربة التركية و توعد ببناء تركيا جديدة بحلول 2023 ، و ها هي تركيا الديمقراطية تجدد ثقتها في رئيسها ، الذي دعا ذات يوم إلى استعادة تعلم اللغة العثمانية في المدارس التركية من أجل تجسيد مشروع "التتريك "، وللتذكير فإن الدولة العثمانية منذ نشأتها كانت تشكل هاجسا كبيرا بالنسبة للأوروبيين، لسبب واحد هو أنها كانت العدو الأكبر للمسيحية الأوروبية، فقد تعرضت الدولة العثمانية إلى حملات عنيفة ظاهرها محاربة الظلم و الفساد و باطنها التشهير بها و النيل منها وصولا إلى تفتيتها و القضاء على جسدها كأمة واحدة بعد سلخ الأمم و الشعوب التي جسدت وحدة هذه الأمة، حيث انطلق الغرب الاستعماري و الصهيونية العالمية في بث هذه السموم فاستخدموا أساليب الطعن و التشويه و التشكيك فيما قام به العثمانيون من خدمة الإسلام و عقيدته، و بدأت معاهد الاستشراق و الجامعات الأوروبية الاهتمام بالتاريخ العثماني، و ظهرت دراسات معادية لهذه الدولة و للإسلام عموماـ، خاصة بعد سقوط القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية التي حولها العثمانيون إلى دار الإسلام و أطلقوا عليها اسم "إسلام بول" أي دار الإسلام فتأثرت نفوس الأوروبيين بنزعة الحقد و المرارة الموروثة ضد الإسلام.

ينتسب العثمانيون إلى قبيلة تركمانية كانت في بداية القرن السابع الهجري تعيش في كردستان و تزاول مهنة الرعي، و نتيجة للغزو المغولي بقيادة جنكيز خان على العراق و مناطق شرق آسيا الصغرى، فإن سليمان جد عثمان الأول بن أرطغول مؤسس الدولة ،هاجر إلى بلاد الأناضول و استقر في مدينة أخلاط ( شرق تركيا الحالية)، وقد أحرزت الدولة العثمانية انتصارات باهرة باسم الإسلام و وصلت في فتوحاتها إلى فيينا عاصمة النمسا و قامت بدور هام في نشر الإسلام و وحدت الشعوب الإسلامية في إطار يعتمد على المساواة بينهم دون تفريق في الجنس و اللون، فتاريخ الأتراك حسب الدراسات يعود إلى تاريخ استيطان عشائر "الغز" التي عرفت بالترك أو الأتراك ، و هي منطقة ما وراء النهر و المسماة اليوم ( تركستان) و التي تمتد من هضبة منغوليا و شمال الصين شرقا إلى بحر الخزر ( بحر قزوين) وقذ اعتنق الأتراك الإسلام في عهد الخليفة عثمان بن عفان ، و على يدهم فتحت بلاد بخارى في عهد معاوية بن ابي سفيان و وصول جيوشها بسمرقند ، و قاد الأتراك حروبا عديدة أهمها حرب القرم و الحرب مع العجم، و حربها مع الحركة "الوهابية" في جزيرة العرب ثم ثورة اليونان، و حرب الشام الأولى بين محمد علي باشا و الدولة العثمانية.

فقد تعرضت الدولة العثمانية إلى حملات عنيفة ظاهرها محاربة الظلم و الفساد و باطنها التشهير بها و النيل منها وصولا إلى تفتيتها و القضاء على جسدها كأمة واحدة بعد سلخ الأمم و الشعوب التي جسدت وحدة هذه الأمة، حيث انطلق الغرب الاستعماري و الصهيونية العالمية في بث هذه السموم فاستخدموا أساليب الطعن و التشويه و التشكيك فيما قام به العثمانيون من خدمة الإسلام و عقيدته، و بدأت معاهد الاستشراق و الجامعات الأوروبية الاهتمام بالتاريخ العثماني، و ظهرت دراسات معادية لهذه الدولة و للإسلام عموما ، خاصة بعد سقوط القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية التي حولها العثمانيون إلى دار الإسلام و أطلقوا عليها اسم "إسلام بول" أي دار الإسلام فتأثرت نفوس الأوروبيين بنزعة الحقد و المرارة الموروثة ضد الإسلام، ما يعاب على بعض الباحثين و منهم الدكتور عدنان العطار الذي لم يتطرق إلى كيف ارتبط مصير الجزائريين بمصير الدولة العثمانية مثلما تحدث عن لبنان و المسالة المارونية و تسليم فرنسا السلاح للكاثوليك و كيف نشب الصراع بين الدروز و المراونة، بالمقارنة مع بعض الكتابات التي تطرقت إلى علاقة الجزائر بالدولة العثمانية منذ عام 1518 أي منذ اكثر من 03 قرون من حكم العثمانيين للجزائر باسم الخلافة العثمانية إلى غاية الاحتلال الفرنسي ( 1830) الذي حاول فصل الجزائر سياسيا عن الدولة العثمانية و وضعه حدا للوجود العثماني، لكن فشل في تحريض الجزائريين على العثمانيين.

تشير الكتابات أن الوجود العثماني في الجزائر تميز بالحضور الألباني في الفترة بين 1516 و 1830 عن طريق البحارة حتى أصبحت أغلبية رياس البحر من الألبان أو الأرناؤوط في السنوات الأخيرة للحكم العثماني، كما ارتبطت إيالة طرابلس الغرب ( ليبيا) و الجزائر في العصر العثماني بروابط عديدة حيث شهدت العلاقات بين الطرفين ازدهارا ملحوظا و على مختلف الأصعدة، كانت إيالة الجزائر من ابرز الولايات العثمانية التي ارتبطت بعلاقات مع طرابلس القرمانلية ، و يذهب باحثون آخرون للحديث عن علاقة الكراغلة بالجزائر العثمانية في طرابلس الغرب، مثلما اشار إليه الدكتور عقيل البربار من ليبيا ، و الكراغلة هم عسكر محليون و هم خليط بين الطرابلسيين و الجزائريين مهمتهم مساندة الدولة العثمانية في جمع الضرائب و في فض النزاعات مقابل الحصول على الإعفاء من دفعها، لكن ماهي الأخطاء التي ارتكبها الوجود التركي في الجزاٍئر؟ فالرابطة بين الأتراك و الجزائريين هي الإسلام و الخلافة ، فقد اكتسب الأتراك مشروعية وجودهم في الجزائر من خلال جهادهم ضد القوات الأجنبية و تحرير الأرض، لكن الحكام العثمانيين استغلوا هذا الوضع فترّكوا الحكم و نظروا إلى الجزائريين نظرة الغالب و المغلوب، بل فرضوا الاستبداد المطلق في تسييرهم الأمور الداخلية، بل حاولت السلطة العثمانية أن تفرض المذهب "الحنفي" على الجزائريين و أن يتحكم في اوقافهم ، فأنشأوا إدارة محلية يتولى المفتي الأكبر الإشراف عليها، تتحدث تقارير عن وثائق الأحكام الشرعية الموجودة بالأرشيف الوطني الجزائري حيث تحتوي على عقود تحبيس الأملاك، تعود إلى بداية القرن التاسع عشر و كانت هذه العقود في معظمها على المذهب الحنفي.

أردوغان بدأ مشواره الانتخابي بملف "القمامة" و مشاكل البيئة

بدأ طيب رجب أردوغان مشواره السياسي و الانتخابي عندما تأسس حزب "الرّفاه الإسلامي" و كان أردوغان من بين الذين انظموا الى صفوف الحزب و أصبح في فترة وجيزة من ابرز الشخصيات في الحزب في مدينة اسطنبول من خلال إنشاء داخل الحزب لجان منها لجنة البيئة و لجنة الصحة، و في الانتخابات المحلية التركية، فاز رجب طيب أردوغان كرئيس بلدية " باي أوغلو" التابعة لبلدية اسطنبول الكبرى رغم أن هذه البلدية لم تكن فيها قاعدة شعبية للحزب الذي ترشح باسمه و كان ترشحه موضع معارضة القيادة المركزية للحزب، حيث أدار دفّة تسيير ملف القمامة بكل كفاءة و اقتدار، مما جعله محبوبا في عداد أحياء بلدية اسطنبول الكبرى، و من بلدية باي أوغلو بدأت مرحلة إثبات الذات عند أردوغان مكنته من دخول سباق محليات 1994 و الفوز برئاسة بلدية اسطنبول الكبرى و تحدى العقبات التي كانت تقف في وجهه من خلال منعه من المرور عبر الشاشات و تجهله من قبل الإعلام التركي الذي كان هدفه إظهار أردوغان رجل غير جدير بالمسؤولية، و ترويج حوله الشائعات الباطلة كي تقلص حظوظه من الفوز، لكن أردوغان واجه خصومه في السياسة و الإعلام محاولا ضخ أفكار التجديد و الديمقراطية.​

تسلم أردوغان بلدية اسطنبول و هي تعاني العديد من المشكلات نتيجة الإهمال و التسيب الذي كانت تعيش فيه الإدارة المحلية و الفساد المالي و البيروقراطية، و كانت طرقات اسطنبول في وضع صعب، فكان أول عمل قام به أردوغان هو تنظيم الإدارة و إعادة هيكلتها، ثم انطلق في تنظيف الشوارع ضمن حملة واسعة تستهدف إزالة جبال "القمامة" ، من خلال إنشاء 06 محطات تدوير، فأزال المزابل و نسّق الحدائق و شرع في عملية التشجير، فكان طيلة رئاسته بلدية اسطنبول الكبرى قد غرس أكثر من مليون شجرة، و أصبحت بفضلها الشوارع نظيفة، و حسب تقرير خاص للدكتور عبد اللطيف بن العربي بونشادة في كتاب خص به سيرة أردوغان تحت عنوان : " سيرة زعيم و حياة عظيم" صدرت طبعته الأولى في 2012 ، فإن كمية القمامة في اسطنبول كانت تقدر بـ: 8000 طن يوميا مما يجعل التحكم فيها صعب جدا.

بالموازاة مع ذلك شرع في حل مشاكل المياه، حيث تمكن من حفر أكثر من 40 بئر جوفية في عهدة واحدة، ثم تولى إعادة قنوات الصرف الصحي، و الطرقات و مشاكل الكهرباء، ثم الغاز الطبيعي فمن 180 ألف بيت استفاد من الغاز قفز العدد الى 300 ألف منزل، و لم يتوقف أردوغان عند هذا الحد بل شنّ حربا على ظاهرة تهريب الفحم الرديء و منع بيعه في السوق من اجل حماية المحيط البيئي من التلوث، حيث حقق تحسن كبير في الهواء بنسبة 70 بالمائة، فقد جعل أردوغان من مدينة اسطنبول مثالا في النظافة و النظام من خلال حرصه على تسليم المشاريع الكبيرة منها و الصغيرة في وقتها المحدد.

كما أصبح لبلدية اسطنبول فائض في الميزانية بعدما كانت مثقلة بالديون، و يمكن المقارنة بين بلدية اسطنبول و بلدية قسنطينة، بحيث عادة ما نسمع من رؤساء المجالس المنتخبة في طل دورة تناقش فيها ميزانية البلدية الأولية أو الإضافية وجود فائض في ميزانية البلدية في وقت معظم المشاريع غير مكتملة و أخرى موقفة لسبب من الأسباب ، كما أن معظم المشاريع التي تنجز تتوقف عند تجديد الطرقات و الأرصفة ، بحيث مع كل مير جديد أول ما يقوم به هذا المير هو تغيير الأرصفة، و في كل مرة تخصص ميزانية لهذا الأشغال، و لا أحد يعرف مصدر توجيه هذه الأموال التي تعتبر أموال الشعب.

أبيات رددها أردوغان انتهت به الى السجن

و قبل أن يترقى الى منصب رئيس الوزراء كان رجب طيب أردوغان قد تلقى طعنات الغدر و الخيانة من قبل العلمانيين، الذين رفعوا ضده دعوى قضائية عندما ردد في خطاب له أبيات للشاعر ( ضياء غوك ألب) قال فيها: (مساجدنا ثكناتنا ، قبابنا خوذاتنا، مآذننا حرابنا، المصلون جنودنا، هذا الجيش المقدس يحرس ديننا )، و أدخلته هذه الأبيات السجن لمدة 04 أشهر بتهمة استنهاض مشاعر الغضب و العداوة بترميزه على الفوارق الدينية و العرقية، ثم إقصائه من رئاسة البلدية و حرمانه من ممارسة أي نشاط سياسي مدة الحياة، كما أغلق حزب الرفاه بتهمة معاداة العلمانية و انتهاك علمانية الدولة و صدر الحكم في جانفي 1998 ، كان هذا القرار مفاجأة للإسلاميين عامةـ لينتقل أردوغان الى حزب الفضيلة و من هنا بدا مشروع أردوغان السياسي من أجل " التغيير" و كان مصير حزب الفضيلة كمصير الرفاه، أين تم غلقه في جويلية 2002 بسبب مواقفه السياسية المعادية النظام ، لكن "التجديديين" و من بينهم أردوغان لم يتملكهم اليأس، بل راحوا يدرسون لتأسيس حزب جديد، فكان حزب العدالة و التنمية ، انضم إليهم أعضاء الفضيلة و أيدته الغالبية العظمى من القاعدة الإسلامية.

كان من حظ رجب طيب أردوغان أن تم تغيير المادة 76 من الدستور و التي تقضي بالمعاقبة بالمنع من ممارسة أي نشاط سياسي لمن يقوم بالأفعال الإيديولوجية و التحريضية بطلب من نواب البرلمان، حيث استغل أردوغان هذه الفرصة و ترشح للبرلمان و منه تسلم رئاسة الوزراء و حقق المعجزة بالنهوض بتركيا سياسيا و اقتصاديا، الكثير من داخل تركيا و خارجها يجمعون على نجاح رجب طيب أردوغان يعود إلى خصاله الحميدة التي يتميز بها ، جعلته يجتاز كل العقبات التي واجهته و العداء الإعلامي له، و من بين هذه الخصال ( الإخلاص و حب الوطن و خدمة شعبه لدرجة أنه لم يكن يتحدث بلغة أجنبية عدا لغة وطنه، و هذا من علامات احترام و حب الوطن، التخطيط و السهر على تنفيذ البرامج، كذلك تغليب مصلحة المجتمع على المصلحة الحزبية الضيقة، ثم التواضع ، حيث كان يجلس إلى الفقراء و يفطر معهم في رمضان وسط بيوتهم و دون علمهم و كان حبه للشعب التركي حبا صادقا لا نفاق فيه و لا رياء مما جعله يكسب قلوب الناس جميعا، و ها هو حزب العدالة و التنمية التركي يتصدر نتائج الانتخابات الأخيرة بنسبة قياسية على أحزاب المعارضة، و هذا النجاح أهل طيب رجب أردوغان للحصول على ولاية ثانية

ويظل الصراع بين أسلمه تركيا و علمنتها ؟

لا يختلف إتنان طبعا أن كل الانقلابات التي تحدث في العالم الهدف منها التحكم بزمام السلطة و الانفراد بالحكم ، والانقلاب هو مرادف لظاهرة الطغيان الإنساني، و قد ظلت جدلية "السيطرة و الانصياع" قائمة منذ بداية التاريخ ، حاول فيها الإنسان أن يُخَدِّرَ الآخر بأفيون القوة، فأنتج إنسانا ما بعد الحضارة، و التاريخ ينقل لنا مأساة الإنسان ما بعد الحضارة، فمثلما حدث في العراق يحدث في سوريا التي كانت عاصمتها دمشق أقدم مدينة في الحضارة الإسلامية، و يحدث الآن في تركيا، و لهو دليل على بداية نهاية الحضارات من جهة و سقوط الإمبراطوريات من جهة أخرى، و يأخذنا الحديث هنا إلى الوصية الثانية عشر التي وضعها رئيس الولايات المتحدة "وولسون وودرو" لتحقيق الشروط الأساسية للسلام لكل الشعوب و الجنسيات و تقرير مصيرها، ففي حديثه عن "الإمبراطورية العثمانية" استعمل كلمة "نهضة مستقلة" من أجل تجنب الخوض في مسألة مستقبل القوميات الخاضعة للإمبراطورية العثمانية، و لذا، فبعض المواقف تدفع بصاحبها إلى الانقلاب عليه، إذا قلنا أن تركيا في عهد أردوغان عرفت موجة من العنف، خاصة ضد "المرأة" ، بسبب العادات العشائرية التي ما تزال سائدة إلى اليوم في المجتمع التركي، و قد استغلت "المعارضة التركية" هذا الوضع، لدرجة أن فتح الله جولن و هو الخصم الرئيسي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد وجه له تهمة الوقوف خلف محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا ، وقال أنه لا يستبعد أن يكون أردوغان نفسه من دبر هذه المحاولة.

و كما يبدو فإن طيب رجب أردوغان رغم موقفه النبيل و المشرف من جعل الجيش التركي القوة الرّادعة في العالم و في المنطق ككل، من خلال تعزيز الصناعة الدفاعية، و تزويد الجيش التركي بأسلحة و معدات من إنتاج محلي ( تركي)، يجعله في موضع انتقاد و كراهية، فمن جهة لأنه ذو أصول إسلامية رغم موقفه المتمثل في أن تظل تركيا دولة "علمانية " من أجل الحفاظ على الديمقراطية و حقوق الإنسان ، لكن الانقلاب على أردوغان له طابع اقتصادي أكثر ما هو سياسي، و ما لا يدعو إلى الشك أن الولايات المتحدة لها يد في ذلك، لأنها لا تريد أن يكون لها منافسا في مجال التسليح و القوة العسكرية، و لذلك لجأت إلى مخططاتها المعروفة ، بأن تخلق داخل تركيا حالة من التوتر، و تخلق حرب بين أقوام يجمعهم دين واحد، و يتكلمون لغة مشتركة و يتقاسمون نفس العادات، و قد سبق و أن كشفت الولايات المتحدة عن قلقها من القرار التركي في الدخول في عملية إنتاج مشترك مع شركة صينية لتصنيع نظام دفاع جوى وصاروخي بعيد المدى، فمنذ اعتلاء أردوغان سدة الحكم و هو يحاول التغيير، من خلال إنشاء نظام جديد يتمتع فيه جميع المواطنين بدورهم الكامل في المشاركة في شؤون دولتهم، و يجعل من المواطن التركي مواطنا مُحَرَّرُ الإرادة و ليس عصا للضرب بكل يد، أو طبلا جاهزا للقرع بكل الأنغام، و خلقت سياسة أردوغان عداءً كبيرا لدى خصومه الانقلابيين ، كون الرجل يسعى لأن يجعل من تركيا بلدا مسلما مستقلا بعيدا عن التهديدات.

ملف/ علجية عيش
  • Like
التفاعلات: نقوس المهدي

تعليقات

تحيات طيبات استاذة علجية عيش

فوز اردوغان في الانتخابات هو انتصار للديمقراطية في وطن يعرف ديانات متنوعة واجناس مختلفين.. مما يبين نجاعة فصل الدين عن الدولة واعتماد نظام منفتح يرضي كل الحساسيات الايديولوجيةوالعقائدية، والبرهنة على انه في الاسلام السياسي ديمقراطية وعدالة وعلمانية أيضا، أيضا طالما يتم تسيرها ومعالجتها برشد وحكمة وكياسة، سمات غطى عنها المسئولون المسلمون العرب بعنجهية وشوفينية.. حتى بتنا نعتقد بأن بين الدين الاسلامي والديمقراطية نفور، وأنهما ضدان لا يلتقيان.. وحيثما وجد المد الاسلاموي فهناك ظلم وسرقات ونهب وغمط لحقوق المواطنين وكذب ورياء وتحجر وانغلاق وظلامية، وكراهية، وولاء للأجنبي، وهلم قياسا.. ولنا في تاريخ الشعوب حقائق لا بمكن دفعها بداية من حزب "العدالة والتنمية" في المغرب الذي جاء بكائنات جائعة محرومة مكبوتة مارسوا فينا حقهم من الانتقام لماضيهم المظلم والبائس، وفي الجزائر ايام العشرية المظلمة، او في تونس مع "حركة النهضة"مع المجرم الغنوشي واغتياله لخيرة أبناء الشعب التونسي، أو في ليبيا، ومصر مع عصابة الاخوان الذين نأنف أن نقرنهم بالمسلمين، والسودان ومشاكله الراهنة، وفي لينان مع حزب الله، وسوريا، والعراق، ودول الخليج.. عصابات اجرامية أشد ايذاءا وعداء لاوطانهم، عملاء شعارهم السيطرة على مقاليد الحكم في البلاد او احراقه بما فيه..
هنيئا للاتراك بهذا الزعيم المثالي الذي صحح مسار الحكم واعطى صورة ناصعة لانتصار العدالة الاجتماعية وللديمقراطية، وأقسم بأنه ما دام حيا فلن يجوع مواطن في تركيا، وحتى الطيور في وكناتها عملا بقول الخليفة عمر بن عبدالعزيز

محبات
 
التعديل الأخير:
متى يلتم شمل المغاربة و نبني وحدة الغرب العربي؟ سؤال موجه للقادة و الحكام في المغرب العربي، كفانا من الصراعات و الإنقسامية التي حولت الإخوة إلى أعداء
 
أعلى